Site icon IMLebanon

سهام باسيل “التويترية” تصيب العلاقات اللبنانية السعودية

وزير الخارجية اللبناني ما انفك هذه الأيام يثير الجدل، تارة بتصويبه على النازحين السوريين وطورا على الفلسطينيين، وآخر “شطحاته” كانت عند إقحامه للسعودية في حملته ضد العمالة الوافدة، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة في المملكة، وذهب بعض النشطاء إلى حد المطالبة بإعادة العاملين اللبنانيين على أراضيها.
بيروت –  طالت تغريدة لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الذي يرأس التيار الوطني الحر شظاياها السعودية هذه المرة، في سياق حملته ضد العمالة الوافدة، وسط قلق الأوساط السياسية والشعبية اللبنانية من انعكاسات هذه التغريدة التي وصفها كثيرون بـ”غير المسؤولة” على العلاقة بين بيروت والرياض وإمكانية أن تؤثر على أوضاع الآلاف من العاملين اللبنانيين في المملكة.

وسبق أن تسبب باسيل في أزمة دبلوماسية حادة بين بيروت والرياض بسبب تصريحاته ومواقفه المناهضة للإجماع العربي بشأن سياسات إيران في المنطقة.

 

وأقحم باسيل السعودية في تغريدة أراد من خلالها تبرير مواقفه التي أطلقها على مدار الأيام الماضية بشأن العمالة الوافدة قائلا “من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أي يد عاملة أخرى أكانت سورية فلسطينية فرنسية سعودية إيرانية أو أميركية، فاللبناني ‘قبل الكل’.. للأسف هناك من لا يفهم ماذا يعني أن تكون لبنانيتنا فوق كل شيء وماذا يعني أن نشعر برابطة الدم وماذا تعني عبارة ‘الأرض بتجمع” وماذا يعني أن الانتماء اللبناني هو انتماء إلى حضارة وتاريخ”.

وأضاف باسيل متوجها للبنانيين ”البعض لا يشعرون بكم وبهويتكم بل شعورهم قد يكون مع أي أمر يحصل بمكان آخر في العالم فيتفاعلون معه أكثر وهذا هو السبب الذي جعلكم منسيين في السنوات الماضية ولهذا نحاول اليوم تعويض جزء صغير من النسيان الكبير.. يخيفونكم بأن جواز السفر اللبناني يضركم ويجر عليكم عقوبات وهذا غير صحيح، فلبنان برسالته واسمه لا يزال حاجة للعالم مع كل ما يعانيه”.

وأثارت تصريحات باسيل ردود فعل واسعة في السعودية وذهب البعض حد المطالبة بطرد العاملين اللبنانيين من أراضي المملكة الذين يتجاوز عددهم المئتي ألف.

وتحدث الأمير السعودي، عبدالرحمن بن مساعد، بتهكم على العمالة السعودية في لبنان قائلا في تغريدة “مشكلة العمالة السعودية السائبة في لبنان كبيرة ولا يلام معالي الوزير العبقري على تصريحه ولا أرى فيه أي عنصرية بل هو تصريح حكيم وفي محله، فالسعوديون زاحموا اللبنانيين على أعمالهم، واللبنانيون أولى ببلادهم لاسيما أن عدد العمالة السعودية في لبنان يقارب الـ200 ألف”.

وهاجم الكاتب السعودي سلطان بن بندر وزير الخارجية اللبناني الذي أشار إليه بصفة “صهر الريّس عون”. وقال “باسيل صهر الريّس يسيء للسعوديين دفاعا عن اتهامه بالعنصرية”.

واعتبر بن بندر أن ما صدر عن باسيل يندرج في خانة من يحاولون “تعكير العلاقات السعودية اللبنانية بتصريحات لا تدل إلا على الجهل الدبلوماسي والمقامرة السياسية”.

وأضاف “ودون أن يتذكر صهر الريّس عون، جبران باسيل الذي أوكلت له حقيبة الخارجية، خلال كتابة تغريدته المسيئة التي أقحم فيها السعوديين أن أكثر من 300 ألف مواطن لبناني تركوا وطنهم طمعا في العيش داخل السعودية، خلال دفاعه عن اليد العاملة اللبنانية في لبنان، تناسى أن السعودية احتضنت العديد من الأيدي العاملة اللبنانية ووفرت لهم أرضا خصبة للعمل، عوضا عن المشاريع السعودية التي أقامتها في لبنان، لينطبق عليها المثل اللبناني أكل البيضة وقشرتها وبيقول ما شفت شي!”.

