لم تعد مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وعددها 103 التي تطال خدماتها 9200 طفل، قادرة على الاستمرار في عملها الإنساني في ظل تقاعس الدولة عن تسديد حقوقها المتوجّبة عليها منذ سنوات.
اعتبارا من مطلع الأسبوع المقبل، تُقفل هذه المؤسسات أبوابها أمام المستفيدين من رعايتها حتى شهر أيلول علّ الدولة تتعاطى “بجدّية” مع هذا الملف الإنساني فتجد خلال شهري تموز واب حلا جذريا لمؤسسات الرعاية.
من المؤسسات التي ستُقفل أبوابها مطلع تموز المقبل، “سيزوبيل” التي تضمّ 1513 طفلا وشابا من ذوي الاحتياجات الخاصة يضاف إليهم 230 موظفا و298 من المختصين، ومؤسسة الهادي التابعة لجمعية المبرّات الخيرية التي تستقبل 640 طالبا.
وفي السياق، أوضحت المديرة التنفيذية لمؤسسة “سيزوبيل” فاديا صافي لـ”المركزية” أن “حقوقنا في ذمّة الدولة المقدّرة بنحو مليونين و500 ألف دولار لم نحصل عليها منذ عام كما أننا لم نوقّع العقود لصرف مستحقات العام الجاري في موعدها وهو ما يُثير مخاوفنا، إذ أن القانون ينصّ على توقيع العقود مع المؤسسات في تشرين الأول من العام الماضي لصرف مستحقات العام الحالي، كما أن مستحقاتنا لدى وزارة الشؤون الاجتماعية للفصلين الثالث والرابع من عام 2018 لم تُسدد حتى الأن والمقدرة بنحو 10% من قيمة حقوقنا المالية تجاه الدولة”.
وتعاني مؤسسة “سيزوبيل” أيضا من توقّف الجيش عن دفع مستحقاته لها منذ تشرين الثاني من العام الماضي، وذلك بناءً على اتّفاقية موقّعة بينهما من أجل رعاية أولاد العسكريين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وسألت صافي: “إلى متى سنتحمّل ثقل هذه الديون المستحقة على الدولة تجاهنا من أجل الاستمرار في تقديم الرعاية الاجتماعية؟ للأسف يستعملوننا كقميص عثمان لمحاربة المؤسسات الوهمية”.
وما زاد من طين أزمة “سيزوبيل” بلّة تدني قيمة المساعدات للمؤسسة منذ عامين وحتى اليوم، أضف إليها أزمة اللاجئين بالمطلق، حيث أن جزءا كبيرا من هذه المساعدات تحوّل إليهم.
وأشارت إلى أننا “نعوّل جدا على دعم ومساعدة الأفراد لكن لا يُمكننا الاستمرار بعملنا مع أطفالنا وشبابنا في الشهرين المقبلين قبل أن تقرر وزارة الشؤون الاجتماعية توقيع العقود وبشكل مُنتظم كل ثلاثة أشهر على جري العادة، إضافةً إلى تحديد سعر جديد للكلفة إذ أن العقود التي نوقّعها لا تزال نفسها منذ العام 2011 فيما الأسعار ارتفعت بشكل كبير”.
وقالت: “أعطينا أطفالنا وشبابنا فرصة تمضية شهرين مع عائلاتهم في المنزل لأننا لا نستطيع تغطية كلفتهما، علما أننا وكما كل عام كنّا نُنظّم نشاطات ترفيهية خلال هذين الشهرين على أمل أن تنتظم الدولة في دفع المستحقات المالية لنستقبل أولادنا مجددا مطلع أيلول المقبل وبدء العام الدراسي”.
جمعية الهادي: وكما أزمة “سيزوبيل”، كذلك مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية واضطرابات التواصل التابعة لجمعية المبرّات الخيرية التي تستقبل 750 طالبا.
وقال مديرها العام إسماعيل الزين لـ”المركزية”: “إننا بانتظار قدوم شهر أيلول لمعرفة ما إذا كانت الدولة ستدفع المستحقات المالية المتوجّبة عليها”، مشددا على “ضرورة صرف مستحقات الفصل الثالث من العام الماضي، فهو حق كان يجب أن يأتي في موعده لا متأخرا عاما كاملا”.
وأشار إلى أننا “نعوّل على ما يقوم به وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان لحلّ الأزمة التي تُعاني منها مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وعلى الكتل النيابية التي وعدتنا خلال جولة عليها تلبية حقوقنا”.
وأوضح الزين أن “التبرّعات الشخصية التي تُقدّم للجمعية لا تكفي لسدّ العجز المتراكم نتيجة تخلّف الدولة عن دفع مستحقاتها”، أملا في أن “تتعاطى الدولة بجدّية مع أزمة مؤسسات الرعاية الاجتماعية وتتحمّل مسؤوليتها، مع العلم أننا لن نتخلى عن رسالتنا الإنسانية”.