أسف رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام “للمواقف التي عبّر عنها سماحة الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، المعترضة والنازعة عن رئيس الحكومة اللبنانية حقه في إعلان موقف لبنان في مؤتمري القمتين العربية والإسلامية، لجهة التضامن مع الأشقاء العرب، ولاسيما أن رئيس الحكومة هو الذي أولاه الدستور الصلاحية في تمثيل الحكومة والتكلم باسمها، وذلك وفقا لما هو مبين في المادة 64 من الدستور”.
كما استغربوا، في بيان بعد اجتماع عقدوه في دارة سلام، “ما أدلى به سماحة السيد حسن نصرالله من مواقف تفرض على لبنان الانحياز إلى موقف دولة غير عربية في مواجهة الإجماع العربي”.
وكان المجتمعون أثنوا على “مقررات القمم الخليجية والعربية والإسلامية التي شهدتها مكة المكرمة في اليومين الماضيين برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وهي القمم التي يؤمل أن يشكل انعقادها ونجاحها بداية جديدة على المستويات الخليجية والعربية والإسلامية، إذ انبثق منها موقف واضح وحاسم تجاه القضية الفلسطينية لجهة الرفض الكامل لقرار الإدارة الاميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو بضم إسرائيل للجولان، وبكونها تعيد تأكيد مركزية القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وهذا الموقف كان تأكيدا لما قررته القمة العربية التي عقدت أخيرا في تونس، وكذلك في القمم العربية التي سبقتها”.
وثمّنوا “الموقف الذي تكوّن وأُعلن في البيانات التي صدرت عن تلك القمم الثلاث لجهة التأكيد أن الدول العربية تسعى إلى استعادة الاستقرار الأمني في المنطقة، وهو الذي يمكن أن يتحقق عبر العودة إلى الالتزام الكامل والثابت بمبادئ احترام سيادة جميع الدول في المنطقة، ولحسن الجوار، والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو انتهاك سيادتها أو تسليح الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، والامتناع عن تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية”.
وأكدوا “أهمية تضامن وتكاتف الدول العربية بعضها مع بعض في وجه الاعتداءات والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية والخليجية”.
وفي الموازنة، وأكد المجتمعون “أهمية مبادرة مجلس النواب إلى دراسة مشروع قانون الموازنة بدقة وتمعن والعمل على إقراره بالسرعة المطلوبة لكي تستفيد البلاد والاقتصاد الوطني من مردود هذه الخطوة”. إلا أنهم شددوا على “ضرورة أن تبادر الحكومة اللبنانية، وبالتلازم مع إقرار قانون الموازنة، إلى اعتماد السياسات والإجراءات التي تستعيد الثقة لدى اللبنانيين والمستثمرين والمجتمعين العربي والدولي بالدولة والاقتصاد اللبناني، بما يسهم في استعادة الانتظام العام والعافية للمالية العامة والنمو الاقتصادي المستدام”.
كما توقف المجتمعون عند “بعض المواقف السياسية والممارسات المستهجنة التي أطلقها وقام بها بعض الوزراء والسياسيين، والتي تتقصد فتح سجالات وملفات خلافية ليس من المفيد العودة إلى فتحها وإثارتها، ولاسيما لأنه جرى حسمها في اتفاق الطائف وفي الدستور اللبناني، ولما تعنيه إثارتها من جديد من تداعيات خطيرة على الوفاق الوطني والسلم الأهلي”. كذلك عبّروا عن “شديد استغرابهم لهذه المواقف والممارسات، في الوقت الذي يحتاج لبنان إلى المزيد، بل إلى أقصى درجات التعاون والتضامن بين جميع اللبنانيين لمواجهة التحديات المتكاثرة عليهم في الداخل اللبناني بنتيجة الاختلالات الحاصلة في التوازنات الداخلية وجراء تداعيات الصدمات والتحديات الإقليمية والدولية على لبنان”.
لذلك، أهيب المجتمعون بـ”فخامة الرئيس الذي كرمه الدستور وأولاه مسؤولية احترام الدستور والسهر على حمايته والحفاظ عليه، وضع حد نهائي لتلك المواقف والممارسات المستفزة والمتمادية التي تنال من هيبة العهد ومكانته”.
على صعيد آخر، شدد المجتمعون على “أهمية التمسك بصيغة العيش المشترك الإسلامي المسيحي التي تعد الركيزة الأساس التي يقوم عليها لبنان ويتعزز سلمه الأهلي وتقدمه واستقراره، وتقوم عليها قيمة رسالته الحضارية في محيطه والعالم”. كما أكدوا “أهمية التمسك باتفاق الطائف وبالدستور اللبناني، والحرص والحفاظ على حيادية ومهنية إدارات الدولة ومؤسساتها الرسمية في تعاملها مع كافة الفرقاء دون تحيز او افتئات. وكذلك بأهمية إعادة الاعتبار للدولة اللبنانية ودورها وهيبتها وسلطتها الحصرية الوحيدة على جميع مرافقها”.
كذلك شددوا على “أهمية وضرورة مبادرة الدولة إلى الالتزام بمقتضيات المادة 95 من الدستور، ولاسيما لجهة اعتماد معايير الجدارة والكفاءة في اختيار المسؤولين المرشحين لشغل المناصب القيادية في الدولة اللبنانية في شتى المراكز الإدارية والأمنية والقضائية”. وأكدوا “أهمية وقف التدخلات السياسية في هذه المؤسسات والأجهزة وهي التي يفترض أن تكون الحامية لجميع للمواطنين”. كذلك أكد المجتمعون “ضرورة الالتزام بمدلولات وبجوهر الصيغة اللبنانية التي تقوم وتتعزز على مبدأ احترام قوة التوازن وليس على قاعدة توازن القوى”. وأعتبروا أن “الدولة اللبنانية بمؤسساتها العسكرية والأمنية والقضائية، ينبغي أن تكون هي الحريصة على حياديتها ومهنيتها وعدالتها بما يبعث على الثقة بالمؤسسات التي تظل الضمانة الحقيقية لكل اللبنانيين”.
وأبدى المجتمعون ختاما “تضامنهم وحرصهم على دور الدولة وسلطتها الكاملة وهيبتها”، وقرروا أن “تنعقد اجتماعاتهم كلما دعت الحاجة لمواكبة التطورات والمستجدات”.