وتابع الكاتب السعودي “امتعض العديد من المغردين السعوديين من إقحامهم في تغريدة باسيل المسيئة”، وقال إن هؤلاء طالبوا في نفس الوقت وزير العمل السعودي أحمد الراجحي “بعودة الأيدي اللبنانية العاملة في السعودية لتحل محل الأجانب في لبنان اتساقا مع ما طالب به باسيل”.

واعتبرت مصادر سياسية أن باسيل من خلال تغريدته أساء إلى لبنان وإلى الحكومة التي ينتمي إليها أوّلا، وأن تعمده التصويب على الرياض قد يدفع نحو فرملة العلاقات بين الطرفين التي شهدت تحسنا في الفترة الأخيرة مع وعود سعودية بعودة السياح إلى لبنان.

وتقول المصادر إن باسيل، تجاوز جميع الأعراف الدبلوماسية وهو الذي يتولى الإشراف على السياسة الخارجية لبلاده، غير مستبعدين أن تكون تغريدته مرتبطة بأجندة هدفها ضرب العلاقات السعودية اللبنانية لمصلحة إيران، خاصة بعد تصويبه على “السنية السياسية” التي اعتبر أنها “أتت على جثث المارونية السياسية”.

وعلى خلفية مواقفه المثيرة تصاعدت الدعوات في لبنان مطالبة باستقالة باسيل وقالت النائب المستقلة بولا يعقوبيان الاثنين على صفحتها في فيسبوك متوجهة لرئيس التيار الوطني الحر “ارتكب خطيئة الاعتذار ولو لمرة واحدة. لا يمكنك أن تكون مسؤولا وتقول كل شيء يزيدك شعبوية رخيصة، فالمسؤول الرفيع يرفع من شأن تفكير ناسه ويساعدهم على السيطرة على غضبهم”.

وتابعت يعقوبيان أن لبنان دفع أغلى الأثمان نتيجة “رعونة” سياسية، وأضافت متوجهة لباسيل”لكن حضرتك ضاربت على الكل والمؤسف أنك شاعر بالعبقرية بدل أن تشعر بالخجل الذي تسببه لنا كلبنانيين مقيمين ومغتربين”.

وتابعت “اللبناني الذي هاجر هرب منكم ومن أمثالكم. وها أنتم تلحقون به إلى بلاد الاغتراب لتخريب بيته!!!؟” وختمت قائلة لباسيل “اعتذر أو استقل”.

وأمام الحملة المضادة التي شنت عليه ردا على تغريدته المسيئة للسعودية اضطر وزير الخارجية إلى التراجع عن كلامه محملا المسؤولية إلى من وصفهم بـ”محترفي تخريب العلاقات وأصحاب النوايا السيئة يحرفون الكلام أو المعنى والمقصد في وقت هو ليس كذلك”.

اقرأ أيضا:
جبران باسيل.. مكيافيلية طائفية
وقال في هذا السياق “كل يوم معرضون لتحريف كلامنا وواجب علينا تحقيق مصلحة لبنان وإذا حصل تحريف علينا أن نصححه”. وأشار إلى أن “الدول ومن ضمنها لبنان والسعودية تميز شعوبها عن غيرها بالقوانين وهذه ليست عنصرية فعندما تدافع عن حق شعبك تكون وطنيا وليس عنصريا وهذا ما قلته وهذا ما قصدته”.

وتابع باسيل “اللبنانيون يعملون بالخارج وفقا لحاجات الدول وهم يحترمون قوانين هذه الدول وكل من يخالف نحن ندعو إلى تطبيق القانون بحقه وعلى رأس هذه الدول المملكة العربية السعودية حيث لدينا جالية من الواجب الحفاظ على مصالحها لكن واجب الجالية وواجبنا أن نحترم الدولة التي نعمل فيها ونحترم قوانينها”.

ولفت باسيل إلى أنه من “واجب كل دولة إعطاء الأولوية لشعبها بفرص العمل وهذا ما تقوم به كل الدول وهذا ما يغفل عنه لبنان بالتطبيق”.

ويقول محللون إلى الخطاب الشعبوي لباسيل أصبح عبئا ثقيلا ليس فقط على الحكومة بل وعلى العهد والمناخ العام في لبنان ككل، مستبعدين رغم ذلك أن يقدم استقالته خاصة وأن للرجل طموحات سياسية غير محدودة، وكل مواقفه وتحركاته يرمي من خلالها إلى التمايز وتعبيد الطريق لبلوغ أهدافه وعلى رأسها كرسي بعبدا.

ويلفت المحللون إلى أنه أمام حضور أكثر من مؤثر للتيار الوطني الحر في البرلمان والحكومة فضلا عن وجود عون في قصر بعبدا فإن إمكانية إقالته غير واردة بالمطلق، وأن لبنان في عهده مقبل على المزيد من الخضات.