أشار نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إلى أنه “تقدّم بورقة تتضمّن سلسلة ملاحظات واقتراحات حول إصلاح إدارة مرفأ بيروت، خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 12 أيار الماضي”، مذكراً أن “مرفأ بيروت كان يدار من قبل مؤسسة خاصة بامتياز من الدولة حتى بداية التسعينات حيث استردّت الدولة ملكية المرفأ وعندها تشكلت لجنة موقتة تألفت في حينه من وزيرين: وزير الدولة لشؤون النقل ووزير الموارد المائية والكهربائية، وقد استمرت إدارة المرفأ بالعمل بحسب الأسس الإدارية عينها التي كانت تتبعها الشركة الخاصة وهي لا تخضع لرقابة ديوان المحاسبة”.
وأضاف حاصباني، لـ”وكالة أخبار اليوم”: “في وقت لاحق، تحوّلت هذه اللجنة إلى لجنة موسعة من 6 أعضاء ورئيس وهي لا تحمل صفة رسمية واضحة (ليست مؤسسة عامة ولا شركة خاصة) وتتبع لوصاية وزير الأشغال والنقل، مع العلم أن الموافقة على صرف أي مبلغ يتعدى 40 ألف دولار هي من صلاحيات اللجنة (مجلس الإدارة) وما دون ذلك فهو مع الإدارة”.
ولفت حاصباني إلى أن “رواتب اللجنة والموظفين لا تخضع لسلسلة موظفي الدولة ولا تتبع أعمال اللجنة قانون المحاسبة العمومية ولا ارتباط لها بالمالية”، مذكرا أنه “في العام 2014 صدرت توصية من لجنة الأشغال والطاقة في مجلس النواب تطلب وضع الحكومة اليد على الملف ووضع خطة شاملة للنقل البحري بما فيها النظر في دور المرافئ اللبنانية كافة”.
وردا على سؤال حول عائدات المرفأ، أوضح حاصباني أنه “في 2014 كانت عائدات المرفأ تقارب 250 مليون دولار دخل منها إلى خزينة الدولة قرابة 60 مليون (25%) بينما شكلت المصاريف 50% من العائدات و20% صرفت على مشاريع التوسعة”، مشيرا إلى أن “المرفأ حافظ على المستوى عينه من الإيرادات خلال الأعوام 2014 إلى 2018، مع تراجع نسبي بحوالي 5% سنويا بسبب الركود الاقتصادي”.
وفي هذا السياق، أشار إلى أننا “لا نعرف تحديدا ما هي عائدات المرفأ، إذ أنها لا تخضع لرقابة الدولة اللبنانية على الإطلاق بل هناك فقط مدقّق مالي مستقلّ كأي شركة خاصة ولكن دون أن تعرف الدولة على أي أساس وبناء على أي معطيات يتم الصرف على المشاريع وعلى الأكلاف التشغيلية”، موضحا أن “للدولة وصاية فقط المرفأ من دون ان يخضع لآلية الرقابة والتدقيق المعتمد في إدارات الدولة، كما أنه لا يخضع لديوان المحاسبة أو لقانون المحاسبة العمومية”.
واعتبر أنه “في السنوات الخمسة الماضية يفترض أن يكون المرفأ قد حقق 1،300 مليار ليرة من الإيرادات خلال 5 سنوات، تم تحويل حوالي 400 مليار خلال الفترة عينها أي بمعدل 80 مليار ليرة سنويا مع العلم أن التمويلات كانت متفاوتة بين سنة وأخرى. ففي 2014: 80 مليار، 2015: 80 مليار، 2016: صفر، 2017: 173 مليار، 2018: 110 مليار، وذلك وفقا للجداول الملحقة بالموازنات السابقة لإدارة مرفأ بيروت”.
وأردف: “نسبة أرباح المرفأ تقارب 130 مليار ل.ل. سنويا (بعد اقتطاع المصاريف التشغيلية) قبل احتساب قيمة الاستثمارات فيكون قد حوّل نسبة كبيرة من أرباحه إلى خزينة الدولة محتفظا بأكثر من 150 مليار ليرة للمشاريع الاستثمارية، يمكن تحويلها إلى الخزينة عام 2018 إضافة إلى الأرباح المحققة في هذا العام، لافتا إلى أنه “يفترض أن تحوّل مبالغ أكبر إلى خزينة الدولة، حيث وفقا لموازنة العام 2019 يجب أن تكون قيمة التحويلات 215 مليار”.
وانطلاقاً مما تقدّم، فإننا “نقترح تخفيض المصاريف خصوصا وأننا نمرّ بمرحلة تقشّف وكل أجهزة الدولة تمارس هذه السياسة، وكذلك تخفيف المصاريف الاستثمارية من أجل تحويل المزيد من الأموال إلى خزينة الدولة التي تتراوح قيمتها بين 50 و60 مليار إضافية. مع العلم أن لدى إدارة المرفأ نحو 150 مليار من العام 2018 لم يتم تحويلها إلى الخزينة، هذا إلى جانب ما سيتوفّر في العام 2019 وبالتالي يجب أن يكون لديها في نهاية العام 2019 حوالي 300 مليار ليرة”.
