من القصور السياسي بمكان اختصار الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل يوم الأحد الفائت إلى الشوف بالبعد المرتبط بالصداقة الشخصية بين الجميل ورئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور جنبلاط، خصوصا أن نائب اغتنم هذه الفرصة لتوجيه الرسائل السياسية المباشرة إلى التيار “الوطني الحر” من دون أن يفوّت على نفسه فرصة القنص السياسي المركز في اتجاه “حزب الله”، الذي قد تلتقي معه الصيفي في بعض الملفات ذات الطابع الحياتي وتختلف معه في القضايا الاستراتيجية والسيادية.
على أن مصادر سياسية مراقبة تعتبر عبر “المركزية” أن “أهم ما في جولة الوفد القيادي الكتائبي في الشوف يكمن في توقيتها. فإذا كان تموضع الحزب على رأس معارضي التسوية الرئاسية والنهج السياسي السائد في البلد منذ إبرامها، يجعل القنص الكتائبي في اتجاهها متوقعا وطبيعيا فإنه أتى هذه المرة من المعقل الجنبلاطي الأبرز والأهم فيما العلاقات بين المختارة والثنائي بعبدا-ميرنا الشالوحي تبدو مطبوعة بالتوتر العالي والانتقادات العالية السقف. وليس إلى ذلك دليل أبلغ من التغريدة الأخيرة لرئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط الذي انتقد فيها بشكل مباشر “الصهر” في إشارة إلى رئيس التيار “الوطني الحر” جبران باسيل.
وفي السياق نفسه، تنبه المصادر إلى أن “في حمأة الكباش الدائر على أشده على خط المختارة-الضاحية، وعلى وقع ما يسميه الدائرون في الفلك الجنبلاطي “الحملة الهادفة إلى تطويق وليد جنبلاط في معقله”، صوب رئيس الكتائب بوصلة المعارضة، من دون أن يعني ذلك أنه أبقى الوزير باسيل خارج دائرة المسؤولية. إذ اعتبر أن “المشكلة ليست في الوزير جبران بل في من يقف وراءه ويقرر مستقبل البلد”، في ما يمكن اعتباره سهما مباشرا أطلقه الجميل في اتجاه “حزب الله”، ذي العلاقات الشديدة التوتر، إلى حد القطيعة، مع المختارة.
تبعا لهذه الصورة ، تشير المصادر نفسها إلى أن “قراءة بين سطور كلام الجميل وتوقيت جولته الشوفية محاولة لتوسيع القاعدة المعارضة للنهج السياسي السائد في البلاد وهو ما يؤكده المقربون من الجميل، وإن كانوا يشددون على أن علاقات طيبة تجمعهم بالاشتراكيين. لكن الزيارة الأخيرة إلى الشوف هدفت إلى تعزيز هذه العلاقات وتفعيل التواصل والتنسيق بين الجانبين خصوصا في ما يتعلق بالملفات الاقتصادية والاجتماعية”.
غير أن المصادر تشير إلى أن “مقاربة الوضع السياسي الراهن بمنظار واقعي تتيح تأكيد أن جنبلاط لن يغرد خارج سرب التسوية لينتقل إلى معسكر المعارضة الشاملة التي يمارسها “الكتائب”، ولكن هذا لا ينفي أنهما يلتقيان على صون مصالحة الجبل التاريخية في مواجهة سهام الانتقاد البرتقالية، وهو ما أكده الجميل في الشوف، مشيرة إلى أن في المرحلة الراهنة سيتمسك زعيم المختارة بخيار المعارضة على القطعة حيث يلتقي مع “الكتائب” ويختلف مع العهد وأركانه”.