صحيح أن العيون ستكون على حزب الكتائب في نقاشات الموازنة في مجلس النواب، بوصفه رأس حربة المعارضة، التي تتفرد في التغريد خارج السرب الحكومي لتصويب الأداء الوزاري عندما تدعو الحاجة. وفي انتظار بلوغ الموازنة القاعة العامة ، اغتنم رئيس الكتائب النائب سامي الجميل فرصة هذا “الفراغ “، ليزور العلامة السيد علي فضل الله، المعروف بتوجهه المؤيد لخيار المقاومة، فيما الصيفي تنادي بـ “حصر السلاح في يد الدولة”، ما يتيح طرح تساؤلات مشروعة حول أبعاد هذه الزيارة ومفاعيلها. غير أن المقربين من الجميل يعترفون بهذا التباعد، مفضلين حصر هذه “المبادرة” في بعدها الوجداني الانفتاحي على الآخر، من دون أن يفوتهم التأكيد على التمسك بضرورة نزع سلاح الحزب، من دون أن يعني ذلك القنص في اتجاه الطائفة الشيعية.
وفي السياق، أوضح نائب رئيس حزب الكتائب الوزير السابق سليم الصايغ، في حديث لـ “المركزية” أن “في رمضان، نتشارك والطوائف الاسلامية الروحانية المشتركة التي من دونها، يفقد لبنان معناه من حيث كونه رسالة تعايش صارت نمط حياة يتجاوز الشعارات الكلامية. أما في ما يخص التوقيت السياسي للزيارة ، وفي ظل ما يحكى عن انقسام في لبنان، وفي زمن “شيطنة” الآخر المختلف والتجييش الطائفي، وفيما تجري عملية إعادة رسم جغرافيا جديدة في المنطقة، يبرز دور الكتائب. اذ عليها، إنطلاقا من ثوابتها، المعروفة بعدم خضوعها لأي مساومات، ومن التزامها العميق بلبنان، اغتنام الحرية المطلقة التي تتيحها لها هذه الثوابت، في الانفتاح على الآخر المختلف والتعامل معه ببعد يتجاوز الحسابات السياسية الضيقة”.
واعتبر أن “السياسة علاقة تبادلية بين الناس لصياغة خطط عمل ومقاربات موضعية وآنية. واليوم، في ظل الاهتزازات التي تعرضت لها المنطقة، وتلك المقبلة عليها، علينا بناء شبكة أمان داخلية، بما يمنع الانشقاق، مع المحافظة على خصوصية ورأي كل منا”، مشددا على أن “عندما نتحدث عن سلاح حزب الله- الذي يجب أن ينزع-، لا نستهدف الشيعة ولا المقاومين اللبنانيين الذين صمدوا في الجنوب دفاعا عن مناطقهم وقراهم. غير أننا نستشرف، مع هؤلاء الناس، المستقبل إنطلاقا من الاعتراف المتبادل والقفز إلى ما بعد هذا الاعتراف لبناء مساحة مشتركة قائمة على الوحدة الوطنية الحقيقية، البعيدة عن منطق المحاصصة السائد اليوم”.
وإذ لفت إلى أن “هذا الانفتاح (على العلامة فضل الله) ليس جديدا بل بدأ مع العلاّمة الراحل محمد حسين فضل الله، أشار إلى أنه قِيَمي وروحي يتجاوز الاشكالية الأساسية، أي وظيفة السلاح الذي يحمله اليوم حزب الله وهو سلاح وجد للمقاومة وتحول للدفاع (فيما نحن نطالب بقيام الدولة وحصره في يدها)، ثم تحول إلى الدفاع عن أنظمة تدور في فلك محور معين في المنطقة، وهو ما لا نحتمله في لبنان”.
وأكد “أننا لا نرضى أن يحل بـ “حزب الله” ما حل بغيره من القوى المسيحية في مراحل سابقة لأن المشهد الاقليمي تغير. لكننا نريد للشباب الشيعة أن ينخرطوا في المنظومة المدنية للدولة والمجتمع، وهذا يستدعي حوارا عميقا والانطلاق في نزع السلاح ودمج هذه القوى في المجتمع، فنحن حريصون على ألا تخلق نهاية الأزمات في المنطقة، مشكلات لنا في الداخل. لذلك يجب بناء جسور مع القوى الحاضنة للشيعة في لبنان، معتبرا أن الزيارة إشارة إلى عدم تخويف بعضنا ونحن نواجه بشكل حضاري- لأن كلمة السواء يجب أن تقال بجرأة- تسلط فئة على أخرى في لبنان”.
وأعلن أن لا حوار على خط الصيفي- الضاحية. ذلك أن حزب الله ليس جاهزا بعد، علما أن التنسيق النيابي في بعض الملفات قائم في إطار اللجان، لكن لا حوار سياسيا”.
وعن الطعن الذي قدمه رئيس الكتائب و9 نواب آخرين بالقانون المتعلق بآلية تنفيذ خطة الكهرباء، وعلى وقع الكلام عن تداخلات قد تدفع المجلس الدستوري إلى اتخاذ قرار قد لا يصب في مصلحة مقدمي الطعن، نبه الصايغ إلى أن “احتمال رفض الطعن لا يعد ضربة للمعارضة بل للمؤسسات، لأن المجلس، إذا رفض الطعن، ينقض قرارات كان اتخذها سابقا، علما أن الطعن محبوك بشكل جيد والمعارضة تدرس ملفاتها جيدا”.