Site icon IMLebanon

رحمة: مَن أراد القتال فليعُد الى سوريا

كتب مرلين وهبة في “الجمهورية”:

من المؤكد أنّ المدرسة التي تعاملنا من خلالها مع الفلسطينيين عند استقبالهم جعلتهم كمّاشة على العاصمة في الماضي ، وولّدت يوماً قالوا لنا فيه «نريد استعمال بلدكم للإنطلاق منه الى فلسطين فافتعلوا حرباً طال أمدُها، قضت على ١٥٠ ألف قتيل في لبنان». اللبنانيون اليوم لا يريدون إعادة الكرّة بمواجهة السوريين. من هذا المنطلق، هناك ما هو غير مسموح لا بل مرفوض دون نقاش. فالحادثة التي طالت الدولة اللبنانية من خلال أجهزتها الرسمية، أي وزراة الداخلية عبر التطاول على جهاز الدفاع المدني بالمباشر، هي مؤشر خطير الى وقاحة التحدّي للدولة المضيفة.

“بنينا للسوريين مدرسةً خاصة ومستشفى شبه مجانية للطبابة، فاستولوا على أرضنا وأكلوا معنا ومن خيراتنا، من كهرباء وغذاء وغيرها، وحتى إنهم يستثمرون أراضينا، ولم تكن لدينا مشكلة لأننا تناسينا ذاكرة الحرب مع أنّ الذي فعله السوريون في لبنان لا يمكن أن يُنسى إن كان من خلال القصف والقتل أو الخطف والتهجير … في المقابل استقبلناهم كأخوة عندما نزحوا ،لكنهم يتصرفون اليوم كأننا نحن الضيوف وهم أهل المنزل، وهو أمر غير مقبول”، هذا ما كشفه راعي أبرشية بعلبك للموارنة المطران حنا رحمة لـ”الجمهورية” بعد مقاطعته الخلوة الروحية في بكركي لوهلة قصيرة، ليدليَ بدلوه في حادثة دير الأحمر “غير المسموحة” حسب تعبيره، محذّراً من مسلسل الأحداث الأخيرة التي تحوم فوق لبنان ولا تطال المنطقة فقط.

رحمة الذي أصرّ على تنفيذ القرار النهائي للأهالي في دير الأحمر بلّغ القاصي والداني عبر “الجمهورية”: “نحن اليوم نُنذرهم بأنّ الفعاليات جميعها في الجوار اتّخذت قراراً بمغادرتهم، ولم يعد مرحَّباً بوجودهم بيننا”، متذمّراً من “الصخور التي هوجم بها باصُ الدفاع المدني الذي يمثل وزارة الداخلية أي الدولة اللبنانية الأمر الذي فاجأ الجميع” واصفاً إياه بـ”التعدي غير المسبوق وغير المقبول، لا سيما بعدما شاهدنا الدواعش منذ يومين في طرابلس ودواعشهم مع الدفاع المدني في مناطقنا”.

نازح أو داعشي؟
وكشف رحمة أنّ الأهالي في دير الأحمر والجوار لن يقبلوا بعد اليوم بتطاول بعض اللاجئين على اللبنانيين، وقرّروا بعد الحادثة ومن لحظتها التمييز والمراقبة بالعمق في المخيمات مَن اختار أن يكون لاجئاً أو نازحاً أو داعشياً…

فيما لفت رحمة أنّ الحرش الذي تمّ إحراقُه دُفعت أموال طائلة لتشجيره، ملمّحاً الى أنّ “الحادثة مفتعلة” وإلّا لماذا تجمّع اكثر من ٣٠ عنصراً للمشاركة في ضرب العامل في الدفاع المدني عوض إطفاء الحريق أو “إطفاء” المشكل؟ فالعكس هو الذي حصل و تلقّت الدولة رسالةً قاسية وغير مشرّفة…

في وقت كشفت مصادر مواكبة أنه لولا تدخّل الجيش الذي كان حاجزه على مقربة ١٠٠ متر من مكان الحادثة لكان الشاب في ذمة الله… وقد تمّ إنقاذُه من قبل الأهالي وعناصر الجيش، لافتة الى أنّ عناصر الجيش دخلت الى المخيم وأوقفت العناصر التي شاركت بالمشكل ليبدو أنّ الأهالي لم يكتفوا بهذا الإجراء، لذلك اجتمعوا مع فعاليات المنطقة واتّخذوا قراراً بمغادرة النازحين وإلغاء المخيم نهائياً من أصل أربعة مخيمات في المنطقة، لأنّ هذا المخيم بالذات على حدّ قولهم يُظهر تمرّداً لا يخوِّل إبقاءَه في لبنان والأوْلى انتقاله الى سوريا فوراً.

ويلفت رحمة من جديد أنه أثناء معايدته إحدى العائلات منذ يومين بمناسبة عيد الفطر، رووا له عن تكاثر الإشكالات بين اللبنانيين والسوريين في المنطقة، والتي غالباً ما يتم فيها سحبُ سلاح بين الطرفين في “السهل” (أي سهل البقاع) وأنّ الأمر بات يتكرّر أخيراً “وهذا مؤشر خطر” لأنّ الجميع يعلم أنّ العناصر الموجودة داخل المخيم ولا سيما الشباب يتقنون جميعاً استخدامَ السلاح بحكم تجنيدهم سابقاً حُكماً في الجيش السوري، الأمر المقلق لأنّ هناك مخيمات عدة في المنطقة.

