Site icon IMLebanon

“الدستوري” أبطل فقرة من قانون الكهرباء

رد المجلس الدستوري الطعن المقدم من عشرة نواب حول قانون الكهرباء رقم 129 الصادر بتاريخ 30 نيسان 2019، وأبطل المقطع الأخير من الفقرة “ب” من المادة الثانية من هذا القانون، والتي نصت على ما يلي: “باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)”، بسبب الغموض الذي يكتنفه”.

وكان المجلس عقد جلسة الاثنين برئاسة القاضي عصام سليمان، في مقره في الحدت، في حضور جميع الاعضاء باستثناء القاضي انطوان خير بداعي السفر وانسحاب العضو زغلول عطية. وبعد جلسة دامت لساعات، أصدر القرار الآتي:

الرقم: 20 /2019 تاريخ 3/ 6 /2019.

رقم المراجعة: 1/2019 تاريخ: 9/5/2019

المستدعون: النواب السيدة بولا يعقوبيان، والسادة نقولا نحاس، فيصل كرامي، علي درويش، مروان حماده، أسامه سعد المصري، جهاد الصمد، سامي الجميل، الياس حنكش ونديم الجميل.

القانون المطلوب وقف العمل به وابطاله:

القانون المعجل رقم 129 الصادر بتاريخ 30 نيسان 2019 والمنشور في الجريدة الرسمية ملحق العدد رقم 23 تاريخ 30/4/2019 والذي نص على إعادة العمل بأحكام القانون رقم 288/2014 (إضافة فقرة الى المادة السابعة من القانون رقم 462 تاريخ 2/9/2002-تنظيم قطاع الكهرباء) الممدد بالقانون المعجل رقم 54 تاريخ 24/11/2015، ووضع آلية خاصة بتلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية.)

إن المجلس الدستوري،

الملتئم في مقره بتاريخ 3 / 6 /2019 برئاسة رئيسه عصام سليمان وحضور نائب الرئيس طارق زياده والأعضاء: أحمد تقي الدين، أنطوان مسره، توفيق سوبره، سهيل عبد الصمد، صلاح مخيبر ومحمد بسام مرتضى، تغيب أنطوان خير وزغلول عطية.

وعملا بالمادة 19 من الدستور،

وبعد الاطلاع على ملف المراجعة وسائر المستندات المرفقة بها، وعلى تقرير المقرر، المؤرخ في 20/5/2019

وبما ان السادة النواب المذكورة أسماؤهم أعلاه تقدموا بمراجعة، سجلت في قلم المجلس الدستوري بتاريخ 9/5/2019، ترمي الى الأمور الآتية:

أولا-وقف العمل بالقانون المطعون فيه جزئيا أو كليا الى حين البت بمراجعة الطعن.

ثانيا-إبطال القانون المطعون فيه جزئيا أو كليا.

جاء في أسباب الطعن ما يأتي:

1-مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المادة 36 من الدستور لجهة عدم حصول المناداة بأسماء النواب أثناء التصويت عليه في مجلس النواب.

2-مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المادة 89 من الدستور لجهة عدم استصدار قانون منح التزام وامتياز لمدة زمنية محددة.

3-مخالفة القانون المطعون فيه أحكام المواد 16 و17 و65 من الدستور لجهة عدم مراعاة اختصاص كل من السلطتين التشريعية والاجرائية كما هي محددة في تلك المواد، ومخالفة أحكام الفقرة ه من مقدمة الدستور لجهة عدم احترام مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها.

4-مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ الاستثناء والظروف الاستثنائية.

5-مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة المشروعة اللازمة بالقوانين وانتهاك سيادة القانون.

وبناء على ما تقدم

أولا-في الشكل.

بما أن القانون المطعون فيه نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 30/4/2019،

وبما ان مراجعة الطعن في دستوريته، الموقعة من عشرة نواب، سجلت في قلم المجلس الدستوري في 9/5/2019، تكون مراجعة الطعن واردة ضمن المهلة القانونية ومستوفية شروطها الشكلية، لذلك هي مقبولة شكلا.

ثانيا-في الأساس.

