تقرير جوني فخري في “العربية”:
بعد كل التقارير الإعلامية عن تلميحات وإشارات من الجانب الروسي، فضلاً عن موقف أميركا الواضح، بضرورة انسحاب القوات الإيرانية و”حزب الله” من سوريا، أشارت معلومات خاصة لـ”العربية.نت” إلى أن حزب الله بدأ ينسحب تدريجياً من مناطق المواجهة المتبقية في سوريا، باستثناء كفرنبل والزهراء، نتيجة الخسائر البشرية الكبيرة التي تكبّدها على مدى السنوات الـ8 المنصرمة، لكن السبب الأهم يعود إلى “تقليص النفقات”.
كما يأتي انسحاب حزب الله التدريجي، بسبب غياب الدعم الجوي من القوات الروسية وحجب الإحداثيات عنه، ما جعل قواعده العسكرية مكشوفة أمام الغارات الإسرائيلية وبعض ضربات قوى المعارضة.
كما كشفت المعلومات لـ”العربية.نت”، عن “أن الثقل الروسي في سوريا، لاسيما في المجال الجوي السوري، يأتي على حساب “الحليف المُفترض” الإيراني وميليشياته الشيعية وحزب الله الذي بات وجوده العسكري هناك محصوراً ببعض الجبهات في ريف حلب ومنطقتي نبل والزهراء”.
وكانت معلومات تحدثت عن أن روسيا طلبت من “حزب الله” والميليشيات المدعومة من ايران أن تخلي مواقعها في ريفي حمص الغربي والجنوبي.
ونُقل عن متابعين للملف السوري، أن إخلاء حمص والساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) من “حزب الله” والإيرانيين، ليس صراع نفوذ خفيا بين الروس والإيرانيون كما يروّج له البعض، إنما شرط أميركي أساسي من أجل عودة واشنطن للمشاركة في العملية السياسية، التي يجب أن تسفر بنهايتها عن حل سياسي للأزمة السورية تنطلق بعدها ورشة إعادة الإعمار.
انكفاء إيراني!
واعتبرت مصادر مطّلعة على الصراع السوري لـ”العربية.نت”: “ان هناك انكفاءً إيرانياً في سوريا بسبب الضغط الأميركي أكثر منه الروسي، وهم يحاولون من خلاله “إرسال” رسالة إيجابية إلى واشنطن”.
وقد ظهرت هذه المرونة في لبنان أيضاً، بحسب المصادر عبر التراجع الذي أبداه “حزب الله” تجاه ما حمله نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط دايفيد ساترفيلد لفضّ النزاع الحدودي البحري بين بيروت وتل أبيب.
فوفق المصادر المطّلعة كان “حزب الله” متساهلاً في الموافقة على الوساطة الأميركية والرعاية الأممية (عبر قوات الأمم المتحدة “اليونيفيل”) لمفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل لحلّ النزاع البحري، بعدما كان يتعاطى “بتصلّب” مع هذه المسألة سابقا، والسبب “إيران” على ما يبدو.
إلا أن المصادر نفسها لفتت في المقابل إلى “أن هذا الانكفاء الإيراني “تكتيكي” من دون أن يعني تراجعاً نهائياً، لإظهار حسن نيّة تجاه واشنطن من أجل تخفيف الضغط على طهران”.
الأزمة المالية وتأثير العقوبات الأميركية
وبين سطور الرسائل الإيرانية لواشنطن يبرز حجم تأثير العقوبات الأميركية على “حزب الله”، لا سيما أن حوالي 700 مليون دولار من عائدات النفط كان يُنفقها النظام الإيراني سنوياً عليه باتت الآن “في خبر كان” نتيجة استراتيجية الولايات المتحدة الجديدة تجاه إيران بتصفير النفط.
وساهمت العقوبات بتقليص عدد مقاتلي حزب الله على الجبهات السورية، خصوصاً في المناطق التي لا يعتبرها استراتيجية، وذلك بسبب ارتفاع التكاليف المترتبة عليه، كونه يدفع رواتب عالية ويوفّر الرعاية الصحية للمقاتلين في سوريا وإلى “عائلات الشهداء”.
وأوضحت مصادر لبنانية مطّلعة لـ”العربية.نت”: “أن الأزمة المالية التي تعصف بـ”حزب الله” انعكست سلباً على وجوده في سوريا من خلال سحب عدد كبير من المقاتلين بسبب تراجع الدعم المالي الإيراني له نتيجة العقوبات”.
غياب النشاطات الحزبية
وفي مشهد يعكس مدى الآثار السلبية للعقوبات على حزب الله ونشاطاته الحزبية في لبنان، أشارت المصادر إلى “أن مظاهر الاحتفال غابت عن ذكرى التحرير هذا العام (25أيار) التي يعتبرها “حزب الله” أهم ذكرى في روزنامة نشاطاته الحزبية”.
ففي العادة كان “حزب الله” يُنظّم احتفالاً مركزياً إما في منطقة بنت جبيل في الجنوب أو مدينة بعلبك في البقاع أو في الضاحية الجنوبية يحضره حشد كبير من مناصري الحزب، إضافةً إلى احتفالات ونشاطات في أكثر من منطقة لبنانية مع رفع لافتات وصور تُذكّر بإنجاز التحرير في 25 ايار 2000 إلا أن الاحتفال المركزي هذا العام لم يحصل كما الإعلانات واللافتات، لأنها تحتاج إلى تمويل ضخم. حتى إن “يوم القدس” الذي يُنظّمه الحزب في احتفالين تم حصره بواحد نتيجة كلفته المالية”.
إلى ذلك، أشارت المصادر إلى “أن الحزب يتهيّأ للمرحلة الآتية بكثير من القلق، وبالتالي هو يتأقلم مع العقوبات على إيران بتخفيض النفقات بشكل كبير”.