أصدر أكثر من 250 محامية ومحاميا، بيانا اثر اجتماع خصص “للتشاور بهدف إتخاذ موقف مما يجري في دور العدل، نظرا لكونهم بحكم مهنتهم الشهود الأكثر اطلاعا على ما يجري في قصور العدل بحلوها ومرها، وأكثر الناس المعنيين بها”.
وقد توافقوا على الآتي:
1-إن إستقلالية السلطة القضائية مكرسة سندا لمبدأ فصل السلطات الوارد في مقدمة الدستور اللبناني والمادة 20 منه وفي مواثيق الأمم المتحدة، ولا يتحقق على أرض الواقع من دون ضمانات قانونية ومن دون ترسيخ ثقافة تتقبل استقلال القضاء وإرساء الممارسات المنسجمة معها. انطلاقا من ذلك، يتطلب احترام هذا المبدأ إصدار تشريعات تكرس تطبيقه، ذلك أن هكذا تشريع يعزز مفهوم العدالة في المجتمع ويعطي الضمانات اللازمة لتطبيق مبادئ المحاكمات العادلة الواردة في العديد من الإتفاقيات الدولية التي يلتزم لبنان بها. وهذا المبدأ يتطلب من السلطتين التنفيذية والتشريعية امتناعهما عن المس بأي من الضمانات المالية الممنوحة سابقا للقضاة وباتت حقوقا مكتسبة لهم وضمانات لاستقلالية القضاة من الناحية المالية وأن أي تراجع عنها يشكل مسا بمبادئ الدستور وفقا للقرار رقم 1/1999 الصادر عن المجلس الدستوري بتاريخ 23/1/1999.
2-أن التطبيق العملي لمبدأ استقلال القضاء ماديا أو معنويا، ليس حقا أو امتيازا للقضاة وحدهم، بل هو شرط ضروري لضمان المحاكمات العادلة وحق للمتقاضين باللجوء إلى قاض مستقل ومحايد وقادر. بالتالي لا يجوز أن يتم تظهير الأمر على أنه مطلب حصري لقضاة لبنان، بل إن هذا المطلب يهم كل العاملين في القطاعات المهنية المعنية بتحقيق العدالة في المجتمع.
3 – من ينادي رافعا الصوت بضرورة وقف التدخلات السياسية في عمل السلطة القضائية ووضع حد لكافة مظاهر الفساد السائدة ومنها التأخر في بت الدعاوى العالقة أمام القضاء لسنوات وسنوات، ومن يلفت النظر إلى عدم محاسبة بعض القضاة عن فسادهم أو إهمالهم المقصود في أداء مهامهم ويستاء من عدم فاعلية التفتيش القضائي ومن كون القاضي الفاسد والمهمل يحتمي حاليا خلف القاضي الصالح والدؤوب في عمله وغيرها الكثير من المظاهر الشاذة في دور العدل التي تؤثر سلبا على مسار تحقيق العدالة، إنما يضع بملاحظاته هذه الأصبع على جرح العدالة المزمن في لبنان ولا بد من أن يحظى بالمقابل على الدعم المطلق من كافة العاملين في القطاعات المعنية بتحقيق العدالة، وعلى رأس هؤلاء يأتي المحامون الملتزمون بآداب مهنتهم والمترفعون عن إعتماد الوسائل الملتوية للدفاع عن مصالح موكليهم.
4 -إن الحق في حرية إبداء الرأي مثله مثل الحق بالتجمع وتأسيس الجمعيات يعتبر من الحقوق المصانة في الدستور كما في الإتفاقات الدولية والقوانين الداخلية، وأي محاولة لقمع هذه الحقوق والحريات عبر بيانات لا تخلو من التهديد أو عبر إطلاق مواقف تجافي الحقيقة، فيها إساءة لصورة لبنان موطن حرية الرأي والتعبير ومراعاة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، ويثمن المجتمعون ما قام به مؤسسو نادي قضاة لبنان في إيجاد إطار قانوني ملهم لتكريس حقوقهم في التجمع بهدف التعبير صراحة عن هواجسهم.
5 -إن المواطنين اللبنانيين وفي مقدمهم المحامون مطالبون بأن يتكتلوا ويتجمعوا ويتعاضدوا من أجل إعادة تكوين حياة مدنية أكثر قدرة على تحقيق الأهداف الاجتماعية وعلى رأس أولوياتها يأتي تكريس مبدأ استقلال القضاء والشفافية بالتعاطي مع السلطة القضائية بهدف إصلاح الشوائب السائدة في قطاع العدالة ومكافحة الفساد ومجابهة الأخطار التي تهدد هذه الأهداف.
الإصلاح لا يتحقق عبر بيانات التهديد ولا بانكفاء أي من المهن عن القيام بدورها الطبيعي، بحيث يكون لا بد من التواصل الصادق وإطلاق الحوار الجدي بين مختلف مكونات قطاع العدالة.
ونتعهد في هذا الخصوص بالعمل والسعي لإطلاق مبادرات إنقاذية مشتركة، وصولا إلى وضع رؤى وخطط مشتركة تكون الرد الأكبر على إستهتار السلطة السياسية في التعاطي مع المطالب المحقة”.