في تطور ميداني هو الأول من نوعه منذ ارتفاع حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة، أعلن الحرس الثوري الإيراني إسقاط طائرة تجسس أميركية مسيّرة لدى اختراقها المجال الجوي لإيران. وقال الحرس الثوري – وفق ما أعلنه التلفزيون الرسمي الإيراني- إن الطائرة المسيرة، وهي من طراز “غلوبال هوك” (تصنعها الشركة الأميركية نوثروب غرونمان) “تم إسقاطها بنيران الدفاع الجوي للقوة الجوفضائية للحرس الثوري” في محافظة هرمزغان جنوبي إيران، لافتا إلى أن “الطائرة أقلعت من قاعدة أميركية في الخليج وأغلقت معدات التتبع”.
من جانبه، وبعد أن قال المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية بيل أوربان إنه “لم تكن هناك أي طائرة أميركية في المجال الجوي لإيران”، كشف مسؤول أميركي – طلب عدم نشر اسمه – أن “طائرة عسكرية أميركية مسيرة أسقطت في المجال الجوي الدولي فوق مضيق هرمز بصاروخ سطح/جو إيراني”. وأضاف أن “الطائرة المسيرة من طراز “إم كيو-4 سي ترايتون” وتتبع البحرية الأميركية”.
وفي أعقاب الحادثة، رفعت القيادة الإيرانية نبرتها وأكد الأمين الأعلى لمجلس الأمن القومي علي شمخاني أن “أجواء إيران خط أحمر ولا فرق لديها بأن الطائرة تتبع لهذا البلد أو ذاك. ودانت الخارجية الإيرانية بـ”شدة انتهاك طائرة مسيّرة وأميركية مجال البلاد الجوي”، محذرة من “ردّ فعل قوي على مثل هذه التحركات “المستفزة”.
الخطوة الايرانية هذه، ستكون لها دون شك تداعيات على الكباش الدائر بين واشنطن وطهران وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، خصوصا وأن البنتاغون أعلن أن الطائرة الأميركية لم تخرق المدى الجوي الإيراني مشيرا إلى أنها “كانت على مسافة 17 ميلا من الأجواء الإيرانية فوق مضيق هرمز والبحث جارٍ لتحديد مكان حطامها”.
ومع أنها لا تزال تستبعد احتمال اندلاع حرب أو مواجهة مباشرة بين القوتين، إلا أن المصادر تلفت إلى أن “الحادثة ستزيد من “غضب” الإدارة “الترامبية” ضد إيران. ففيما عمدت الأخيرة في الأسابيع الماضية إلى التحرك ضد أهداف محددة في الخليج، مصوّبة على حلفاء واشنطن، في السعودية تارة وعلى السفن التجارية في المياه الإقليمية طورا، تحركت ضد هدف “أميركي” مباشر.
وأمام هذا التطور النوعي لا بد من انتظار طبيعة الموقف الأميركي والأسلوب الذي ستعتمده واشنطن للرد على هذا الاستهداف، علما أن وزارة الدفاع الأميركية أعلنت أن واشنطن لا تسعى للحرب مع إيران لكنها مستعدة “للدفاع عن القوات والمصالح الأميركية في المنطقة”، مشيرة إلى أن “أحدث عملية لنشر ألف جندي أميركي في الشرق الأوسط -التي أعلنت الاثنين الماضي- تشمل كتيبة صواريخ باتريوت وطائرات مسيرة وطائرات استطلاع وغيرها من قدرات الردع”. في وقت أكد وزير الخارجية مايك بومبيو الثلثاء أن الحشد العسكري الأميركي في منطقة الخليج يهدف فقط إلى ردع إيران.
فهل نحن أمام منعطف في الصراع الدائر؟ وهل ستقصّر الحادثة المسافة إلى المفاوضات أم إلى الحرب؟ الأجوبة ستتضح في الساعات المقبلة علما أن ملف النفوذ الايراني في الشرق الأوسط سيكون مدار بحث بين الأميركيين والروس والإسرائيليين في تل أبيب في الأيام القليلة المقبلة..