على إيقاع التصعيد الحالي بين الولايات المتحدة الاميركية وايران والذي قاد وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى المنطقة في جولة عنوانها الاساسي تشكيل تحالف دولي واقليمي ضد الجمهورية الاسلامية وطموحاتها التوسّعية، يتساءل مراقبون عن الصمت المُطبق “اللافت” من جانب احد الاذرع العسكرية التابعة لايران، “حزب الله” وموقفه من التطورات التي شهدتها مياه واجواء الخليج في الايام العشرة الاخيرة.
فالحزب وامينه العام السيد حسن نصرالله الذي لم يتردد مرّة بالمجاهرة في دعمه للسياسات الايرانية ووقوفه الى جانبها في حال تعرّضت لاي هجوم عسكري، كان اخرها موقفه في احتفال “يوم القدس”، حيث اكد “ان لدينا صواريخ دقيقة بالعدد الكافي لتغيير شكل الصراع في المنطقة، وان اميركا تعلم ان الحرب على إيران تعني ان كل قواتها في المنطقة ستُباد”، يبدو كمن يجلس على “مقاعد الاحتياط” متفرّجاً على لهيب نيران المنطقة من دون ان يُشارك في “اللعب” الى جانب حليفته التي تتعرّض لضغوط اميركية ودولية هائلة، اما بمواقف داعمة بشكل شبه يومي او بتحرّكات عسكرية “محدودة” ضد مصالح اميركية للتخفيف من حدّة الضغوط عليها.
ومع ان الحزب يحرص على عاملي “المفاجأة” والسرية في تحرّكاته. وهما من العناصر الاساسية لابقاء العدو في حيرة من امره، الا ان رادارات الضاحية بعثت في الوقت نفسه إشارات “تطمينية” الى المعنيين في لبنان عنوانها الحرص على الاستقرار وعدم جرّ البلاد الى البركان الملتهب في المنطقة، مع ان اوساطاً مقرّبة من الضاحية تؤكد في المقابل ان من يسكن في البيت الابيض رئيس متهوّر مستعد لضرب العالم كله إرضاءً لغروره ومصلحة بلده كما يدّعي.
وبناءً على هذه الاشارات التطمينية، استبعدت اوساط سياسية مراقبة عبر “المركزية” “ان يُقدم “حزب الله” على مغامرة لن تُكلّف فقط البلد غالياً وانما بيئته الحزبية والسياسية، ذلك ان عنوانها سيكون بمثابة “الارض المحروقة”، وهو ما نُقل الى بيروت عبر موفدين دوليين بأن اي ردّ عسكري من “حزب الله” في اتّجاه اسرائيل او المصالح الاميركية في المنطقة سيُعرّض لبنان الرسمي والشعبي لتداعيات خطيرة لا قدرة له على تحمّلها في وقت يُعاني من ازمة اقتصادية حادة”.
واعتبرت الاوساط “ان السيد نصرالله مُدرك لخطورة المرحلة ودقتها، لذلك لن يُقدم على اي مغامرة عسكرية-اقلّه راهناً كما يُفهم من صمته-خصوصاً ان طرفي الصراع، واشنطن وطهران يؤكدان عدم رغبتهما بالانجرار الى حرب مفتوحة وشاملة وعلى رغم تصاعد التوتر بينهما وتبادل الرسائل النارية”.
وانطلاقاً من هذا الحرص المتبادل على تجنّب المواجهة العسكرية المباشرة، اكدت الاوساط السياسية المراقبة “ان خيار تشديد العقوبات الاقتصادية على مسؤولين بارزين في طهران (منهم المرشد الاعلى علي خامنئي وفي الاسبوع المقبل وزير الخارجية محمد جواد ظريف كما اعلنت وزارة الخزانة الاميركية) بالاضافة الى الحرب الالكترونية او ما يُعرف بالهجوم السيبراني، تتقدّم اشواطاً على الحرب العسكرية، لانها كما يبدو “موجعة” واكثر تأثيراً على ايران واذرعها العسكرية المنتشرة في المنطقة، وهو ما يؤكده مراراً المسؤولون الاميركيون”.