1-في وقف العمل بالقانون المطعون فيه.

تدارس المجلس الدستوري طلب وقف العمل بالقانون المطعون فيه، المبين في المراجعة، وذلك في جلسته المنعقدة يوم الاثنين في 13/5/2019، ولم يستجب لهذا الطلب.

2-في مخالفة أحكام المادة 36 من الدستور.

بما انه جاء في المادة 36 من الدستور ما يلي:”أما فيما يختص بالقوانين عموما أو بالاقتراع على مسألة الثقة فإن الآراء تعطى دائما بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عال.”

وبما ان المجلس الدستوري أكد، في قراره رقم 5/2017 تاريخ 23/9/2017، “أن القاعدة التي نصت عليها المادة 36 هي جوهرية وليست شكلية ولا تقبل الإستثناء لورود تعبير دائما في النص الدستوري الواردة فيه، وقد اعتمدها النظام الداخلي لمجلس النواب في المادتين 78 و85 منه”،

وبما ان المجلس الدستوري أكد في القرار نفسه على ان “التصويت العلني بالمناداة بصوت عال ليس قاعدة شكلية بل شرط ضروري للمراقبة والمحاسبة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية”،

وبما ان إهمال هذه القاعدة الجوهرية في التصويت أو مخالفتها يؤدي الى اعتبار التصويت باطلا، وبالتالي هذا البطلان ينسحب على القانون نفسه بحيث يصبح مستوجبا الإبطال في حال تم الطعن فيه وفقا للأصول،

وبما انه تبين من محضر الجلسة التي أقر فيها القانون المطعون فيه (الجلسة العامة المنعقدة يوم الأربعاء الواقع فيه 17 نيسان 2019)، أنه جرى التصويت على الإقتراحات وسقطت جميعها، ومن ثم جرى التصويت على كل مادة من مواد القانون برفع الأيدي وأقرت بالأكثرية، وبعدها جرى التصويت على القانون بمجمله بالمناداة بالأسماء، وفق ما جاء في محضر الجلسة، وأقر بالأكثرية، وكان من الأصح ذكر التعداد في المحضر،

وبما أنه لم يجر تسجيل إعتراض في محضر الجلسة مفاده أن القانون المطعون فيه أقر خلافا لما نصت عليه المادة 36 من الدستور، وأنه لم يقر عن طريق المناداة بالأسماء، انما سجل اعتراض دون كما يلي:”ما حصل اليوم بإقرار هذا القانون هو أمر غير دستوري”،

لذلك سبب الطعن هذا يكون مستوجبا الرد.

3-في مخالفة أحكام المادة 89 من الدستور.

بما ان المادة 89 من الدستور نصت على أنه “لا يجوز منح أي التزام او إمتياز لاستغلال موارد من موارد ثروة البلاد الطبيعية أو مصلحة ذات منفعة عامة أو احتكار الا بموجب قانون والى زمن محدود”.

وبما ان القانون المطعون فيه لم يقر، وفق ما جاء في مراجعة الطعن، منح أي التزام أو امتياز في قطاع الطاقة والى زمن محدود، بل نص على إعطاء حق منح عقود Bot الى مجلس الوزراء على ان يتم التسليم الى الدولة بعد فترة زمنية محددة،

وبما انه ورد في مراجعة الطعن ان القانون المطعون فيه خالف القاعدة الدستورية الملزمة بوجوب استصدار قانون يحدد المدة الزمنية، ونقل الى السلطة التنفيذية، اختصاص منح أي التزام او امتياز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبيعية، المحجوز دستوريا للسلطة التشريعية،

وبما ان الطاعنين يضيفون ان القانون المطلوب ابطاله قد خالف الدستور حين فوض وزارة الطاقة وضع دفتر الشروط وإجراءات المناقصة، وان هذه الإجراءات كان يجب ان تأتي انفاذا لمضمون قانون خاص ومنح الالتزام أي ضمن ضوابط محددة،

