IMLebanon

الحريري ما بعد “العودة” ليس كما قبلها: نَفَس جديد وقرار بالمواجهة

 على قاعدة جديدة يفترض ان يتجه مسار العلاقات بين اركان التسوية الرئاسية من الان فصاعدا. ونمط الممارسة السياسية المرتكز الى هواية فتح جبهات مواجهة ورفع متاريس مع القوى السياسية الحليفة منها والخصم، لا بدّ ان يشهد تغييرا جذرياً، والا، خلاف ذلك سيدفع البلاد الى هاوية، اول المتضررين منها العهد واركان السلطة الحاكمة. هي خلاصة، يستنتجها من تسنى له الاطلاع على اجواء اللقاءات والاتصالات والرسائل التي عبقت بها ارجاء السراي الحكومي وعدد من المقار السياسية في اليومين الاخيرين.

يقول بعض زوار السراي  لـ”المركزية” ان مرحلة ما بعد عودة الرئيس سعد الحريري من عطلة الفطر تختلف عما قبلها، فثمة نفس جديد يلمسه كل من يسأل عما تحمله المرحلة المقبلة في ضوء “حفلات الجنون السياسي” التي تشتعل دوريا وتُشعل منابر التواصل الاجتماعي سياسيا وشعبيا فتحرف وجهة العمل السياسي عن الانتاجية في اتجاه التلهي بالسجالات التي لا طائل منها ولا جدوى، لا بل نبش للقبور وتحريك للغرائز المذهبية والطائفية التي تبلغ احيانا حد الانفجار في الشارع اذا لم تُفرمل، في وقت تفرض مقتضيات الامر الواقع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا استنفاراً عاماً لرسم اطار الحلول الكفيلة بإخراج البلاد من الازمة التي تتخبط فيها واعادة وضعها على سكة العمل والانتاج.

فرئيس الحكومة الذي افرغ ما في جعبته من كلام خلال لقاء الساعات الخمس مع وزير الخارجية جبران باسيل قبل ان يجتمع مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عقد العزم على تصويب الخلل ومنع استهداف التسوية من اي جهة جاء الاستهداف، ولم يعد مسموحا بعد اليوم غض الطرف او تجاهل اي موقف يسيء الى العهد ويصيبه بشظايا تكاد تكون قاتلة، وهي احيانا من اهل البيت. ذلك ان بعض هذه المواقف بتداعياته وتشنجاته كانت السبب الاساس في عرقلة العمل ان حكوميا، حيث تأخر اقرار الموازنة وباتت الجلسات تعقد على وقع التشنجات حتى ان بعضها ارجئ الى حين زوال غيوم التشنج، او شعبيا مع تهاوي الثقة بالحكم بفعل انعدام الانتاجية وعدم تلمس خطوات جدية تضخ آمالا بامكان النهوض من كبوة الازمات، وما استخدام الرئيس ميشال عون توصيف السلحفاة الا الدليل الى الواقع الذي تسببت به موجة السجالات في البلاد.

ويؤكد هؤلاء ان الرئيس الحريري سيواجه اي محاولة او “وضع شاذ” او موقف او ممارسة تستهدف التسوية وهو ركن اساسي فيها، وانه يحظى بدعم قوي محليا من اكثر من فريق سياسي ضاق ذرعا بخطابات التشنج والتحدي والاستفزاز ورفع منسوب العصبيات، ، لا سيما بعدما بلغ تأثير التشنج بيئته واستفز شارعه وناسه وخارجيا، حيث النصائح تتوالى لعدم التلهي بالقشور والانصراف الى الاهتمام بالملحّ من الشؤون لا سيما الموازنة ووضع الاصلاحات على سكة التنفيذ لولوج عالم “سيدر” الموعود واعطاء بعض الثقة للخارج بانتهاج مسار جديد من شأنه ان يعيد للبنان هبات كانت تبخرت ومساعدات تنتظر جدية في الاصلاح والعمل.

ويعتبرون ان مجمل الاوضاع والظروف المحيطة بالبلاد من الداخل في ضوء حالة الاهتراء التي تعيشها الدولة، ومن الخارج حيث الوضع الاقليمي على فوهة بركان يتهدد بحرب “كونية”، أدرجها الحريري في جردة حسابه السياسي واتخذ على اساسها القرار بوجوب تغيير النهج والاسلوب، وابلغ قراره هذا الى “من يعنيهم الامر”، على ان تظهر تباشير التغيير في الاقوال والافعال قريباً، وقد تجلت اولى ملامحها هدوءاً في الجلسة الحكومية الثلثاء الماضي. في مطلق الاحوال تبقى العبرة في التنفيذ، يختم هؤلاء، فهل تصوّب “وقفة” الحريري وموقفه في وجه العابثين بالاستقرار السياسي الاداء والممارسة ام ان الانانيات والغايات الوصولية ستضع البلاد والاستقرار على “كفّ عفريت”؟.