كتبت زينا حاوي في “الاخبار”:
قبل أيام قليلة، احتفت الممثلة المسرحية المخضرمة عايدة صبرا، على صفحتها الفايسبوكية الخاصة، بعودة خريجي ومخضرمي «الجامعة اللبنانية» الذين «أثبتوا قدرات مدهشة في التمثيل» إلى ساحات الدراما اللبنانية. عودة لافتة ومطلوبة لوجوه لها ثقلها في عالم التمثيل والمسرح، تُثري اليوم المسلسلات اللبنانية، رغم التفاوت في باقي العناصر المؤلفة للعمل التلفزيوني، أكانت القصة أو أداء زملاء لهم في المسلسل نفسه.
لعلّ الأستاذة الجامعية في «كلية الفنون» (الجامعة اللبنانية)، تقصد في تغريدتها، بشكل أساسي المسلسل الذي تشارك فيه «انتي مين؟» (قصة سيناريو وحوار كارين رزق الله ـــ إخراج إيلي حبيب ــــ mtv) الذي يجمع ثلة من الممثلين/ات المخضرمين، بعدما غاب بعضهم طويلاً عن الشاشة، كالممثلة المحترفة جوليا قصار، التي تؤدي دوراً محورياً ومختلفاً في المسلسل. إذ تجسد شخصية مقاتلة سابقة في الحرب الأهلية، تبتعد طوعاً عن أسرتها الأولى، وتهرب إلى حبيبها وتنجب منه ابنتها «جهاد» (كارين رزق الله)، من دون زواج، ثم تفرّ مجدداً لسنوات طوال. ترافقها في هذا الدور عايدة صبرا، أو «نجوى» كصديقة ومساندة لها في حياتها، تُصاب بقدمها في الحرب، فتصبح عرجاء. ثنائي عاد إلى الشاشة بعد غياب طويل، إلى جانب عمار شلق، الذي يلعب دور البطولة إلى جانب رزق الله، ويطوي تحت شخصيته العديد من الوجوه التي أجبرته الظروف على الامتثال لها. شلق أيضاً، خرّيج مسرحي من الطراز الأول، نجح أخيراً في مسلسل «ثواني» (كتابة: كلوديا مرشليان- إخراج سمير حبشي -lbci) الذي عرض قبيل رمضان. إذ لعب دور «رائد» سائق الأجرة المعدم، الذي يبيع ذمته للذي يدفع أكثر، عدا شخصيته الذكورية، المتحكمة بامرأتين تزوّج بهما. بدا الدور هنا، مختلفاً لشلق، الذي احترف ارتداء هذه الشخصية وتفنن في استخدام أدواتها اللفظية والشكلية. طبعاً، «إنتي مين؟» منكّه بأداء ملفت للممثلة أنجو ريحان، التي تلعب دور جارة «جهاد». شخصية حيوية ومختلفة، أبرزت قدرات ريحان ومهاراتها. لعلّ المشهد الأبرز، كان عندما وقفت إلى جانب الممثل المخضرم نقولا دانيال، وبدأت تشكو له سوء أحوالها المادية، ويأسها من الواقع، وضيق أملها في إيجاد منفذ يعينها. هنا، بدا الأداء أشبه بمونولوج، برعت الممثلة الشابة في تنفيذه، كأنها على خشبة مسرح، تستفيد من المساحة المكانية الموجودة فيها، وتحوّلها إلى مشهدية مؤثرة في الحركة والكلام.
وجوه جُلبت بفضل مواصفاتها الجمالية والشكلية في ظل افتقارها إلى الموهبة
على المقلب الآخر، تعرض lbci مسلسل «أسود» (كتابة كلوديا مرشليان ــــ إخراج سمير حبشي) الذي يتصدّر بطولته باسم مغنية (خريج المعهد العالي للفنون) بشخصية «أسود» الذي تعرّض للاغتصاب الجنسي في الصغر، وسرعان ما يحاول الانتقام عندما يصبح صاحب نفوذ. طبعاً، المسلسل ضعيف في الحبكة، وغير ممسوك أبداً، عدا الاستسهال في تركيب الأحداث التي بدت مصطنعة في بعض الأحيان. حتى إنّ دور مغنية، لم يكن مشبعاً بالكامل في تجسيد هذه الشخصية المركبة، والممزوجة ما بين الطيبة والشرّ. مع هذه العودة الميمونة لوجوه غيبتها شركات الإنتاج والرؤوس المتحكمة بصناعة المسلسلات، نكون أمام معادلة جديدة، تُرخي بثقلها على صناعة الدراما اللبنانية، وتضع جانباً تكريس وجوه لا علاقة لها بالتمثيل وبهذا العالم. وجوه جلبت بفضل مواصفاتها الجمالية والشكلية في ظل افتقارها للموهبة. وهذا ما يمكن أن يكون حجر أساس لتغيّر حقيقي ــ إذا ما استمر ـــ في الدراما اللبنانية، وعودتها إلى قواعدها سالمة.