وبما أنه يقتضي لأجل البت بالأسباب والحجج المثارة، من الجهة الطاعنة، استعادة النصوص القانونية التي بني عليها وارتبط بها القانون رقم 129 المطلوب ابطاله، وهي التي أشير اليها في متنه على أنه وضع بالاستناد اليها، لبيان الأمور التي تطرقت اليها ونظمتها تلك النصوص القانونية،

وبما ان القانون المطعون فيه أعاد العمل بأحكام القانون رقم 288/2014 الذي قضى بإضافة فقرة الى المادة السابعة من القانون رقم 462 تاريخ 2/9/2002 الذي نظم قطاع الكهرباء،

وبما ان القانون المطعون فيه نص على تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية،

وبما انه لا يمكن فصل القانون المطعون فيه عن القانون رقم 462/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) الذي هو الأساس، وقد جاء القانون المطعون فيه تكملة له،

وبما ان مجلس النواب، وعملا بالمادة 89 من الدستور، قام بدوره في تنظيم قطاع الكهرباء على صعيد الإنتاج والنقل والتوزيع، وحدد شروط التلزيم والجهات التي لها صلاحية التلزيم والمدة القصوى لاستثمار القطاع، وتناول جميع التفاصيل، فيكون مجلس النواب بذلك، قد مارس صلاحياته المنصوص عليها في المادة 89 من الدستور،

وبما ان التلزيم وما يتطلبه، وفق الأسس والقواعد والشروط التي نص عليها القانون، هو عمل اجرائي وليس تشريعيا، فقد أناط القانون رقم 462/2002 صلاحية التراخيص بالهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، بعد ان حدد طريقة انشائها وادارتها ومهامها وصلاحياتها الخ…،

وبما ان القانون رقم 462/2002 منح الهيئة الوطنية لتنظيم قطاع الكهرباء، وهي هيئة معينة بقرار من الحكومة، صلاحيات واسعة جدا، ترخص بموجبها للشركات باستثمار قطاع الكهرباء في مجال الإنتاج والنقل والتوزيع لمدة أقصاها خمسون سنة، وتتولى تنظيم قطاع الكهرباء ورقابة شؤونه، ولا تخضع لأحكام المرسوم رقم 4517 تاريخ 13/12/1972 (النظام العام للمؤسسات العامة)، وتصدر قراراتها بالغالبية المطلقة،

وبما انه لم يجر الطعن في دستورية القانون رقم 462/2002 ضمن المهلة القانونية وقد أصبح محصنا بوجه أي طعن ولا يمكن التصدي له في هذا المجال،

وبما ان القانون رقم 129/2019 المطعون فيه أعاد العمل بأحكام القانون رقم 288/2014، وهذا الأخير أضاف فقرة الى المادة السابعة من القانون رقم 462/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء) جاء فيها ما يلي: “بصورة مؤقتة، ولمدة سنتين، ولحين تعيين أعضاء الهيئة واضطلاعها بمهامها، تمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري الطاقة والمياه والمالية.”

وبما ان المادة الأولى من القانون المطعون فيه أعادت العمل بالقانون رقم 288/2014 لمدة ثلاث سنوات أي نقلت صلاحيات ومهام الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، لجهة منح اذونات وتراخيص الإنتاج الى مجلس الوزراء، وليس في هذا مخالفة دستورية لأنها نقلت أمورا مناطة بالهيئة الناظمة الى مجلس الوزراء، المناطة به أساسا السلطة الإجرائية بموجب المادة 65 من الدستور، والخاضع لرقابة مجلس النواب،

وبما ان المادة الثانية من القانون المطعون فيه نصت على ما يلي: “تلزم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، بشروط تحدد تفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه”،

