IMLebanon

هل فرمل تصعيد نصرالله حماسة تل ابيب للترسيم؟

هل تعثّرت وساطة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الادنى دايفيد ساترفيلد لفض الخلاف الحدودي البحري والبري بين بيروت وتل ابيب؟ وهل فعلاً اقترب مسعاه التوفيقي من خواتيمه؟ لا جواب واضحا بعد في هذا الشأن، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، الا انها تشير الى ان الاجواء الايجابية التي تم تسويقها في الاسابيع الماضية، تبين انها لم تكن مبنية على أسس متينة.

والحال ان المفاوضات التي كانت تتركز على عملية الترسيم في شقها التقني العملاني اذا جاز القول، لم تكن المعطيات السياسية والاستراتيجية بعيدة منها بتاتا. فتل ابيب، وفق ما تلفت المصادر، كانت تعوّل على أن تُظهر الحكومة اللبنانية جدية كبيرة في مسألة لجم حزب الله، استجابة مع المطالب الدولية عموما والاميركية خصوصا، وإرغامه على التقيد بالقرارات الدولية وأبرزها الـ1701 الذي يمنع اي تحركات عسكرية جنوبي الليطاني، وبسياسة النأي بالنفس ايضا. وانطلاقا من معلومات وصلت اليها عن ان هذا الأمر سيتحقق وبات مسألة وقت، ومن معطيات تقول ان الحزب في صدد الفصل بين هذه القضية وأجندته الاقليمية، بدأ الكيان العبري يتجاوب نوعا ما، مع اتصالات ساترفيلد وأبدى ليونة في التعامل مع الورقة التي تقدّم بها لبنان للترسيم.

غير ان الرياح لم تسر كما تشتهي اسرائيل. والتطورات التي عصفت بالاقليم، واشتداد الصراع الاميركي – الايراني، كان لهما تأثيرهما الواضح على حزب الله الذي عاد ليرفع نبرة خطابه في شكل غير مسبوق. فخرج أمينه العام السيد حسن نصرالله غير مرة في الايام الماضية، معلناً ان الجبهات كلها ستشتعل اذا تعرضت ايران لاعتداء، وأن النأي بالنفس لا يلزمه.

وأمام هذه المواقف “الناريّة”- التي قد تكون أتت “شحمة على فطيرة” الاسرائيليين الذين لطالما اعتمدوا سياسة المراوغة والتسويف في اي اتفاقات ووساطات يدخلون فيها –  قرر هؤلاء اعادة حساباتهم، فهم يشترطون ضبط حزب الله، قبل اي أمر آخر، ليسيروا قدماً بأي مفاوضات مع الدولة اللبنانية، وهذا الامر لم يتحقق، بل على العكس.

ومن هذه “المحطّة”، تتابع المصادر، بدأ مسار الوساطة التي يعمل عليها ساترفيلد، “يتعقّد”. وكان ان أعلن الجيش الاسرائيلي، مناطق مزارع شبعا وصولا إلى جبل الشيخ عند الحدود اللبنانية السورية، مناطق عسكرية مغلقة رافعا فيها درجة جهوزيته والاستنفار.

غير ان المستجدات الخارجية ليست فقط ما فرمل “عجلات” الوسيط الاميركي، فالتطورات داخل اسرائيل وتحديدا حل مجلس النواب وقرار اعادة الانتخابات معطوفة الى تحريك الملاحقات القضائية في حق نتنياهو، هذه التطورات لعبت هي الاخرى دورا سلبيا وثبّطت زخمها.

رغم هذه الاجواء، تشير المصادر الى ان الأميركيين يصرون على مواصلة جهودهم لايجاد تسوية، عبر ساترفيلد او دبلوماسي جديد قد يخلفه في منصبه هو دايفيد شينكر. فالتفاهم، من جهة، يرسّخ التهدئة على الحدود الجنوبية للبنان ويقلّص قدرة حزب الله على تحريك هذه الجبهة، لا سيما عشية صفقة القرن التي تنوي واشنطن الاعلان عنها قريبا لإرساء السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين،  ومن جهة ثانية، يطلق عملية التنقيب عن النفط في هذه المنطقة والتي ستكون الشركات الاميركية ناشطة فيها.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو “قبل الفصل او الجمع بين الترسيم برا وبحرا، هل سيتمكن الوسطاء من “فصل” هذا الملف عن نيران الاقليم، ليسلك طريقه الى الحل؟ ام ان رياح الخارج ستكون أقوى”؟