احتدم السجال بين «الحزب الاشتراكي» و«تيار المستقبل»، ووصل إلى درجة غير مسبوقة بعد فترة من التوتر بينهما، ودخل رئيس البرلمان نبيه بري على خط التهدئة، مبدياً استياءه مما وصلت إليه الأمور، بحسب ما أفادت المعلومات لـ«الشرق الأوسط».
ونجحت الجهود في عقد اجتماع مساء جمع كل من وزير الصناعة وائل أبو فاعور ومستشار رئيس الحكومة سعد الحريري الوزير السابق غطاس خوري حيث تم الاتفاق على وقف السجال.
وتوجه رئيس الحكومة سعد الحريري في تغريدة له على «تويتر» إلى من وصفهم بـ«إخواننا في الحزب الاشتراكي» قائلاً: «مشكلتكم أنكم لا تعرفون ماذا تريدون. وعندما تعرفون أخبروني»، لتأتي بعد ذلك ردود «الاشتراكي» مصوّبة على صلاحيات وموقع رئاسة الحكومة، ومتّهمة الحريري بالتفريط فيها، ليعود الأخير ويرد واصفاً حديث «الاشتراكي» عن الوفاء بـ«النكتة».
وبعد سلسلة من الردود والردود المضادة، حسم رئيس «الإشتراكي» النائب الاسبق وليد جنبلاط السجال، طالبا، من جميع الرفاق والمناصرين، «بعدم الوقوع في فخ السجالات والرود العلنية مع تيار المستقبل».
وأتى موقف الحريري بعد ساعات على كلام لوزير الصناعة وائل أبو فاعور، الذي قال فيه إن «علاقة (الاشتراكي) مع (المستقبل) ليست على ما يرام». وتوالت الردود على الحريري من النائبين في «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله، وهادي أبو الحسن، ومفوض الإعلام في «الاشتراكي» رامي الريس. وقال عبد الله: «مشكلتنا معك دولة الرئيس، أننا نعرف ونعلم ماذا تريد وفي ماذا تفرط، خصوصاً بشيء ليس ملكك، وكيف تجاهد كل يوم لإضعاف بيئتك بحجة حماية الوطن، بينما الحقيقة في مكان آخر»، كما ردّ الريس قائلاً: «نريد رئيس حكومة».
وأضاف عبد الله متوجهاً للحريري: «ليتك ترد بهذه الطريقة على من يقضم صلاحيات موقعك كل يوم، إلا إذا كانت إحدى شروط صفقة الكهرباء التي وضعتم بصماتها الأسبوع المنصرم في اليونان، تتطلب انسحابكم من تاريخكم وإرثكم وحلفائكم».
وتوالت بعد ذلك الردود والردود المضادة من الطرفين، فكتب الحريري مجدداً على «تويتر» قائلاً: «واضح أنكم تعرفون، ساعة هدنة إعلامية، وبعد نص ليل هجوم تسحبون التويت وتعتذرون. على كل حال فليكن الحكم للناس، أو أن هذا أيضاً ممنوع عندكم، وللعلم من يحاول أن يرمي الزيت على النار معي فهذا لا يمشي».
وختم الحريري في تغريدة ثالثة قائلاً: «(الاشتراكي) يحكي بالوفاء… نكتة اليوم».
ورداً على عبد الله والريّس، غرّد النائب في «المستقبل» محمد الحجار قائلاً: «إن الرئيس الحريري لا يفرّط في حقوق أحد، كما أنه لا يبدل مواقفه أو يبيع حلفاءه»، ومعتبراً أن مشكلة رئيس الحكومة مع «الاشتراكي» أنه عزّز بيئته «وما عدتم قادرين أن تبيعوا على ظهرها وتتاجرون وتبتزون باسم العلاقة معه ومعها». ورد على الريّس بالتأكيد على أن الحريري يملأ مركزه، إنما لم يعد قادراً على تعبئة الجيوب التي اعتادت على ذلك.
كذلك كان موقف الأمين العام لتيار المستقبل، أحمد الحريري، مؤكدا، ان السنّة، هم حراس الشراكة الوطنية «وأكبر من زاروبين وحي»، ليأتيه الرد من أمين السر العام في «الاشتراكي» ظافر نصار، مباركا له حلفاءه الجدد، قائلا «لنا الشرف في أن حفظنا دم رفيق الحريري».
ومع تأكيده على أن «الاشتراكي» لم يسعَ يوماً إلى السجال مع الحريري، أكد الريس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الاتصالات بين الطرفين دائماً قائمة، ولا آفاق مقفلة في السياسة؛ خصوصاً في ظل العلاقة التاريخية والنضالية مع «تيار المستقبل». ورأى أن الهدف هو إعادة التذكير بالتوازنات، وموازين القوى التي يفترض أن تراعى، ولخطورة تجاوز اتفاق الطائف الذي يتم تجاوزه اليوم، ومدى انعكاسه على الداخل اللبناني.
مع العلم أن التوتر بين الطرفين كان قد بدأ منذ فترة على خلفية قضايا عدّة، منها ما هو مرتبط ببلديات بعض البلدات، إضافة إلى التعيينات، إضافة إلى اعتراض «الاشتراكي» على بعض بنود الموازنة، واعتباره أن وزير الخارجية جبران باسيل يستأثر بالقرار الحكومي.
وفي كلامه صباحاً، كان أبو فاعور قد قال في لقاء مع رؤساء بلديات منطقة راشيا في البقاع: «لدينا رؤية نقدية ورأي اعتراضي على المسار السياسي الحالي»، لافتاً إلى «أن المآل الطبيعي بالاستناد إلى العلاقة التاريخية بين الطرفين، أن يحصل نقاش وحوار بيننا وبين تيار المستقبل، لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في طريقة التعاطي المستقبلية؛ خصوصاً أن الأمر يتعلق بأساسيات نظامنا السياسي، ومنها اتفاق الطائف»، وأشار إلى أن «الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديمقراطي، لديهما رأي اعتراضي حول ما سُمي التسوية السياسية، وما جرته حتى اللحظة على البلاد».