وبما انه لا يمكن الفصل، في القانون المطعون فيه،بين الفقرة أ الواردة أعلاه من المادة الثانية والفقرة ب من المادة نفسها، والتي نصت على ما يلي: “تطبق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصة، باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)”،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص، في القسم الأول من الفصل الخامس منه، وتحت عنوان صفقات اللوازم والأشغال والخدمات، على الطرق والوسائل التي تعقد بواسطتها صفقات الأشغال والخدمات بالمناقصة العمومية، وعلى طرق اجراء المناقصات العمومية، وعلى الأسس والقواعد التي تجري على أساسها المناقصة العمومية،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص على اجراء المناقصة العمومية على أساس دفاتر شروط عامة نموذجية تصدق بمراسيم، ويوضع لكل صفقة منها دفتر شروط خاص، تنظمه الإدارة صاحبة العلاقة، ويوقعه المرجع الصالح للبت في الصفقة،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص في المادة 126 منه على المعلومات التي يجب ان يتضمنها دفتر الشروط الخاصة، ومنها مقدار الكفالة التي يجب تقديمها للاشتراك في المناقصة ولضمان حسن قيام الملتزم بتعهداته،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية نص في المادة 128 منه على طريقة الإعلان عن المناقصة، كما نص في المادة 130 منه على طريقة اجراء المناقصة، وحدد الجهة المناط بها اجراء المناقصة، إضافة الى أمور أخرى تضمن ضبط اجراء المناقصة،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية، إضافة الى ذلك، تضمن بالتفصيل كل ما له علاقة بالتلزيم والصفقات، بهدف الحفاظ على المال العام،

وبما ان مجلس النواب قد قام بمهامه بموجب المادة 89 من الدستور فنظم قطاع الكهرباء في القانون رقم 462/2002 المعدل بالقانون رقم 288/2014 والمعدل أيضا بالقانون رقم 129/2019 المطعون في دستوريته،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية حدد كل ما له صلة بأصول التلزيم للمناقصات،

وبما ان مجلس النواب ربط تلزيم المشاريع، الواردة في القانون المطعون فيه، بتطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصة،

وبما أن التلزيم بحد ذاته، وفق ما نصت عليه قوانين تنظيم قطاع الكهرباء، وقانون المحاسبة العمومية، هو عمل إجرائي وليس تشريعيا،

وبما ان المجلس الدستوري في قراره رقم 2/2002 رأى “أن المادة 89 من الدستور تنص على وجوب استصدار قانون لأي التزام أو امتياز والى زمن محدد، إلا أنها لا توجب استصدار قانون خاص لكل ترخيص يتناول المرفق العام نفسه موضوع الالتزام أو الامتياز الذي أقره القانون عملا بالمادة 89 المذكورة”،

لذلك لم يخالف القانون المطعون فيه المادة 89 من الدستور.

4-في مخالفة أحكام المواد 16 و17 و65 من الدستور لجهة عدم مراعاة اختصاص مجلس النواب ومجلس الوزراء، ومخالفة أحكام الفقرة “ه” من مقدمة الدستور.

بما ان الدستور اعتمد مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، وأناط السلطة الاشتراعية بمجلس النواب والسلطة الإجرائية بمجلس الوزراء،

وبما ان الدستور نص في المادة 65 منه على صلاحيات مجلس الوزراء، ومنها وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ووضع مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية واتخاذ القرارات اللازمة لتطبيقها، والسهر على تنفيذ القوانين والأنظمة…الخ،

وبما ان مجلس النواب لم يتنازل عن صلاحياته في مجال الكهرباء انما وضع قانونا ينظم بموجبه قطاع الكهرباء، كما وضع قانون تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص،

وبما ان وضع دفتر الشروط والاعلان عن المناقصة وبت التلزيم وتوقيع العقود، وفق الأصول القانونية، هي معاملات وقرارات إجرائية لتطبيق القوانين، ومنها قانون تنظيم قطاع الكهرباء وتعديلاته، والقانون المطعون في دستوريته، وهي صلاحيات تعود لمجلس الوزراء،

وبما انه لا صحة لما ورد في الطعن من ان القانون المطعون فيه انتهك مبدأ التوازن بين السلطات بأن جعل سلطة مطلقة تتحكم بمقدرات الدولة، فوزارة الطاقة والمياه ومجلس الوزراء ملزمان بتطبيق ما نص عليه قانون تنظيم قطاع الكهرباء والقانون المطعون فيه، وهما خاضعان بموجب الدستور لرقابة مجلس النواب،

