IMLebanon

جعجع: اقتراح بري الانتخابي ولد ميتًا ووضع التسوية صعب!

في خضم الانهماك الداخلي بالازمات المتناسلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبيئيا، وفي لحظة اقليمية بالغة الحراجة تبدو فيها المنطقة على فوهة بركان مشتعل، بادرت كتلة التنمية والتحرير الى فتح ملف قانون الانتخابات النيابية متبنية اقتراحا جديدا اعدته لجنة خاصة، في خطوة كان لها وقع المفاجأة في الاوساط السياسية والشعبية التي اعتقدت لبرهة ان نقاشات السنوات العشر في القانون الانتخابي التي “انجبت” القانون الحالي ولّت الى حين، ووضعت على الرف في انتظار نضوج ظروف ادخال بعض التعديلات الى متنه في ضوء جملة تحفظات سجلتها قوى سياسية على أمل تعديلها حينما يحين وقتها. خطوة الكتلة التي يرأسها رئيس رئيس مجلس النواب نبيه بري راكمت مجموعة تساؤلات تبدأ بتوقيت طرحها ولا تنتهي بأهداف الاقتراح المبني في شكل اساس على ركيزة معلوم سلفا، ومن الرئيس بري بالذات، انها مرفوضة، اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة.

وفد الكتلة النيابي الثلاثي الذي جال على القوى السياسية لتسويق اقتراحه كان حطّ في معراب منذ مدة ووضع نواب كتلة “الجمهورية القوية” في ابعاده وتفاصيله، وتريثت معراب في ابداء الرأي حتى اللحظة.

وقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كلمته في الاقتراح، فأعلن لـ”المركزية” انها تكاد تكون المرة الاولى التي لا تنعكس اجواء الودّ الموجودة بيننا وبين الرئيس بري في قانونه الانتخابي المقترح. هذا طبعا لا يفسد في الود قضية، لا بل ان قانون الانتخاب يجب ان يتبع الود، لا العكس. المشكلة تكمن في ان المطروح في القانون المشار اليه “Deja vue”، ذلك ان كل المناقشات التي جرت حتى لحظة اقرار القانون المعمول به راهنا ابرز حلقاتها كانت مسألة اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة او عدمه، وقد أشبعت بحثا وتمحيصاً وثبت في نهايتها انها مرفوضة من الفرقاء اللبنانيين، بدءا من المستقبل الى الاشتراكي والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وغيرها من القوى السياسية. وتبعا لذلك، استبعدت من القانون، فما جدوى اعادة طرحها اليوم؟ واضاف: بغض النظر عن ان الاقتراح يتضمن نقاطا اخرى فيها الكثير من الايجابيات وثمة ما نتلاقى فيه كحزب معها، لا بل تشكل مطالب قواتية، نستغرب فتح صفحة القانون الانتخابي، في حين ان القانون الحالي الذي جرت الانتخابات الاخيرة على اساسه، اثبت انه اوجد للمرة الاولى الحل المثالي للمشكلة الجوهرية المتمثلة في الصفة التمثيلية للمجموعات اللبنانية كافة في المجلس النيابي، فأطاح المحادل والبوسطات واوجد فرصة ايصال الممثلين الحقيقيين للشعب عن طريق الاستحقاق المباشر. فلمَ اختيار هذه اللحظة بالذات لطرح تغيير هذا القانون الذي لم يكد يمر عام على اجراء الانتخابات على اساسه. صحيح انه ليس مثاليا ولا قانون مثاليا على الارجح، اذ ثمة نقاط تحتاج تعديلا ابرزها طريقة اقتراع المغتربين والبطاقة البيومترية وكيفية احتساب الربح والخسارة، لكن الاكيد، ان لا امكانية بالمطلق للعودة الى تغيير جوهر القانون، ويمكن القول ان اقتراح التنمية والتحرير ولد ميتاً لانه لا يتناسب مع الواقع اللبناني، فالدائرة الواحدة ديموقراطية عددية وهذا لا يتناقض وروحية اتفاق الطائف.

عن طريقة اقتراع المغتربين يقول رئيس القوات، استنادا الى القانون الحالي، فإن المغتربين لن يصوتوا للنواب في لبنان بل لستة نواب خاصين بالاغتراب، وهذا ما نرفضه، ما دام هدفنا الاساس من اقتراع هؤلاء اعادة ربطهم بوطنهم ودوائرهم ومساهمتهم في الحياة السياسية اللبنانية، لا اقتراعهم لنواب يهتمون بأمورهم في الخارج وتاليا فصلهم عن الوطن الام. هذه النقطة بالذات سنحرص في الحزب على تعديلها قبل الانتخابات المقبلة، اضافة الى تعديلات اخرى ابرزها البطاقة البيومترية.

في المقلب الآخر، وعشية جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد الثلثاء في السراي الحكومي، وهي الاولى بعد انجاز الموازنة، حيث يفترض ان تشرع في بحث ملفات اساسية في مقدمها التعيينات الادارية، أكد جعجع ان لا حل مثاليا الا اعتماد الالية، تماما كما حصل في المجلس الدستوري. صحيح ان لا اتجاه لاعتماد هذه الالية. لكننا مصرون على استكمال الدفع نحوها، ومصرون أيضاً على انها لانها الطريقة الفضلى، لايصال المستحقين.

وهل سيحصل كباش قواتي- عوني في هذا المجال؟ يجيب جعجع ” المشكلة ان الوزير جبران باسيل يعتمد معادلة ان كما يختار الرئيس سعد الحريري في التعيينات السنية والثنائي الشيعي في التعيينات الشيعية، يريد ان يختار التعيينات المسيحية كافة، متناسيا ان ثمة ثنائيات يجب ان يأخذها في اعتباره، تماما كما الثنائية الشيعية التي يتم فيها توزيع التعيينات بين فريقين. في مطلق الاحوال هذه القاعدة يجب تغييرها والاتجاه نحو حدّ ادنى من الالية التي تفسح في المجال امام طاقات كثيرة موجودة في البلد من خارج الكادر السياسي، فلم عدم الافادة منها، علما ان الكلمة الفصل تكون اخيرا لمجلس الوزراء؟

وعن حال البلد ومصير التسوية وضرورة صيانتها بمبادرة انقاذية، على غرار تلك التي قام بها ابان الفراغ الرئاسي، يقول رئيس حزب القوات لـ”المركزية”، نفكر ونحاول ونسعى، لكن الانطباع السائد لدى معظم الفرقاء السياسيين في البلد، يؤشر الى ان الوزير باسيل يتحكم باللعبة السياسية وليس من يردعه، حتى ان النقاش في الجلسة الرئاسية في بعبدا امس سيستكمل  وفق المعلومات بين الحريري وباسيل. من هنا تبدو الامور صعبة، من دون ان يعني اننا لن نسعى للانقاذ مع الوزير باسيل. اؤكد ان التسوية كانت في محلها، لكن ما يجري داخل التسوية غير صحي. ليست التسوية اطارا لالغاء الاخر ولا سباقا على الرئاسة يطيح كل من يعرقل دربه. اما المبادرة الانقاذية فلا يملك مفتاحها الا الرئيس ميشال عون، وعليه نعوّل.