كتب د. عامر مشموشي في صحيفة “اللواء”:
الإدارة الأميركية تتحرك على جميع الجبهات وتضغط بكل الوسائل لجر إيران إلى طاولة المفاوضات درءاً لوقع حرب مدمرة في منطقة الشرق الأوسط تكون الولايات المتحدة الأميركية الطرف الأساسي والمؤثر فيها. ومن تجليات التحرّك الأميركي وصول وزير الخارجية مايك بومبيو إلى المملكة العربية السعودية في زيارة شرق أوسطية ستشمل ايضا دولة الإمارات للبحث في كيفية تشكيل تحالف عالمي ضد إيران تكون مهمته الأولى والاخيرة، ردع الدولة الإيرانية واعادتها إلى حجمها الحقيقي في هذه المنطقة لكي تتجنب حرباً ضروساً بينها وبين الولايات المتحدة، وكل حلفائها الأوروبيين وفي الشرق الأوسط الذين يستهدفهم الطموح الإيراني في السيطرة على المنطقة وتثبيت اقدامها كدولة إقليمية عظمى.
وقبيل مغادرته واشنطن متوجهاً إلى المنطقة قال للصحافيين سنبحث معهم كيفية التثبت من اننا جميعاً على خط واحد استراتيجيا وكيفية بناء تحالف ليس فقط في أنحاء دول الخليج بل في آسيا وأوروبا يتفهم هذا التحدي ويكون مستعداً للتصدي لأكبر دولة راعية للارهاب في العالم. وبهذا الكلام يكون رئيس دبلوماسية أكبر واقوى دولة في العالم اعترف علناً بأن إيران دولة كبرى في العالم تشكّل أكبر تحدٍّ لدولته، ولا بدّ من مواجهتها بكل الوسائل بما فيها الوسيلة العسكرية لردعها عن تنفيذ مخططاتها قبل فوات الأوان، أي قبل ان تحكم إيران عسكرياً قبضتها على المنطقة بعدما باتت شبه مسيطرة على منطقة واسعة منها: العراق وسوريا ولبنان واليمن.
لكن كل ذلك يعني ان الإدارة الأميركية التي تتخبط بين الحرب والتفاوض من أجل تجنّب وقوعها وبين الذعر الذي تتخبط به دول المنطقة التي لم تدخل بعد في المدار الإيراني كدول الخليج تحديداً، وبين تصريحات رئيسها المتناقضة حتى فقدت مصداقيتها عند كل دول العالم بمن فيها الدول الأوروبية التي ما زالت تقوم بدور الوسيط مع الولايات المتحدة الأميركية للجلوس إلى طاولة المفاوضات بدلاً من الاستعداد للذهاب إلى حرب غير محدودة الأفق، غير ان كل ذلك لا يعني ان احتمالات وقوع هذه الحرب قد انتفت بشكل نهائي ما دامت المواجهة مستمرة بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية الإيرانية وفق ما تعبر عنه تصريحات المسؤولين في كل منهما ووفق المسار التي تسير فيه تطورات شد الحبال بين الدولتين، وعلى رأسهم المبعوث الأميركي الخاص بإيران الذي نفى وجود أية قناة خلفية دبلوماسية للتفاوض مع إيران مع تأكيده بأن رئيسه ترامب مستعد للجلوس مع إيران للحوار والتفاوض معتبرا في الوقت نفسه ان تشديد العقوبات على الدولة الإسلامية هو من أجل اضعافها واضعاف اذرعتها، والتخفيف بالتالي من اندفاعها للمواجهة العسكرية، مستفيدة من حسابات الرئيس الأميركي الرئاسية وعدم رغبته في الدخول في مواجهة عسكرية جديدة في الشرق الأوسط عشية الانتخابات بوصفه مرشحا لولاية ثانية، لتحقيق كل مصالحها في منطقة الشرق الأوسط ليس كلاعب إقليمي وحسب بل وإنما كدولة كبرى في العالم.
وفي انتظار ما تحمله الحركة الدبلوماسية الأميركية في الشرق الأوسط مع الدول الأوروبية تنام منطقة الشرق وتفيق على صدى أصوات طبول الحرب من جهة، وموسيقى التسوية الدبلوماسية من جهة ثانية، وعلى خلفيات صفقة القرن على كل الجهات..