وبما انه لا صحة لما ورد في الطعن من أن القانون المطعون فيه قد قام بشل عمل الأجهزة القضائية والهيئات الرقابية على أنواعها من هيئة ناظمة وإدارة المناقصات وديوان المحاسبة والرقابة البرلمانية وغيره، عبر الاجازة للسلطة التنفيذية باتخاذ إجراءات مخالفة للقوانين المرعية الاجراء بموجب قرارات تتخذها وزارة الطاقة والمياه ولجنة فنية معينة من قبلها، فوزارة الطاقة والمياه واللجنة الفنية ملزمتان بتطبيق القوانين المرعية الاجراء ويخضعان للهيئات الرقابية وفق ما نص عليه القانون،

وبما انه لمجلس النواب صلاحية ممارسة الرقابة الشاملة على أعمال مجلس الوزراء وأعمال كل من الوزراء بمن فيهم وزير الطاقة والمياه، ومحاسبته ونزع الثقة منه ومن الحكومة، عند الاقتضاء،

لذلك لا يكون القانون المطعون فيه قد خالف المواد 16 و17 و65 من الدستور ولا الفقرة “ه” من مقدمة الدستور.

5-في مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ وضوح القاعدة القانونية وأصول التشريع لجهة كيفية نص القوانين.

يدلي الطاعنون بعدم توضيح أصول إجراء المناقصات، وعدم تحديد علمي للارتكازات التي يجب ان تتحكم بها، كما لا تضمن المادة الثانية من القانون المطعون فيه تعريفات واضحة لمشروع BOT وبيع الطاقة للدولة PPA، ووجود بنود غامضة في القانون وقابلة للتأويل، ويعفي هذا القانون العقود من الإطار القانوني والتنظيمي الراعي للمناقصات العامة، وهو يخلو من أي مواد ضابطة لعقود BOT وعقود PPA. والمادة 20 من القانون رقم 462/2002 نصت على وجوب وضع مراسيم تنظيمية، تراعي الشفافية والتنافسية، لم تصدر بعد، والقانون المطعون فيه لا ينص على أي آلية واضحة، بل تركها للاعتباطية ولاستنسابية وزارة الطاقة والمياه وللجنة الفنية التي ستجري المناقصة،

وبما ان القانون المطعون فيه لا ينفصل عن القانون رقم 462/2002 الذي ينظم قطاع الكهرباء، ويحدد القواعد والمبادئ والأسس التي ترعاه على مختلف الصعد بما فيها التراخيص، ويحدد صلاحيات الجهات التي تمنحها وحدود هذه الصلاحيات والضوابط، والى ما هنالك من أمور يتطلبها تنظيم قطاع الكهرباء على مستوى الإنتاج والنقل والتوزيع،

وبما ان الفقرة “ب” من المادة الثانية من القانون المطعون فيه أكدت على تطبيق أحكام قانون المحاسبة العمومية وسائر النصوص ذات الصلة بأصول التلزيم للمناقصات على تلزيم مشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، بشروط تحدد بتفاصيلها الإدارية والتقنية والمالية الكاملة في دفتر شروط خاص تعده وزارة الطاقة والمياه،

وبما ان وزارة الطاقة والمياه ملزمة بوضع دفتر شروط معتمدة الأسس التي نص عليها قانون المحاسبة العمومية لهذه الناحية، وهي التي تضع دفتر الشروط بموجب قانون المحاسبة العمومية،

وبما ان قانون المحاسبة العمومية حدد الآليات التي تحكم عملية التلزيم والمناقصات،

وبما ان قانون تنظيم قطاع الكهرباء حدد، من جهته، الآليات التي تحكم إدارة القطاع بما فيها إعطاء التراخيص،

وبما انه سبق لمجلس النواب ان وضع قوانين اعتمد فيها عقود BOT، ومنها القانون رقم 218/1993 والقانون رقم 393/2002 اللذين اعتمدا ال BOT في قطاع الاتصالات وتحديدا في الهاتف الخليوي، وبالتالي لا يعتمد ال BOT للمرة الأولى في لبنان في القانون المطعون فيه،

وبما ان التباطؤ في وضع المراسيم التنظيمية التي نصت عليها المادة 20 من القانون رقم 462/2002، لا يشكل سببا لإبطال القانون، إنما يتطلب من مجلس النواب ممارسة صلاحياته الرقابية، بموجب الدستور، والزام مجلس الوزراء وضع هذه المراسيم،

لذلك يكون السبب المدلى به مستوجبا الرد

وبما ان المقطع الأخير من الفقرة “ب” من المادة الثانية من القانون المطعون فيه نصت على ما يلي: “باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)”.

