IMLebanon

الحرب غير المعلنة.. من البر إلى البحر!

انضمت بريطانيا على لسان وزير الخارجية جيريمي هانت الى لائحة الدول التي  وجهت اتهامها الى ايران بتدبير العملية التي استهدفت ناقلتي النفط امس الاول في بحر عمان على المدخل الجنوبي لمضيق هرمز. وجاء الاتهام البريطاني على وقع التشكيك الألماني الذي فاجأ الأوساط الدولية بعد ساعات على  الإتهامات المماثلة التي وجهتها اليها بعض دول مجلس التعاون الخليجي والأمين العام للجامعة العربية والولايات المتحدة الأميركية على لسان اكثر من مسؤول اميركي من مستويات مختلفة بدءا بالرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية مايك بومبيو الى مجموعة التصريحات التي صدرت عن اكثر من مسؤول.

وعلى رغم حجم الإتهامات المتداولة، فإن اي طرف لم يقدّم بعد ما يبررها او يثبتها. فمجموعة المعلومات التي تسربت وجمعت حتى اليوم لم تقدم رواية واضحة ومتكاملة. ذلك ان الفيلم الذي تحدث عنه المسؤولون الأميركيون لا يتلاقى في شكله مع افادات البحّارة الذين كانوا على متن ناقلة النفط اليابانية كوكوكا كاريدجس  التي كانت في مهمة نقل النفط الى اليابان. وفي مقابل اشارته الى زورق ايراني يسحب لغما بحريا كان بعض البحّارة اول من تحدثوا عن جسم جوي حاول استهدافهم للمرة الأولى دون ان يحقق هدفه الذي تحقق في العملية الثانية  بفارق ساعات قليلة تراوحت بين ساعتين وثلاث ساعات تزامنا مع رصدهم لسفينة عسكرية تابعة لإيران بالقرب منهم دون أي إشارة الى تدخلها سلبا ام ايجابا تضامنا معهم او ضدهم.

وفي وقت نفت ايران مثل هذه الإتهامات ودعت الى التحقيق في ما جرى كما فعل الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس ومقابل التشكيك الألماني بالسيناريوهات المتداولة، لفت وكيل وزير الدفاع الأميركي باتريك شاناهان الى مساعي بلاده لتكوين تحالف دولي خاص بقضية قيام ايران بهذه العملية لمواجهة المخاطر التي تهدد 15 % من نفط العالم الذي يعبر المنطقة.

وبمعزل عن هذه المواقف التي يمكن ان تتبدل بين وقت وآخر، يشير خبراء عسكريون عبر “المركزية” الى  خريطة الوجود البحري الدولي في المنطقة، ويقولون ان المنطقة تضج بالقطع البحرية. فالى الأسطول الأميركي توجد بوارج بريطانية وبرتغالية ويمكن ان يلتقوا من وقت لآخر، ببوارج روسية عدا عن انتشار البحرية الإيرانية ودورياتها، وكل ذلك يعطي صورة عما يمكن ان تؤدي اليه اية مواجهة فيها.

وتبعاً لذلك، لا يشكك الخبراء المشار اليهم بنظرية ان تكون البحرية الإيرانية هي الأكثر قدرة على الحركة في المنطقة، فهي تنتشر في منطقة تقارب شواطئها، وسبق ان كونت ألوية بحرية من زوارق سريعة محملّة بصاروخ او صاروخين يمكنها القيام بعملية عسكرية خاطفة قد تكون انتحارية، إن اضطرت الى القيام بمثلها انتقاما.

وبعيدا من هذه القراءة العسكرية وما يمكن ان تؤدي اليه من سيناريوهات، تبقى الإشارة ضرورية الى قراءة دبلوماسية أخرى تنظر الى ما يجري على انه من عدة الشغل.

وفي المعلومات المتوافرة من تقارير عدة وردت الى “المركزية”  إن الجهود الدبلوماسية المخصصة لإحتواء اي مواجهة عسكرية قائمة في اكثر من عاصمة وموقع. فالحديث عن الوساطة اليابانية لم يحجب الوساطات الأخرى. في مسقط حوار ايراني– أميركي شبه دائم وفي بعثتي البلدين خبراء ودبلوماسيون مجهولون. وفي موسكو مجهود صامت كما في أروقة الأمم المتحدة الى جانب اللقاءات المخابراتية التي لا يتم الاعلان عن مكانها ولا عن زمانها ولا عما تناقش.

على هذه الخلفية ترى المراجع الدبلوماسية في كل حدث امني، بريا كان ام بحريا، مؤشرا الى ما بلغته المفاوضات بين الطرفين الإيراني والأميركي. فطالما ان النية لا تتجه الى استخدام القوة العسكرية من الطرفين لن تتبرع قوة أخرى للقيام بهذه المهمة. وكل ما يجري من احداث لا يجب ان يشكل مفاجأة لاحد. فهو يرسم إشارة إضافية الى التعقيدات التي تواجهها المفاوضات ايا كان الإتجاه الذي يمكن ان تقود اليه سلبا ام ايجابا باتجاه الإنفراج او الإنفجار.

لمجمل ما تقدم، لا تغفل هذه المراجع عند وضع السيناريوهات المحتملة ان تكون المواجهة غير المفهومة في الخليج العربي شبيهة بالحلول الغامضة المطروحة لأكثر من أزمة في المنطقة من اليمن الى سوريا والعراق ، كلها ساحات معلنة ، فلماذا لا يشكل البحر امتدادا لها؟!.