كتب أمين عام اتحاد البورصات العربية فادي خلف في صحيفة “الجمهورية”:
تحظى العملات الرقمية المشفّرة باهتمام متتبّعي الأسواق المالية. وتحتل بتكوين الصدارة وتأخذ حيزاً كبيراً من المتابعة في محاولة للتنبُّؤ بمستقبل هذه العملة.
البتكوين هذه العملة المشفّرة أسّسها ساتوشي ناكاموتو في العام 2009، وهو شخص ما زال مجهول باقي الهوية حتى الآن. يوجد منها 21 مليون وحدة فقط في العالم حالياً، فُقِدَ منها أربعة ملايين وبقي سبعة عشر مليوناً في التداول. هدفها الأساسي كان تسهيل التحويلات المالية وإذا بها تنحرف عن مسارها فتصبح أداةً للمضاربة وتحقيق الثروات السريعة. كما تحوّلت أيضاً أداةً للتبادلات المشبوهة كونها تنتقل من شخص الى آخر بدون إمكانية التحقق من مصدرها أو وجهتها الّا بطرق صعبة جداً ليست بعد في متناول السلطات الرقابية العالمية.
تمّ بعد ذلك خلق أكثر من ألفي عملة مشفّرة نظراً للإقبال عليها، لكنّ الأخطر من بينها عملات ثلاث هي «مونيرو»، «زيكاش» و»داش». حيث إنه إن كان من الصعب تتبّع عمليات تبادل البتكوين فإنه من رابع المستحيلات التحقق من عمليات التداول بهذه العملات الثلاث. لهذه الأسباب قام مصرف لبنان أخيراً بمنع التداول بأيٍّ من العملات المشفّرة عن طريق المصارف والشركات المالية في لبنان.
طبعاً لهذه العملات فضائل عدة إذا ما استُعملت بالطريقة الصحيحة، مثلها مثل العملة الورقية والذهب وباقي السلع. ولها سيّئاتها إذا ما استُعمِلَتْ في تبييض الأموال والتجارة غير المشروعة. ومن هذا المنطلق تُطرَحُ حالياً طريقة لإعادة عملة (أو سلعة) البتكوين الى حضن الرقابة المالية العالمية عبر خلق مشتقات من هذه العملة تكون إسمية وتحت إشراف هيئات الرقابة المالية. وفي هذا السياق، تقوم حالياً هيئة الرقابة على الأسواق المالية الاميركية بدراسة إمكانية اعتماد هذه المشتقات بطلب من بورصة شيكاغو. وفي حال الموافقة قد تُعَمَمُ هذه المشتقات عالمياً ويصبح امتلاك حساب بالبتكوين سهلاً وآمناً عبر الأسواق المالية المنظمة.
أما بالنسبة للبتكوين وتوقعاته السعرية، فما الجديد؟
في كل مرّة كان البتكوين يصحِّح من ارتفاعاته، كان العديد من المحلّلين يتسابقون على توقّع نهايته، حتى إنّ أحدهم أحصى عدد الفترات التي توقّع فيها المحللون انتهاءَ ظاهرة البتكوين بـ 249 فترة. أحد المحللين المدافعين عن قابلية البتكوين للاستمرار بالارتفاع على المدى المتوسط والبعيد، لاحظ أنه كلما تراجع البتكوين خطوتين الى الوراء عاد للتقدّم سبع خطوات. يحدث ذلك منذ حوالى تسع سنوات.
خلال عامي 2013 و2014 ارتدّ البتكوين 80% ثم عاود الارتفاع 10000%، فما هو المتوقع الآن؟ هل سنشهد سناريوهات ارتفاع مماثلة في الأعوام 2019، 2020 و2021 بعد الانخفاض الأخير؟ إنّ توقّع التقلبات المقبلة للعملات الرقمية صعب جداً، لكن العديد من خبراء العملات المشفَّرة يجزمون بأنّ سعر البتكوين سيتجاوز في العام 2021 مستويات المئة وخمسين الف دولار للبتكوين الواحد. هذا احتمال له تفسيراته التقنية في حال أعاد التاريخ نفسه، فهل يتحقق ذلك خلال السنتين المقبلتين؟!