وبما ان هذا النص يشوبه غموض، ولم يحدد ما هي الأمور التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها…، وترك هذه الأمور للاستنساب دون تحديدها في نص قانوني بعد ان استثناها من قانون المحاسبة العمومية،

وبما ان هذا النص قابل للتاويل ولاستنساب الجهة التي تطبقه بدون ضوابط قانونية،

وبما انه سبق للمجلس الدستوري ان اتخذ قرارا يحمل الرقم 5/2017 أكد فيه ان الغموض في النص يفسح في المجال أمام تطبيق القانون بشكل استنسابي، وبطرق ملتوية تسيء الى العدالة وتنحرف عن النية غير الواضحة أساسا للمشترع،

لذلك بكون المقطع الأخير من الفقرة “ب” من المادة الثانية من القانون المطعون فيه، مستوجبا للإبطال.

6-في مخالفة القانون المطعون فيه مفهوم الاستثناء.

ورد في مراجعة الطعن ان القانون المطعون فيه هو قانون استثنائي يرمي من جهة الى تأجيل تعيين الهيئة الناظمة ويسمح بعدم تطبيق القوانين المرعية الاجراء، وان الاستثناء لا تبرره سوى المصلحة العامة، وان نظرية الظروف الاستثنائية وجدت بعد تعرض الدول لأخطار مباشرة مستجدة وطارئة، بهدف تأمين النظام العام والمحافظة على سير المرافق العامة، وان لا مبرر حاليا للعمل بنظرية الظروف الاستثنائية، ولعدم تعيين هيئة ناظمة وإحلال مجلس الوزراء محلها والاستمرار بالنهج المتبع منذ عام 2014 سوى رغبة وزارة الطاقة بالتمتع بصلاحيات مطلقة لا ضوابط لها،

وبما ان القانون المطعون فيه لم يبرر اعتماده، لا في نصه ولا في الأسباب الموجبة، بظروف استثنائية، وبالتالي لم يعتمد نتيجة هكذا ظروف، انما نتيجة دراسة وضع قطاع الكهرباء في لبنان، والاجماع على الإجراءات المتوجب اتخاذها بأسرع وقت ممكن لانقاذ هذا القطاع، ومنها إعادة العمل بالقانون رقم 288/2014، إضافة الى وضع آلية خاصة بمشاريع بناء معامل تعتمد طريقة التصميم والتمويل والإنتاج والتشغيل والتسليم الى الدولة بعد فترة زمنية، وهذا ما ورد في الأسباب الموجبة للقانون المطعون فيه،

وبما انه تبين من مراجعة محضر الجلسة التي أقر فيها القانون ان المناقشات تركزت على ضرورة التخلص من عبء ما ينفق من خزينة الدولة على مؤسسة كهرباء لبنان، وتخفيض العجز في الموازنة العامة حفاظا على المصلحة العامة، ولم يجر النقاش في أمور تتعلق بظروف استثنائية بالمفهوم المتعارف عليه قانونيا لهذه الظروف،

وبما ان كلمة استثناء الواردة في القانون المطعون فيه لا علاقة لها بنظرية الظروف الاستثنائية انما بالاستثناء من تطبيق قانون المحاسبة العمومية في بعض مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة،

وبما ان صلاحية إحلال مجلس الوزراء محل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء لمدة ثلاث سنوات تعود لمجلس النواب المناطة به السلطة الاشتراعية، ولا يتعارض والدستور،

وبما ان القانون المطعون في دستوريته لا يعطي وزارة الطاقة والمياه صلاحيات مطلقة، كما ورد في مراجعة الطعن، انما تبقى هي ومجلس الوزراء مقيدين بالقوانين، وخاضعين لرقابة مجلس النواب،

لذلك يكون السبب المدلى به مستوجبا الرد.

