تعتبر القاهرة، حسب دوائر رسمية، أن استمرار إطلاق حركة “حماس” للبالونات الحارقة سينعكس بصورة سلبية على الجهود الهادفة لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، وهي الجهود التي تعمل مصر على انجاحها في ظل التوتر الذي تعيشه المنطقة، خصوصًا عقب قرار إسرائيل فرض طوق بحري على القطاع ما يعني منع العشرات من الصيادين الفلسطينيين من ابناء قطاع غزة من العمل في الصيد لفترة طويلة في إطار رد الاحتلال على تواصل إرسال البالونات الحارقة الى الأراضي الإسرئيلية.
اللافت أن هذه البالونات باتت محورا سياسيا مهما في التحرك السياسي الإسرائيلي الداخلي، خصوصًا بين الأحزاب المتنافسة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث يسعى قادة هذه الأحزاب إلى التشديد على خطورة هذه البالونات والأهم تسببها في الكثير من المشاكل لسكان المناطق الجنوبية المتاخمة لقطاع غزة، ومحاولة إظهار عجز وفشل رئيس الوزراء الإسرائيلي في التعاطي مع هذه الأزمة والعجز عن حلها.
وباتت المناطق الجنوبية المتاخمة للقطاع مقرا للزيارات التي يرغب المسؤولون الإسرائيليون المعارضون في القيام بها، والأهم محاولة إظهار مدى التعاطف السياسي والدعم لهذه المناطق بهدف تبيان فشل نتنياهو وعدم قدرته على التغلب على أزمة هذه البالونات.
غير أن الحديث عن الأزمة التي يمكن أن تعيشها إسرائيل بسبب هذه البالونات يثير بدوره نقطة أخرى وهي الحديث عن وجود غضب سياسي وحتى شعبي في غزة إزاء القرار الإسرائيلي بمنع الصيادين من الصيد في قطاع غزة، خصوصًا وان إسرائيل تسعى إلى محاولة إقناع الفلسطينيين بأن “حماس” وسياساتها تمثل أزمة كبيرة لهم، والأهم من هذا أنهم يدفعون ثمن السياسات التي تنتهجها الحركة.
وفي هذا الاطار، يأتي تسريب عدد من الفيديوهات لأطفال فلسطينيين ممن يلقون بهذه البالونات الحارقة على إسرائيل، يشير عدد منهم إلى منحه الأموال مقابل القيام بذلك، فضلا عن غضب عدد من العائلات الفلسطينية من تكرار القيام بهذه التصرفات التي تؤدي الى وقوع عدد من الضحايا الفلسطينيين بنيران الاحتلال سواء بسببها أو بسبب مسيرات العودة التي أطلقتها عدد من القوى التابعة لحماس أيضا.
ومع قلة فرص العمل المتاحة في القطاع مع إغلاق إسرائيل الباب نحو قدوم العمالة الفلسطينية من القطاع للداخل الفلسطيني، وتحول الصيد إلى فرصة متميزة للعمل في غزة فإن القرار الإسرائيلي جاء ليزيد من معاناة الفلسطينيين والأهم إنه تسبب في طرح تساؤل هام عن جدوى البالونات الحارقة ونتائجها على الفلسطينيين في عزة.
ومع تجدد إطلاق البالونات اكتشفت الأجهزة الأمنية في إسرائيل أنه جرى “تطوير” هذه البالونات، بحيث يمكن للبالون الواحد أن يشعل عدة حرائق، بواسطة إسقاط فتائل صغيرة مشتعلة.
وأشار عدد من التقارير الى أنه جرى التعامل بداية باستخفاف مع البالونات الحارقة باعتبار أنها تهديد غير جدي، ولكن بعد مرور عام من بدء استخدامها اكتشفت قوات الأمن الإسرائيلية أنه تم تطويرها، بحيث أن الفتيل المشتعل يؤدي الى نشر فتائل صغيرة مشتعلة في عدة مواقع خلال تحليق البالون.
وفي المحصلة يثير وقوع الفلسطينيين في القطاع بين سندان الأزمة الاقتصادية ومطرقة القرارات الاسرائيلية الأخيرة الكثير من الجدال على الساحة الفلسطينية الملآى بالأساس بجدال واسع لا ينتهي إزاء سياسات “حماس”.