أعلِنَت في المجلس الوطني للبحوث العلمية نتائج المسوحات البحرية السنوية للشاطىء اللبناني، في حضور وزراء السياحة اواديس كيدانيان والبيئة فادي جريصاتي والزراعة حسن اللقيس ومدراء عامين واكاديميين وشخصيات مهتمة.
واوضح الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة، ان المجلس يعمل على متابعة الأوضاع البيئية في 26 موقعا من الشمال إلى الجنوب. وقد تم اختيار هذه المواقع خارج المسابح الخاصة أو الإنشاءات السياحية أو الإنشاءات الاقتصادية، كونها تدار من مؤسسات عامة وخاصة مسؤولة مباشرة عن تحديد أوضاع المنطقة الشاطئية المتاخمة لها.
واكد لم تؤخذ العينات الشهرية وعلى مدار السنة، مباشرة من مصبات المياه الآسنة والمجارير التي تصل إلى البحر، بشكل دائم أو ظرفي، ولا من مكبات النفايات الصلبة الدائمة، كونها لا تحتاج لتحاليل لتأكيد تلويثها للشاطىء.
وكشف انه بالمقارنة مع السنوات السابقة، لم يشهد الوضع تحسنا يذكر، نظرا لغياب المبادرات البيئية السليمة واستمرار استباحة الشاطىء لردم النفايات أو للتخلص غير المشروع من المياه الآسنة والرواسب الصناعية.
وتبين نتائج العام 2019 في أحوال الشاطىء اللبناني النتائج التالية:
أ- 14 موقعا في الشمال وجبل لبنان والشوف والجنوب، هي مناطق نظيفة تصلح للسباحة والنشاطات الترفيهية ولا تشكل خطرا صحيا أو غذائيا على المواطنين.
ب- تشير النتائج إلى وجود أربع مناطق: صنفت حذرة إلى حرجة، نظرا لقربها من مصادر تلوث بكتيري وتتضاءل جودتها كلما كبر حجم النجمة الصفراء لتصبح غير مأمونة.
ج- سجلت النتائج وجود ثماني مواقع في الشمال ومحيط بيروت الشمالي والجنوبي ملوثة بمصبات المياه الآسنة وتتأثر بالعصارة وبالرواسب التي تتسرب من مكبات النفايات الصلبة، بالإضافة إلى موقع آخر في سلعاتا، سجلت فيه نسب عالية من المعادن الثقيلة نظرا لقربه من المنطقة الصناعية.
سادسا: لقد تم تصنيف هذه المناطق وفقا لنسب مستعمرات البكتيريا والمعادن الثقيلة أحيانا، معتمدين على مرجعية ومعايير منظمة الصحة العالمية التي تحدد نسبة المخاطر المرتبطة بها وأثرها السلبي على الصحة العامة والغذاء.
سابعا: إن النتائج التفصيلية تحمل قيمة زمنية ومكانية محددة، ولا يمكن تعميمها جغرافيا حتى في نفس المنطقة، بسبب تزايد احتمالات حدوث تغيرات فجائية في نوعية مياه الشاطىء، من تسرب غير متوقع لمياه المجارير أو وصول أمواج تحمل نفايات صلبة من مناطق أخرى. كما من الممكن أن تتحسن نوعية مياه الشاطىء في حال توقفت مصادر التلوث.
ثامنا: إن بحوث المجلس ومركز علوم البحار، وما يراه المواطنون يوميا على طول الشاطىء، يدفعنا للتأكيد أن الثروة السمكية ما تزال بخير، وبمنأى نسبي عن مصادر التلوث، في حال تم اصطيادها كما هو الواقع الحالي في مناطق بعيدة عن الشاطىء. أما الأسماك التي يصطادها هواة الصنارة، في أغلب المدن على مصبات المجارير، فلا قيمة غذائية لها ولا يجوز استهلاكها أو تسويقها.