7-في مخالفة القانون المطعون فيه مبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة المشروعة بالقوانين وانتهاك سيادة القانون.

يدلي الطاعنون بأن احترام أحكام الدستور والقوانين والإجراءات التطبيقية ضمانة للأمان القانوني والمالي والانتظام العام وهي المقومات الأساسية للأمان التشريعي، الذي يتطلب قدرا من الثبات في العلاقات القانونية والاستقرار التشريعي من أجل بعث الطمأنينة في نفوس المواطنين والمستثمرين وضمان تأمين المنافسة من أجل خدمة أفضل وكلفة أقل، وحماية المال العام وحقوق المستهلكين. ويعتبر الطاعنون في الوقت نفسه ان القانون المطعون فيه يكرس الانتهاكات المرتكبة من قبل الحكومات السابقة لجهة التمادي في عدم احترام الدستور وعدم تطبيق القوانين، مما يؤدي الى تقويض حكم القانون وسيادته والأمان القانوني في لبنان، لذا يقتضي ابطاله،

وبما ان الأمان التشريعي يتطلب انتظام العلاقات القانونية في المجتمع بواسطة قوانين، تتقيد بالمبادئ والقواعد التي رسمها الدستور، كما يتطلب الثبات والاستقرار في التشريعات، عدم تغييرها وتعديل العلاقات القانونية التي أرستها بشكل مفاجئ وسريع، يترك آثارا سلبية على المجتمع والمواطنين،

وبما ان الأمان التشريعي ركن أساسي في دولة القانون، وعنصر أساسي في تحقيق الانتظام العام والاستقرار وبعث الطمأنينة في النفوس،

وبما ان القانون المطعون فيه جاء من أجل الإسراع في تنظيم قطاع الكهرباء، وتخفيف العبء المالي عن خزينة الدولة، وتزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية بانتظام ودون انقطاع،

وبما ان القانون المطعون فيه جاء ليكمل القانون 462/2002 الذي ينظم قطاع الكهرباء، وفي اطار تنفيذ الخطة التي تنظم القطاع، وتؤدي الى توفير الطاقة الكهربائية، وتزيل العبء المالي لهذا القطاع عن الخزينة، ما يقود الى حماية المال العام وحقوق المستهلكين،

وبما ان القانون المطعون فيه ليس له علاقة بانتهاك سيادة القانون، ولا بمبدأ الثقة المشروعة بالقوانين، وهذه الثقة رهن بتطبيق القانون، ولمجلس النواب صلاحية تعديل القانون،

وبما ان ما يدعيه الطاعنون من ان القانون المطعون فيه يكرس الانتهاكات المرتكبة من قبل الحكومات السابقة لجهة التمادي في عدم احترام الدستور وعدم تطبيق القوانين هو مجرد تكهن لا يستند الى وقائع،

لذلك يكون السبب المدلى به مستوجبا الرد.

لهذه الأسباب وبعد المداولة، يقرر المجلس الدستوري بالأكثرية:

أولا-في الشكل: قبول المراجعة المقدمة ضمن المهلة القانونية مستوفية جميع الشروط الشكلية.

ثانيا-في الأساس:

1-رد مراجعة الطعن لجهة مخالفة القانون المطعون فيه المواد 36 و89 و16 و17 و65 من الدستور،

ومخالفة مبدأ الظروف الاستثنائية ومبدأ الأمان التشريعي ومبدأ الثقة بالقوانين، وانتهاك سيادة القانون.

2-إبطال المقطع الأخير من الفقرة “ب” من المادة الثانية من القانون المعجل رقم 129 المنشور في

الجريدة الرسمية في 30/4/2019 والمطعون فيه، والتي نصت على ما يلي: “باستثناء تلك التي لا تتفق مع طبيعة التلزيم والعقود موضوعها، في مراحل إتمام المناقصات لجهة عقود شراء الطاقة (PPA)”، بسبب الغموض الذي يكتنفه.

ثالثا-إبلاغ هذا القرار الى المراجع الرسمية المختصة، ونشره في الجريدة الرسمية”.