أكد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أن “قوة لبنان كانت ولا تزال من قوة مجتمعه ومؤسساته تحضنها الدولة في إطار النظام الحر والحريات العامة التي ارتبطت بالتأسيس منذ البداية وكرسها دستور 1926، وأكدها الدستور المعدل عام 1991 تبعا لما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني في الطائف عام 1989. ولكن تحضنها أيضا بالثقة. الثقة المستعادة بالدولة والتحدي الذي يواجهه المسؤولون، على أي مستوى كان، هو استعادة هذه الثقة”.
كلام الرئيس الحريري جاء خلال رعايته حفل التخرج لكليات الهندسة والطب والموسيقى واللاهوت في جامعة الروح القدس –الكسليك، بقاعة البابا يوحنا بولس الثاني في حرم الجامعة التي منحته درجة الدكتوراه الفخرية، بحضور حشد من الشخصيات الرسمية والأكاديمية. وفي ما يلي نص الكلمة:
وأضاف: “أيها الطلاب المتخرجون، تنطلقون إلى ميادين العمل والحياة مسلحين بالقيم والعلم والاختصاص. هو أيضا يومٌ لكل صاحب أمل، ولكل حامل لرجاء بالمستقبل، لمستقبل لبنان. لقد جلست قبلكم في مقاعد الخريجين، وتطلعت مثلكم إلى الأفق الواعد قبل أن تقودني الأقدار إلى الموقع الذي أنا فيه في رئاسة مجلس الوزراء، بالمآسي والصعوبات التي تعرفونها ولكن أيضا بالعزم الأكيد على تجاوزها، في اللقاء الدائم المضروب مع الغد. ونحن في لبنان كنا ولا نزال خير من يحسن المواجهة مع تحديات المستقبل، وقد برهن اللبناني تحت كل سماء، أنه مثال النجاح والتفوق والإبداع”.
وتابع: “نتجاوز السياسة وأوضاعها وما يحيط بها من أجواء. أدعوكم إلى اختراق هذا الضباب الذي يلف حياتنا اليومية ويقود الكثيرين إلى طرح التساؤلات. إفصلوا حياتكم المهنية الطالعة عما تسمعون وتشاهدون وتبينوا جيداً أين هو لبنان الحقيقي، لبنان الذي تمثلونه أنتم. فالسياسة لها أوقاتها ولكن لبنان هو لكل وقت. السياسة قضية ظروف والظروف تتغير، والأوطان الصلبة أقوى من أي ظروف”.
وأردف: “في لبنان ضوضاء سياسية كبيرة. ولكن الأوطان لا تتقدم وتتطور بالحياة السياسية وحدها. فاللبنانيون هم شعبٌ مميز وهم أرقى بكثير من أن يكونوا خاضعين لهذه المبالغات اليومية التي تتسبب بالتوترات والقلق وتظهر اللبنانيين من خلال انقساماتهم وتجاذباتهم وتحجب الأوجه الأخرى لإنجازاتهم.
وقال: “ليس من الضروري أن أكون في موقع المسؤولية لأقول لكم إن الأوقات الحالية، في منطقتنا بالذات، هي أوقاتٌ صعبة ومصيرية. فالنزاعات المسلحة فيها على الصعيدين الإقليمي والدولي ليست بحاجة إلى برهان وحتى اليوم بقي لبنان بمنأى عنها بجهودنا وجهود أصدقائنا الدوليين. ونأمل، رغم ما يشوب الحياة السياسية من مشاكل أن يبقى لبنان بمنأى عنها ليحقق دوره ورسالته في منطقته وفي العالم. ثقوا، في هذه الأوقات الدقيقة، أن السلاح الأول للمواجهة في كل مكانٍ وزمان وفي شتى الظروف، هو العلم والثقافة. إنه سلاحكم في المواجهة يعززه الإيمان وينير طرقاتكم أمام الخيارات الصحيحة والواعدة. هذه هي أمنيتي وتوصيتي لكم”.
ودوّن الحريري في السجل الذهبي للجامعة الكلمة الآتية: “يشرفني وجودي في هذا الصرح، وسنبقى معا نبني أجيالا متعلمة في أحسن الجامعات وسعادتي مضاعفة لتسلم دكتوراه فخرية من هذه المؤسسة المرموقة. والله الموفق”.