IMLebanon

كيف يستعد لبنان لمواجهة تحديات “صفقة القرن” و”النزوح”؟

يقف لبنان امام تحديات يمكن اعتبارها من الاصعب والادق في تاريخه الحديث، نظرا الى تداعياتها المحتملة على هويّته من جهة، وديمومته كبلد للعيش المشترك ونموذج لتلاقي الحضارات والاديان والثقافات، من جهة ثانية. فـ”صفقة القرن” التي تطرحها ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لانهاء الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي، لم تعد “نظرية” فقط، بل وُضع قطار تطبيقها على السكة، وقد تبيّن حتى الساعة انها تقوم على مبدأ “شراء” موافقة الاطراف المعنية بالصفقة هذه، على ما تنصّه، بمساعدات واغراءات مالية ومادية وبمشاريع استثمارية. من هنا، يقترح “عراب” مشروع التسوية، صهر الرئيس ترامب جاريد كوشنير، تقديم هذه “الهدايا” للبنان والاردن والدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين، على ان يكون ثمنها رضى هذه الدول، على إبقاء اللاجئين على اراضيها، وطي صفحة المطالبة باعادتهم الى فلسطين… أما ثاني التحديات، فيتمثل في النازحين السوريين الموجودين بمئات الآلاف في لبنان، والذي لا اهتمام دوليا كافيا بقضيتهم بعد، في انتظار انضاج الحل السياسي للأزمة السورية.

السؤال الذي يفرض نفسه اليوم، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، هو “أين الدبلوماسية اللبنانية من هذه الملفات”؟ وهل من خطة واضحة تحملها الحكومة اللبنانية عموما وتسوّقها وزارة الخارجية خصوصا، لايصال موقف لبنان من هذه القضايا، الى العالم وعواصم قراره”؟ المصادر تؤكد ان التطورات المتسارعة على خط “صفقة القرن”، تتطلب اجتماعا سريعا لمجلس الوزراء، أو أقلّه لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري، للخروج بمقاربة حاسمة ونهائية لكيفية التعاطي مع ما يطرحه الاميركيون، على ان يتم إقرانها بورقة واضحة تحدّد خريطة طريق لبنان لمواجهة اي مخططات لتوطين اللاجئين الفلسطينيين.

وفي وقت يُعقد في المنامة في 25 و26 حزيران الجاري، مؤتمرُ البحرين، الذي اعلنت الولايات المتحدة تنظيمه بهدف “جذب استثمارات إلى المنطقة بالتزامن مع تحقيق السلام”، في أول فعالية أميركية ضمن خطة “صفقة القرن”.. قرر لبنان الرسمي، اضافة الى دول عربية عدة، مقاطعة “المنتدى”، انسجاما مع الرفض الفلسطيني له وللخطط الاميركية ككل… غير ان المصادر تقول ان لبنان معني مباشرة بهذا الملف، نظرا الى حجم اللاجئين الذين يستضيف، وبالتالي قد تكون من الافضل، المشاركة في المؤتمر العتيد ورفع الصوت من داخله، ضد اي توجّه لابقاء اللاجئين حيث هم في مقابل أي أموال او إغراءات. فالمنتدى قد يشكّل فرصة لن تتكرر، لايصال الموقف اللبناني بوضوح وبالمباشر، الى من يعنيهم الامر، خاصة اذا ما حمل لبنان اليه ورقة بمطالبه تتضمن قراءته للتطورات، وقدّمها الى المجتمعين في المنامة. وفي مقابل غيابه عن البحرين، يبدو لبنان عاقدا العزم على حضور مؤتمر استانة المقبل نهاية تموز، الذي دعته اليه روسيا، لأنه سيناقش موضوع النزوح السوري. واذ تقول ان تحدي اللجوء الفلسطيني يضاهي السوري أهمية وخطورة، تعتبر المصادر ان لا بد لبيروت ان تطرح في كازاخستان ايضا، ورقتها الخاصة والموحّدة لكيفية تحقيق عودة النازحين… فهل هي مؤمّنة؟ لا مؤشرات الى ذلك حتى الساعة، مع استمرار الخلاف الداخلي في مقاربة هذا الاستحقاق.

وسط هذا التخبط والازدواجية الرسميين، واذا استمر تفويت الدولة فرص ايصال موقفها، الخشية كبيرة من ان تتمكن القوى الكبرى من فرض أجندتها على الساحة اللبنانية، تختم المصادر.