منذ انطلاق العمل بها، فرزت التسوية الرئاسية معسكرين يسيران على خطين متوازيين لا يلتقيان: الموالاة التي يشارك أفرقاؤها بالجملة في السلطة التي أفرزها الاتفاق العريض. والمعارضة التي يتفرد حزب الكتائب وبعض الشخصيات الدائرة في ما يسيمه المراقبون الفلك السيادي، في التغريد خارج سرب هذه التسوية، على اعتبار أنها تحمل بين طياتها تسليم الأطراف المعنيين بها قرار الدولة اللبنانية إلى حزب الله وسياساته وقراراته التي تقف على نقيض النأي بالنفس الذي من المفترض أن تسير الحكومة بهديه وقد التزمت به في بيانها الوزاري.
على أن هذا المشهد، يدفع البعض إلى الكلام عن اختلال في التوازن السياسي لصالح محور اقليمي معين، خصوصا في ضوء ما رافق نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة من تحليلات أفادت بأن حزب الله نجح في القبض على الغالبية النيابية، تماما كما نجح في ضم وزير من الخصوم السنة لرئيس الحكومة سعد الحريري، إلى الحكومة التي يرأسها للمرة الثالثة.
على أي حال، فإن القوى المناوئة للنهج السياسي السائد في البلاد تبدو مصرة على مواجهة ميزان القوى المختل هذا، بما تعتبره “معارضة سياسية سيادية”، تستمر الجهود على مختلف الجبهات في سبيل توحيدها وتنسيق مواقف أطرافها.
في هذا المجال تدرج مصادر سياسية سيادية عبر “المركزية” اللقاء الأخير الذي جمع رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل والوزير السابق أشرف ريفي، في بيت الكتائب المركزي في الصيفي الخميس الفائت.
وإذا كانت العلاقات بين الرجلين تتسم بتناغم سياسي يتيحه التقاؤهما على المواقف السيادية ذات الطابع الاستراتيجي، فإن المصادر توضح أن اللقاء يأتي في سياق الجهود لقيام معارضة وطنية تحمل مشروعا سياسيا واضحا تواجه فيه سلاح حزب الله، كما الوضع الاقتصادي المزري الذي وصل إليه لبنان، حيث بلغ خطوطا حمرا غير مسبوقة، ما يجعل المواجهة تحمل صفة الحتمية.
وشددت المصادر على أن لقاء الجميل- ريفي يأتي بالتوازي مع استعدادات الدكتور توفيق الهندي ، وتلك التي يقوم بها رئيس لقاء سيدة الجبل فارس سعيد والكاتب السياسي رضوان السيد لإطلاق تجمعات وطنية معارضة، مشيرة إلى أن الاجتماع في بيت الكتائب المركزي سيستتبع بلقاءات أخرى يعلن عنها في حينه للمضي في توسيع الجبهة المعارضة.