أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أن “في أرضنا ومن أرضنا نعيش ولأجل أرضنا نصمد ونستمر”، مشيرًا إلى أن “بقدر ما كانت أرضُنا وفيةً لنا في أحلك الظروف، سنحرص على رد الجميل وعلى رد الجمال لها”.
ورأى جعجع، في كلمة خلال مؤتمر تحت عنوان “القوّات في مواجهة التحديات – المقالع والكسارات في لبنان”، أن “لا حياةَ سليمةً من دون بيئة نظيفة، ولا إنسانَ معافًى في ظل بيئة ملوثة، ولا قيمةَ لتطور علمي وتكنولوجي على حساب الإنسان وسلامته وصحته”.
وقال: “ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وليس بالسياسة وحدها تدار شؤون البلاد والعباد”، مشيرًا إلى أن “السياسة في مفهومنا وقناعتنا هي العناية بكل ما يتصل بحياة الإنسان، بدءًا من بيئة سياسية مستقرة توفر له مقومات العيش بكرامة وطمأنينة، وصولًا إلى بيئة نظيفة تبعد عنه التلوث والأوبئة والأمراض”.
وأضاف: “نحن معنيون بكل الأبعاد المتصلة بحياة المواطن اللبناني، ومعنيون بلبنان وثروته الطبيعية الفريدة والمهددة بالمصالح النفعية وبالإهمال وبالجهل”، لافتًا إلى أن “دفاعنا المستميت عن الإنسان اللبناني لا يحجب دفاعنا المستميت أيضًا عن لبنان بوديانه السحيقة وجباله الشامخة وأنهاره المتدفقة وسهوله المعطاء وطبيعته الخلابة”.
وأكد “أننا لن نسمح بتشويه هذه الأرض وتخريب ثرواتنا الطبيعية وبعضها فريد في العالم ويشكل بذاته جزءا من التراث العالمي”، موضحًا أن “عندما أطلقنا في الانتخابات النيابية شعار “صار بدا”، لم نطلقه كعنوان ظرفي يرمي إلى تعبئة الناس من أجل استحقاق انتخابي على أهميته، بل انطلاقًا من إدراكنا أن الوضع لم يعد يحتمل ويطاق في مختلف المجالات وعلى سائر المستويات”.
واعتبر جعجع أن “لا السيادة بخير، ولا الدولة ومؤسساتها بخير، ولا الوضع الاقتصادي بخير، ولا المواطن بخير، والبلاد تسير على طريقة “سارحة والرب راعيها””، منبّهًا إلى أن “استمرار هذا الوضع أدى ويؤدي إلى تيئيس الناس وإحباطها وتخييرها بين الرحيل والهجرة، وبين العيش في شبه دولة، أي دولة بالاسم وليس بالفعل، وهذا ما لن نسمح باستمراره وبتفاقمه”.
وشدد على “أننا لم نقدِّم قوافل الشهداء والتضحيات والنضالات على مذبح الوطن من أجل أن يبقى المواطن اللبناني معلّقًا بين الدولة واللادولة، بين الموت وخطر الموت، بين الخوف من الغد والهروب من الواقع”، وقال: “استبشرنا خيرًا حتى الآن في الأداء الجيّد لوزير البيئة فادي جريصاتي، ونحيي جهوده ومثابرته”.
وتابع: “”صار بدا” فعلًا وضع سياسة تنظيمية واضحة المعالم للمقالع والكسارات سواء سُمّيت مخططًا توجيهيًا أو خطة بعيدة المدى، أو خريطة طريق تفصل بين حق الاستثمار السليم في إطار القانون وبين منطق المتفلت والممارسات المافيوية”، معتبرًا أن “من غير الجائز استمرار الفوضى الكارثية القائمة، بل يجب المضي قدما في اتجاه تحديد الإطار التنظيمي المطلوب ووضعه على نار حامية”.
ورأى جعجع أن “ما ينقصنا في لبنان هو الجرأة في اتخاذ القرارات وترجمتها على أرض الواقع، بدءًا من وضع إطار قانوني وتنظيمي واضح ونهائي وجذري، وصولًا إلى اتخاذ قرارات جريئة بمحاسبة المسؤولين عن التشوهات الحاصلة، وما بينهما حصر وتحديد الجهات التي تعود إليها صلاحية منح التراخيص والموافقات”، وأردف قائلًا: “يجب ألّا يغيب عن بال أحد ان تنظيم هذا الواقع الذي يشكّل مصلحة وطنية وبيئية وإنسانية وحضارية جوهرية يمكن أن تستفيد منه الدولة لتغذية خزينتها بما هو حق لها وواجب على المستثمر، فتكون بذلك حمت الطبيعة وأمنت موارد تصرف حيث ينبغي”.
ووجّه التحية إلى الوزير السابق طوني كرم “الذي على رغم الظروف السياسية غير المساعدة وغير الملائمة التي كانت سائدة لدى تسلمه وزارة البيئة، ولفترة وجيزة جدًا، نجح في وضع الأسس التي نطمح إلى تحقيقها اليوم والتي اعترف بصدقيتها وعلميتها وموضوعيتها الأبعدون والأقربون”، مشيرًا إلى أن “”صار بدا” قانونًا واضحًا ومتكاملًا، والتذاكي والالتفاف عليه مرفوض”.
ولفت إلى أن “الاستثمار يجب أن يكون شرطه الأساس احترام الطبيعة بجمالها وكنوزها ومعالمها البيئية وخصائصها البيولوجية”، وقال: “”صار بدا” قرارًا يضع حدًا للقضم المتواصل والتشويه العشوائي لطبيعتنا، وإلزام المستثمر بإزالة التشويه وإعادة التشجير وفق معايير علمية وبيئية، بعد الانتهاء من الاستثمار”.
وشدد على أن “الأرض أرضنا، والجبال جبالنا، والبيئة بيئتنا، وجبالنا التي بقيت عصية على مختلف أنواع الاحتلالات لن نسمح للمقالع والكسارات بتدميرها”، مشيرًا إلى أن “أجدادنا وآباءنا نجحوا في تحويل المعالم الجرداء والصخرية إلى جلول للزراعة وحقول خصيبة ساعدتهم في الصمود والمقاومة في وجه الطامعين”.
وختم: “لن نسمح اليوم لأصحاب الأطماع أن يشوهوا ما صنعه الله وحفظه البشر من حجر وشجر”، متمنّيًا أن “يكون هذا المؤتمر حافزًا إضافيًا ليقظة بيئية قبل فوات الأوان”.