يركز فرع التحقيق في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، في تحقيقاته مع الموقوفين من أفراد عائلة الإرهابي عبد الرحمن مبسوط واثنين آخرين، على تبيان وجود أي رابط داخلي أو خارجي دفعه إلى ارتكاب جريمته، التي أدت إلى استشهاد اثنين من الجيش وآخرين من قوى الأمن الداخلي، إضافة إلى مقتله.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مرجع أمني يواكب عن كثب التحقيقات التي يتولاها حصرياً فرع التحقيق في مخابرات الجيش، بأن المعطيات الأولية التي توفرت حتى الآن لم تتوصل إلى رابط بين منفّذ الجريمة مبسوط في طرابلس عشية عيد الفطر، وبين جهات خارجية أو داخلية.
وكشف المرجع الأمني أن عدم تبيان أي رابط بين مبسوط وجهات خارجية ومحلية، كما أُحيطت علماً بذلك المراجع العليا في الدولة، لا يعني عدم مواصلة التحقيقات مع الموقوفين، لعلّهم يدلون بمعلومات أو معطيات تؤشّر إلى أن الجريمة التي نفّذها الإرهابي مبسوط ليست معزولة عن عوامل خارجية.
ولفت مصدر أمني مواكب للتحقيقات الجارية مع الموقوفين رهن التحقيق، إلى أن الملف الخاص بالجريمة التي ارتكبها مبسوط هو في عهدة مديرية المخابرات، وقال إن التنسيق قائم بينها وبين شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي.
وأكد أن اجتماعاً عُقد منذ أيام بين مدير المخابرات العميد طوني منصور، وبين رئيس شعبة «المعلومات» العميد خالد حمود، جرى فيه التأكيد على ضرورة التنسيق، وقال المصدر إن حمود سلّم منصور تاجر السلاح الذي باع السلاح لمبسوط الذي استخدمه في تنفيذ جريمته. وكانت شعبة «المعلومات» أوقفته فور وقوع الجريمة الإرهابية، بعد أن نصحه كنعان ناجي القيادي السابق في «حركة التوحيد الإسلامي» بضرورة الإسراع بتسليم نفسه، في ضوء مصارحته بأنه باع السلاح لمبسوط ولم يكن على علم بوجود نيّة لديه في الإعداد لاستهداف الجيش وقوى الأمن.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» بأن مبسوط باع أثاث منزله لتأمين المال لشراء السلاح، وأن التحقيق الجاري حالياً مع تاجر السلاح (ب. ر.) يتمحور حول نقطة أساسية، وهي: هل كان على علم بأن مبسوط ينوي تنفيذ الجريمة التي ارتكبها، إضافة إلى نقطة أخرى تتعلق بوجود معرفة مسبقة بينهما أم لا.
كما أن التحقيق مع زوجة مبسوط التي أصبحت طليقته قبل ساعات من تنفيذ جريمته، وبموجب رسالة صوتية بعث بها إليها من هاتفه الجوال، يتركّز حول ما إذا كانت تلمس من خلال سلوكه في المنزل بأنه ينوي تنفيذ جريمة إرهابية، مع أنها كانت قد أبلغت جهات أمنية وقبل فترة قصيرة من وقوعها، بأن زوجها يخطط للقيام بعملية إرهابية.
لكن وبحسب مرجع سياسي يواكب عن كثب التحقيقات الجارية، فإن ضيق الوقت لم يمكّن الجهة الأمنية هذه من اعتقال مبسوط قبل أن ينفّذ جريمته، علماً بأنه كان من أصحاب السوابق في تعاطيه للمخدرات، وسبق أن أُوقف وهو في سن السابعة عشرة إثر إشكال وقع بينه وبين صاحب صيدلية في بلدة تقع في قضاء الكورة، على خلفية رفضه بيعه بعض العقاقير الطبية التي تحتوي على مواد مخدّرة، ولا تعطى من دون وصفة طبية.
وتبقى الإشارة إلى أن العامل الجديد في التحقيقات الجارية يتعلق بتوقيف شخص تردّد أنه كان على تواصل مع مبسوط استناداً إلى تحليل «داتا» الاتصالات الخاصة بهاتفه الجوال.
وعلمت «الشرق الأوسط» بأن مخابرات الجيش أوقفت هذا الشخص على خلفية ما تردّد بأنه أبلغ مبسوط استعداده للاشتراك في الهجوم الذي نفّذه، قبل أن يعود ويتراجع عما أبلغه إياه قبل تنفيذ الجريمة. كما تردّد أن لهذا الموقوف علاقة سابقة بتنظيم «داعش»، علماً بأنه لم يكن لمبسوط أي نشاط «داعشي» في طرابلس، أو مشاركة في الاشتباكات التي كانت تدور على جبهة باب التبانة – جبل محسن، أو في القتال إلى جانب المجموعات الإرهابية والمتشدّدة في جرود عرسال في البقاع. وبالتالي فإنه اعتُقل في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لدى وصوله إليه بعدما أبعدته السلطات التركية.
وجاء اعتقاله بناء على مذكرة توقيف نيابية مصدرها شعبة «المعلومات» التي تسلّمته من الأمن العام في المطار، وأخضعته للتحقيق، وأحالته على القضاء العسكري الذي حكم عليه بالسجن لسنة ونصف ثم أُفرج عنه.