كتب ثائر عباس في صحيفة “الشرق الاوسط”:
يشبّه رئيس الجمهورية ميشال عون الوضع في لبنان، بوضع سفينة «تيتانيك» التي كانت تغرق ببطء، بينما ركابها يرقصون في صالوناتها غير مدركين للخطر الملم بها، إلى أن كانت الكارثة. ونقل عن عون زواره لـ«الشرق الأوسط»، بالأمس، مواقفه إزاء عدد من القضايا؛ منها الدفاع عن وزير الخارجية جبران باسيل بعد عاصفة التصريحات والتصريحات المضادة التي كان طرفاً فيها.
الرئيس استغرب كيف أنه بموازاة الدعوات للتقشف والتحذيرات من الوضع الاقتصادي تتصاعد بعض الأصوات في القطاعات الرسمية، للمطالبة بزيادات على الرواتب والتقديمات وصولاً إلى حد الإضراب عن العمل، كما هو حاصل مثلاً في الجامعة اللبنانية التي شملت سلسلة الرتب والرواتب الأخيرة لأساتذتها. ويقول: «الأساتذة والأطباء من نخب الوطن، ويجب عليهم قبل غيرهم أن يفكّروا في المصلحة العامة، وإذا وصلنا إلى مرحلة تم وضع اليد فيها على لبنان سيتم التدخل في قائمة الطعام في منزل كل منا».
وأخذ عون على أفراد الطبقة السياسية «الإفراط في الاهتمام بمصالحهم»، عادّاً أن وضع المنطقة المتوتر يحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى قدراً عالياً من التضامن بين اللبنانيين، فيما السجال الدائر حول بعض الملفات «يقارب البحث في جنس الملائكة». ونبه إلى أن الجدل حول الصلاحيات غير مفيد، لأنه إذا انهار لبنان فستذوب كل الصلاحيات ولا تفيد أي واحد منا. وقال: «المنطقة تهتز، وكثير من السياسيين في لبنان يتصرف كأنه لا يدري ماذا يجري حولنا، فالمد الحيوي للبنان هو في الدول العربية، وأزمات المنطقة تؤثر علينا بشكل كبير».
أما حيال الهجمات التي طالت وزير الخارجية جبران باسيل، وهو صهره ورئيس «التيار الوطني الحر» الذي أسسه، فاعتبر عون أن باسيل «تعرض لحملة منظمة، انطلاقاً من كلمات لم يقلها، أو تم تحريفها، فعندما تحدث عن أننا لا نريد سنّية سياسية ولا مارونية سياسية ولا شيعية سياسية، اجتزئ كلامه، وتم التركيز على عبارة السنية السياسية». وأشار إلى أن باسيل قد لا يكون مستهدفاً في هذه الحملة، بقدر ما كان غيره مستهدفاً، قائلاً إن البعض يلعب «البليار بالسياسة، فيضرب طابة ليصيب بها الطابة الأخرى».
وعلى الصعيد الاقتصادي، رأى عون أن الوضع المالي دقيق، لكنه ليس ميؤوساً منه، مشيراً إلى أن «الدولة هي مَن تعاني وليس الموظفون»، مستغرباً «كمية الضجيج حول هذا الموضوع في حين أنه لم تتأخر رواتب الموظفين ولا مرة واحدة، فلماذا الشكوى من الوضع؟». وأمل في تحسن الأوضاع، لكن قال إن «هذا يحتاج إلى عمل دؤوب وإلى نية صافية في العمل، لا أن ندخل إلى مجلس الوزراء فنناقش الأمر ونقترح إجراءات ثم نخرج من الجلسة فننتقد… اللعب بالسياسة لا يجوز داخل المؤسسات، فمجلس الوزراء لإدارة البلاد ومجلس النواب للتشريع، وهما ليس المكان المناسب للمناورات السياسية، لأن مسار الدولة ولقمة عيش المواطن لا يحتملانها».
وإذ أبدى الرئيس عون أمله في موسم اصطياف جيد، متوقعاً وصول كثير من السياح العرب إلى لبنان، خصوصاً من السعوديين بعد رفع التحذير الرسمي، توقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الحراك الحكومي، بعد إقرار الموازنة. وأردف أن «مسار العمل الحكومي لاحقاً سوف يسير على خطين؛ الأول الخطة الاقتصادية التي يجب أن تنبع من الرؤية الاقتصادية التي باتت جاهزة، والثاني الخطة البيئية. والأمران يحتاجان فقط إلى تأكيد من مجلس الوزراء ووضع الخطة التنفيذية، وهما من شأنهما المساهمة في تعزيز الوضع الاقتصادي وتحسين نوعية حياة اللبنانيين».
وإذ شدد الرئيس على أن الوقت لا يسمح بـ«ترف الاختلاف»، شدّد على ضرورة أن تحسم الأطراف السياسية أمرها بالمشاركة الفعلية في عملية إنقاذ الوضع اللبناني، خصوصاً أن الأزمات الداخلية تتراكم، والحلول بالمتناول، إذا تخلت الأطراف عن أنانياتها. واختتم بالقول: «نعم، نحن ننجز، لكن مسار إنجازاتنا بطيء كالسلحفاة… الاقتصاد ليس حزباً، وليس لطرف دون الآخر، الاقتصاد للكل»، مبدياً استغرابه من «التناقضات داخل الأحزاب لجهة منهجية العمل، حيث يضيع كثير من الوقت على الهوامش، في حين أن الأمور تكون أسرع وأكثر إفادة إن انتقلنا إلى العمل بدلاً من الاستعراض وتسجيل المواقف».