وعمّا اذا كانت الحادثة ستنسحب على باقي المخيّمات أشار رحمة ” نحن لا ندين جميع المخيمات في الجوار، بل نحذّرهم جميعاً وتحديداً المخيم الذي افتعل ساكنوه الإشكال على الرغم من أنّ حاجز الجيش يبعد عنه مئة متر، وعلى رغم من ذلك لم يأبه قاطنوه ولم يهابوا القوى الأمنية والعسكرية وتجرّأوا على مهاجمة الدولة ومَن يمثلها بالإعتداء ضرباً… وبالصخور.

“فليواجهوا سورياً”
رحمة أيّد طرد المجموعة التي تسببت بالإشكال وطالب بمعاقبتها لتكون درساً لمَن يفكّر من اللاجئين بالتطاول على رموز الدولة اللبنانية، مؤيّداً انتقالهم فوراً الى بلادهم لأنّ بحسب تعبيره “مكان المواجهة ليس في لبنان.. ومَن أراد المواجهة فليذهب الى سوريا …فنحن لم نستقبله ليقاتل، إستقبلناه كضيف ونازح وإذا أراد القتال فليعد الى سوريا”.

عن تزامن أحداث طرابلس ودير الأحمر أشار رحمة أنهم يرتابون من بعض الأجهزة التي تتواصل مع عددٍ من سكان مخيّمات النازحين، لافتاً الى أنّ هناك مجموعاتٍ تاتي من سوريا الى محيط القرى المجاورة لا يتم تعدادُها كنازحين، هي ليست معلنة فيما يلجأ أحياناً شبّان للاختباء في القرى المسيحية هرباً من أمر ما… غير مستبعد أن يكون بينهم دواعش! فلا أحد يمكنه تكهّن توجّهاتهم على حدّ قوله …”.

وذكرّ رحمة بدور اليد العاملة السورية في لبنان بالقول “صحيح أنّ اليد العاملة السورية نحتاجها في لبنان واعتدنا عليها منذ القدم، وهناك الكثير من العمّال السوريين الذين يأتون للمساعدة في الزراعة ويغادرون الى بلادهم بعد العمل، لكن أليوم تغيّر الوضع وأصبحوا يستقدمون معهم عائلاتهم واستحسنوا منافع البقاء في أرضنا، في وقت أصبحت خيم النازحين عبارة عن منازل أكبر من منازلنا، ولم تعد خيَماً بل صُبّت بالباطون وتبلغ مساحة البعض منها أكثر من المئة وخمسين متراً لأنّ المساعدات الخارجية تطمرهم، فأصبحنا نحن أكثر فقراً منهم الى درجة انهم باتوا يبيعوننا المساعدات الغذائية التي يحصلون عليها كهبات.

الوعي للمصلحة العامة
في السياق تشير مصادر كنَسيّة الى أنّ هناك أشخاصاً يطمعون بتأجير منازلهم أو أراضيهم للنازحين، وهي كثيراً ما تصطدم مع البلدية، ومن هذا المنطلق تناشد هذه المصادر الأهالي عدم الوقوع في مكيدة إغرائهم بـ ٥٠ أو مئة الف ليرة زيادة مقابل مصلحة قريتهم والمصلحة العامة.

وعن غياب الوعي الوطني أوضح المطران رحمة لـ”الجمورية” بأنه “موجود والعيون مفتّحة لكن لم نصدّق أن تكون لديهم الجرأة على مهاجمة سيارة الدفاع المدني والتنكيل بها وبالعامل ايضاً، وكل ذلك فقط لأنه لم يتم إبلاغُهم بقدوم الدفاع المدني على الرغم من أنّ الإطفائي كان مسرعاً لإطفاء الحريق الذي نشب في الحرش وقد كلّفنا الكثير لتشجيره”.

وبتزامن الحدثين الأمنيّين في الدير مع أحداث طرابلس، يعلّق رحمة أنه لا يستبعد تأثير الواحد على الآخر “لأنّ ما جرى أمس في الدير يثبت أنّ هناك نوايا مرتبطة بالنظام وأتباعه، وهناك انحياز للجوّ السياسي العام، وأنّ هناك نفسيّة مندسّة فرحت بالحادثة ولم تشارك في الإطفاء بل أذكت الحريق متأثرة بالأجواء السياسية العامة الأخيرة”.

قرار الأهالي الاخير اتّخذ بطرد هؤلاء من المنطقة ونقل المخيم الى الأراضي السورية الآمنة إذ إنّ مساحة الاراضي المحرّرة في سوريا على حد تعبيرهم هي أكبر بأضعاف من مساحة لبنان بكامله.في وقت تؤكد المصادر الكنَسيّة أنّ على جميع اللبنانيين التكاتف في هذه القضية، والقول لأمم العالم إنّ أرض سوريا واسعة جداً لنصب المخيمات، فلتساعدهم الأمم من هناك قبل أن يقع التصادم مثلما وقع في الماضي مع الفلسطينيين ودفع اللبنانيون ثمناً باهظاً بسببه، فيما الخوف يكمن اليوم من استمرار لبنان في دفع ضرائب فاتورة الوجود الفلسطيني على أرضه ومن أرضه… أما الخوف وكل الخوف فيكمن أيضاً من أن تلحق سوريا بفلسطين فتدفع الأجيال الصاعدة فاتورة النزوح السوري وضرائبها.