تاسعا: في المجلس الوطني للبحوث العلمية ومراكزه البحثية الأربع إمكانيات علمية مميزة، ملتزمة خدمة المجتمع باعتماد المنهج العلمي السليم والتقنيات العالمية والشفافية التامة في إعلان النتائج التي لا تهدف لإحباط المواطنين، بل للدلالة على أهمية الموضوع والتوصية باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الشاطىء اللبناني وعدم الاستهتار بإمكانياته.
وشدد على أن بحر لبنان الذي يعاني من ضغوطات سكانية وصناعية وتجارية (مثل مناطق متوسطية أخرى)، لديه القدرة على استعادة نقائه وسلامته من الشمال إلى الجنوب، في أسرع وقت، إذا ما التزمت الإدارة اللبنانية والبلديات بتنفيذ المشاريع الموضوعة لوقف تسرب المياه الآسنة والصناعية إليه، وضمان تطبيق المواصفات الفنية العالمية في مطامر النفايات الصلبة. فالشاطىء اللبناني يقاوم، والمناطق التي يخف فيها التلوث، ولو تدريجيا، تستعيد حيويتها بسرعة. والتفاؤل بالقدرة على الخروج من المأزق، مشروع وممكن وبمتناول اليد.
ثم عرض مدير مركز علوم البحار ميلاد فخري لنتائج المسوحات البحرية للشاطئ اللبناني التي أظهرت:
من بين المناطق الملوثة او عالية التلوث هي شاطىء الرملة البيضاء، المنارة، برج حمود، الضبيه، سلعاتا، الشاطئ العام في طرابلس، وأن 14 موقعا في الشمال وجبل لبنان والشوف والجنوب هي مناطق نظيفة وتصلح للسباحة ولا تشكل خطرا على صحة المواطنين من بينها: صور، الناقورة، البترون، جبيل، الفدار، طبرجا، العقيبه، انفه، والمعاملتين.
أما المناطق التي صنفت “حذرة إلى حرجة” نظرا لقربها من مصادر تلوث بكتيري فهي: الرميلة، صيدا، الصرفند، والهري”. وعما اذا كان بالامكان تناول السمك اللبناني قال فخري: “كلوا السمك وانتم مرتاحون”.
وأعلن جريصاتي “ان الدولة بدأت مرحلة جديدة عنوانها الشفافية”، لافتا الى ان النتائج التي سمعتها اليوم “لا تبيض الوجه”، فكما نعطي البيئة فانها تعطينا”.
وشدد جريصاتي على دور البلديات في تحذير المواطنين وتوعيتهم عن المناطق الملوثة، وذلك بناء على تعليمات وزارة البيئة. واعلن استمرار حملة تنظيف الانهار، كاشفا عن متابعة العمل مع المصانع لتنظيم عملها وعدم تصريف بقاياها في نهر الليطاني، مشيرا الى استمرار العمل في تنظيف هذا النهر، والى مسؤولية النزوح السوري في تلويثه.
من جهته، اكد الوزير اللقيس اهتمام وزارة الزراعة بتحسين شروط الصيد لحماية الثروة السمكية، داعيا مجلس البحوث الى مشاركة الوزارة في هذا الموضوع لطمأنة المواطن”.
ودعا وزير السياحة الجميع الى “تحمل المسؤوليات بكل موضوعية ووطنية”، مشيرا الى ان دول الجوار التي تتغنى بالسياحة لديها ذات مشاكلنا. وأعلن عن سماح المسابح الخاصة بالدخول اليها لاجراء مسوحات علمية، وانه تلقى وعدا بهذا الخصوص من نقابة المسابح الخاصة.
وأكد المدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار متابعة اسباب التسمم في احد برامج الوزارة، نافيا ان يكون السمك احد هذه الاسباب ولو لمرة واحدة.
وردا على سؤال، اكد حمزة “ارتفاع نسبة التلوث بالمعاون الثقيلة في منطقتي شكا وسلعاتا”، لافتا الى ان “الوضع في لبنان ليس اسوأ من دول اخرى والتي لا تعلن عن مناطق التلوث فيها”، مشددا على “ضرورة عدم السكوت عن الثغرات عندنا”.