وعن الرقابة، قال حاصباني: “لا يمكن مراقبة لجنة موقتة إذ يجب وضع هيكليتها أولا”، مشيرا إلى “وجود ثلاثة طرق:
-تحويلها إلى إدارة مباشرة ضمن إحدى الوزارات وهذا ما قد يؤدي إلى تأخير العمل وتقييده.
-تحويلها إلى مؤسسة عامة ولكن رأينا ما حصل في 90 مؤسسة عامة في لبنان، حيث من النادر أن تكون واحدة منها قد حققت العمل الناجح كما يجب لأنها لم تستطع العمل كالقطاع الخاص بل عانت من الهدر والفساد، وهي بدورها تحتاج إلى ورشة إصلاحية. وبالتالي إضافة مؤسسة جديدة تحتاج إلى إصلاح لا يؤدي إلى تغيير في الوضع القائم.
وقال: “لذلك الطريقة الأفضل هي اتباع النموذج الأنجح عالميا في إدارة المرفأ وهو تخصيص الإدارة أي العودة إلى سابق عهدها وذلك وفقا للآتي:
-طرح 75% من الشركة للتخصيص ببيع الحصّة لشركة إدارة مرافئ عالمية وإعطائها رخصة تشغيل وإدارة وتطوير المرفأ لمدة 25 سنة.
-طرح 25% من أسهم الشركة على سوق الأسهم في بيروت لإشراك المواطنين والمؤسسات اللبنانية بملكيتها.
-فرض رسم 10% من العائدات لصالح خزينة الدولة، إضافة إلى الضرائب والرسوم المتوجبة بحسب القوانين المرعية الإجراء.
-وبحسب الإستحواذات الحاصلة في المرافئ حول العالم، يمكن تحصيل نسبة ما بين 10 و20 ضعف الأرباح السنوية إذا ما تم تخصيص الإدارة أي ما يراوح بين 1،300 مليار و2،600 مليار ل.ل. (معدل 2000 مليار ل.ل.) تدخل إلى خزينة الدولة دفعة واحدة، يضاف إليها سنويا قيمة 26 مليار من المشاركة بالعائدات.
وأضاف حاصباني: “بذلك، بدل انتظار 10 سنوات للوصول إلى مبلغ 1،300 أو 1،500 مليار ليرة فإنه يتحقق خلال عام واحد ويساهم في سدّ العجز، وفي الوقت عينه نؤمّن للمرفأ إدارة أنسب حيث أنه خلال فترة 20 عاما، تكون الدولة حققت مداخيل أعلى من التحويلات الحالية (مداخيل مقدّرة بحوالي 2،500 مليار ليرة مقارنة بنحو 1،600 من التحويلات المتوقعة إذا استمر الأمر على ما هو) مع الفروقات التالية:
-مساهمة فورية بتخفيض العجز وتقليص الديون.
-تطوير أداء المرفأ.
-الإتاحة لإدارة المرفأ بالإستدانة بشكل مستقل عن الدولة للإستثمار بمشاريع تطويرية.
-مداخيل ضريبية إضافية على الأرباح والنمو الاقتصادي”.
وأشار حاصباني إلى أنه “من خلال هذا الأسلوب يمكن تحسين الأداء وفي نفس الوقت تحقيق مدخول فوري للخزينة يساهم في سدّ العجز”، موضحا أن “الدولة تستمر عبر وزارة الوصاية أو هيئة تنظّم قطاع النقل البحري بوضع السياسات العامة لدور المرافئ الاقتصادية والاستراتيجية وتنافسيتها مع مرافئ المنطقة”.
وأكد “ضرورة أن يكون قرار تحديد وجهة المرافئ في يد الدولة اللبنانية ضمن خطة شاملة تتضمّن استحداث هيئة تنظّم قطاع النقل البحري ككل وتضع سياسة للنقل البحري والبري في لبنان، وبالتالي تحدّد وظائف وحاجات كل مرفأ على ضوء تطورات وحاجات لبنان والمنطقة العربية مع تطوير حوكمة وإدارة المرافئ بشكل واضح وشفاف”، معتبرا أن “النجاح الذي حقّقه مرفأ بيروت سابقا كان بفضل الإدارة من قبل مؤسسة خاصة”، مشيرا إلى أن “هذا الأسلوب يمكن أن يطبّق على العديد من المؤسسات المتعثّرة”.
وشدّد، في الختام، على “أهمية القدرة على التحديث والتطوير مع العلم أن الشركة الخاصة تستطيع أن تستقطب حاويات أكثر وحركة أكبر على المرفأ، وبالتالي إدارته بطريقة أفضل، وبذلك ننتهي من الغموض المحيط باللجنة الموقتة التي تعمل منذ سنوات”.