شيعت طائفة الموحدين الدروز ومنطقة الجبل ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط ومؤسسة العرفان التوحيدية رئيس المؤسسة “الركن العرفاني المتين والوجه المعروفي الأمين الشيخ علي إسماعيل زين الدين في مأتم رسمي وروحي وشعبي مهيب أقيم في باحة المؤسسة في السمقانية الشوف.
وقد مثل كل من رئيس الجمهورية ميشال عون وزير المهجرين غسان عطاالله، رئيس مجلس النواب نبيه بري الدكتور علي رحال ورئيس الحكومة سعد الحريري النائب السابق الدكتور عمار حوري. وشارك شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن على رأس وفد من المجلس المذهبي ومشايخ الطائفة وممثل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان قاضي الشرع الشيخ رئيف عبد الله، ووفد من مشايخ جبل العرب ممثلا الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخ حكمت الهجري برئاسة رئيس الدائرة الدينية الشيخ ياسر أبو فخر ومرجعيات روحية وأعيان من الطائفة أبرزهم الشيخ أبو صالح محمد العنداري.
وخلال التشييع، ألقى أمين عام مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ الدكتور سامي أبي المنى كلمة المؤسسة وقال: “وها نحن نودّع رجلا استثنائيا، اختبر الحياة واختبرتْه، فكان سمة بارزة في مجتمع الجبل لا تحذف ولا تلغى من الذاكرة، وعلامة فارقة في تاريخ الطائفة والوطن لا تزال ولا تنسى مهما تبدلت الأحوال وتغيرت الظروف، فعنفوان الجبل يرتبط ذكره بذكر الشيخ علي زين الدين، وتاريخ الشيخ علي يلتصق حكما بتاريخ الجبل. الشيخ علي زين الدين يحمل اسمه أكثر من دلالة ومعنى، هو ابن بيت التوحيد والتقوى لوالد قل أمثاله في مسلك التوحيد ووالدة فاضلة متحدرة من سلالة مشايخ أجلاء، وهو الصديق الصدوق والوفي لقائد عاش واستشهد وما زال رمزا ومدرسة وهو الأمين على الأسرار والنهج والمسار،مع الزعامة الجنبلاطية المتجذرة والمتجددة، ولاسيما مع الزعيم وليد جنبلاط مع ما حفلت به العقود والسنوات من نضال ومواجهات ووقفات شموخ وعنفوان ومن مآس وهموم وتحديات… وهو الرئيس العرفاني المكرس على مدى ما يقارب النصف قرن من الزمن، بثباته وجرأته، بحبه وأبوته، بجهده وواسع رؤيته، وبعلاقاته الواسعة والعميقة التي تعدت حدود الجبل والطائفة إلى ما هو أرحب وأوجب في بناء الوطن وترسيخ قيم الأخوة والمحبة والتسامح”.
وأضاف: “هو الذي لم يغلقْ باب مكتبه أمام سائل ولم يقفلْ باب داره عن طالب مساعدة أو خدمة بل كان عنوانا للكرم والضيافة واحتضان الناس على مدى خمسين عاما من المسؤولية والعمل في الشأن العام، وقد قصدوه من الجبل وكل الوطن ومن خارج الحدود فأتعبنا معه وأتعب من حوله ولكنه لم يتعبْ وعلمنا كيف يكون العطاء، وكيف تكون المروءة وخدمة المجتمع،وكيف يكون الثبات والصمود”.
بعد ذلك، منح رئيس الجمهورية الراحل وسام الاستحقاق اللبناني الفضي ذو السعف، وتلا ممثله الوزير عطاالله رسالة “التقدير للشيخ علي إسماعيل زين الدين مجللا بعباءة العرفان وعطر العمل الصالح ومحبة من عاشره واحترام اللبنانيين، مخلفا إرثا إنسانيا كبيرا ومؤثرا عبر مؤسسة العرفان التوحيدية يمضي وقد ترك الأمانة في أيد أمينة بعدما جاهد وأضاء في الحقل الإنساني، ناشرا العلم والتربية السليمة عبر مدارس المؤسسة، مساهما في تقديم الدعم الاجتماعي والصحي والتنموي، مؤمنا بأن الحفاظ على الأخلاق والفضائل هو من المقدسات”.
بعد ذلك، أمّ شيخ العقل الشيخ نعيم حسن الصلاة عن روحه ليوارى بعد ذلك في الثرى في منزله بلدة الخريبة الشوف، وتلقى بهذا الخصوص برقيتي تعزية من شيخي عقل طائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخين يوسف جربوع، وحمود الحناوي.
وأصدر الشيخ حسن بيانا عن الراحل جاء فيه: “يعلم الجميع أن المسيرة انطلقت برعاية قيادة حكيمة ومباركة شيوخ كبار أفاضل وأنها وجدت قيْدومها، ورجل ميْدانها ورائد طلائعها في شخص الشيخ علي إسماعيل زين الدين، الذي انطلق، مذاك، في حركة لم تهدأ طيلة أكثر من أربعة عقود من أجل قيام المؤسسة ونجاحها وتوسيعها وترسيخ رسالتها ووضع مساراتها العملية والمعنوية في خدمة المعروفيين من أعالي الشوف إلى أقاصي وادي التيْم مرورا بجرد عاليه والغرب الذي يحمل تراث التنوخيين الأثيل بلا كلل ولا ملل ولا مهادنة ولا تقاعس، مستنزفا نفسه وعمره وكل حياته في الهاجس الذي استهلك منه كل شيء، هاجس أن تبقى الراية مرفوعة خفاقة، راية العلم والتثقيف والتربية والتقدم والنجاح بل وأيضا راية الكرامة والعنفوان المعروفي الموصول بالأخلاق والشهامة واحترام المكونات الجامعة لمعنى الوطن وعزته واستقراره”.
وأضاف: “كان الشيخ علي في سباق مع الزمن، لا توقفه موانع العصبيات الفئوية والحزازات البلدية والحرتقات الصغيرة، كان أكبر من ذلك كله. كان مفهومه العملي الواقعي للحركة النهضوية يتسع للوطن وها هي العرفان، لم تكن قلعة شوفية مستأثرة بالخيْر الاجتماعي العام بل هي بذلت الخيْر في كل أرجاء الوطن وربما تكون العرفان فريدة في عطائها وبنسبة المساعدات التي تقدمها للأهالي. ومع ذلك، لم تتخلف عن النمو بل بنتْ الصروح في المناطق المختلفة بالقوة عينها، وبالتصميم عينه، وبالمحبة عينها”.
وتابع،”لا بد من تسجيل مدى أصالة مفهومه الوطني، حيث أن الشيخ عليا بعد انتهاء سنوات الحرب واجه خصوم الأمس باللقاءات وبقوة الإرادة والقلب على تجاوز كل صفحات الماضي فكان له، إلى جانب وليد جنبلاط، أسهما كثيرة في تعزيز المصالحة وترسيخ مصداقية التمسك بها كفعل إيمان بوطننا لبنان”.
ووصلت إلى العرفان برقيات تعزية عدة أبرزها من الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في فلسطين الشيخ موفق طريف، رئيس لجنة التواصل الوطنية الشيخ عوني خنيفس. وقد أقيم للراحل موقف عزاء بالتزامن في بلدة عسفيا في فلسطين.