Site icon IMLebanon

دولة الأطلال (بقلم بسام أبو زيد)

لا تتوقف في لبنان دوامة الاتهامات بين أهل الحكم، وتأخذ طابعا مذهبيا وطائفيا فتتصاعد التصاريح من هنا وهناك وتتكاثر التغريدات على كل المستويات، ولاسيما على صعيد القواعد الشعبية التي تتبادل الشتائم وحتى “من الزنار وبالنازل”.

هذا الواقع يحتم في كل مرة تدخلات واتصالات ومراجعات تسفر عن تهدئة مؤقتة لتعود الأمور فتنفجر من جديد مخلفة وراءها المزيد من الشرخ الوطني والشعبي.

كل ما حصل ويحصل في هذا المجال هو دليل على أن البنية الوطنية وممارسة الحكم تسجل تراجعا تلو الآخر وأن المسؤولين والفرقاء السياسيين لا هم لهم سوى السيطرة على مرافق الحكم والدولة بطريقة أو بأخرى ما يرفع من وتيرة التوتر والصراع الطائفي والمذهبي، والذي يشكل الوسيلة الوحيدة لشد العصب وكسب الشعبية حتى ولو على حساب السلم الاهلي والاستقرار الهش.

إن هذا الواقع المتخلف الذي تمارسه كل الأطراف الموجودة في كل مؤسسات الحكم ليس مرشحا أبدا للتراجع، بل هو في تقدم مستمر على حساب ما يحكى عن عملية بناء الدولة ومكافحة الفساد والهدر والإصلاح المالي والإداري، فكيف يمكن تطبيق هذه العناوين في ظل طبقة حاكمة تختلف على كل شيء ولا تراعي المصالح الوطنية ولا خصوصيات الجيش والأجهزة الامنية والقضاء والسياسة المالية، فهي ترغب في أن تكون هذه الركائز الثلاث بتصرفها وان تعمل وفق أهوائها من دون أي استقلالية عن التدخلات التي تعيق عملها وفق الاصول والقوانين؟

كيف يمكن لمواطنين ان يثقوا بدولة يوزع مسؤولوها الأجهزة الأمنية وفق الطوائف؟ كيف نثق بدولة يهاجم السياسيون قضاءها وفق رضاهم عن الأحكام التي يصدرها؟ كيف نثق برجال حكم يتهم بعضهم البعض الآخر بتبني الإرهاب والمشاركة في قتل اللبنانيين؟ كيف نثق بطبقة حاكمة مارست وتمارس تضليلا ماليا ورط البلد في أزمة لا أحد يعلم كيفية الخروج منها؟

في السلطة اللبنانية الواضح أن كل فريق يتربص بالآخر تمهيدا للإنقضاض عليه وان اي تعاون هو من باب المصالح الفردية والشخصية المشتركة، ولا يمكن لهكذا توجه ان يؤسس في يوم من الأيام لبناء دولة يتحدثون أنهم يعملون على وجودها، ولكنهم عمليا يعملون على إنهاء ما تبقى منها حتى الاطلال.