كتب د. مازن ع. خطاب في صحيفة اللواء:
ظهر التعاطي «الباسيلي» الطائفي البغيض مع المسلمين جلياً في عدّة محطات، فالوزير جبران باسيل الذي صرّح عام 2017، بأنّ تياره البرتقالي يطمح بأن يكون التيار الشيعي الثالث والتيار السني الثاني، يتعمّد إطلاق الشعارات الطائفية وإثارة النعرات باستمرار، من خلال سعيه الدؤوب الى رفع شعارات «استعادة» وترسيخ حقوق المسيحيين التي يزعم أن المسلمين السُنّة «انتزعوها» بموجب «اتفاق الطائف»، وهو لا يكفّ عن مهاجمة رئيس الحكومة والمسؤولين في المراكز السنّية في السر والعلن، بالمباشر وبالوكالة. وحاول أن «يوسّع البيكار» ذات مرّة فتطاول على شخص رئيس مجلس النواب، وجوبه بتحرك في الشارع نجح في لجمه ووضع حداً لتماديه.
ومعاليه (لا فضّ فوه) قال: «السنيّة السياسية أتت على جثة المارونية وسلبت كل حقوقها ومكتسباتها، ونحن نريد استعادتها منهم بشكل كامل». وهذا الكلام المستفزّ لم يتم نفيه بشكل قاطع، بل قيل في الردّ أنه وضع في سياق مختلف. وبعدها، أكّد معاليه من بلدة كفيفان أنّه لن يتوقف قبل استعادة كل حقوق المسيحيين، ومما قاله، «لن نتوقف قبل استعادة كل حقوقنا بالتساوي في هذا البلد، ولن نقبل إلا ان نكون متساوين».
وبالأمس، فاخر صحافي برتقالي، معروفٌ بخطابه المذهبي المبتذل والوضيع، قائلاً: «أنا عنصري مذهبي طائفي.. والفرنسيّون أعطوا لبنان لنا نحن!»، وهو يعني بذلك أنّ لبنان هو ملك للمسيحيين دون سواهم، وبذلك يكون إعطاء أي طائفة أُخرى حقوقاً فيه غبن «للمسيحيين البرتقاليين!».
حدّث ولا حرج عن ممارسات معاليه وتياره السياسي، الطائفية والمذهبية! نذكر منها ما جرى في العام 2018، حين رفض الوزير «السوبر» وفريقه السياسيّ تعيين موظّفين نجحوا في امتحانات مجلس الخدمة المدنية تحت ذريعة عدم وجود توازن طائفي ومذهبي في الناجحين،والحفاظ على «المناصفة»، مع أنّ الدستور اللبناني لم ينصّ على ذلك، وبينما حصر اتفاق «الطائف» المناصفة بأعضاء مجلس النواب وموظفي الفئة الأولى الى حين الغاء الطائفية السياسيّة
واليوم، يدافع رئيس بلديّة الحدث عن قرار اتخذه يمنع بموجه التأجير والاستملاك للمسلمين، معللاً ذلك بقوله «إننا نحن بالعلن وبكل فخر ضد التغيير الديمغرافي»، ليتبع ذلك بالقول: «فليتركونا نحافظ على مسيحيّتنا»، مهدّداً بتقديم استقالته في حال أوقف القرار، قائلاً: «إننا نعمل من أجل مصلحة المواطن، ونحن نقول للمسيحيين في الحدث ممنوع عليك أن تبيع أو تؤجر منزلك وتترك أرضك […]»
هذا الخطاب يتناقض مع العيش المشترك، وهذا الإجراء يتعارض مع الدستور الذي ينصّ على أنّ «أرض لبنان ارض واحدة لكل اللبنانيين. فلكل لبناني الحق في الاقامة على أي جزء منها والتمتّع به». ولا يُمكن ان يكون قد اتُّخِذ هذا القرار من دون غطاء رئيس تيار البرتقاليين.
ويبدو جليّاً أنّ معاليه يحاضر بالمساواة بين اللبنانيين في الواجبات والحقوق والشراكة، لكنّه يتعاطى مع الدستور والقوانين باستنسابية بما يتماشى مع مصالحه وطموحاته السياسية الأنانية وغير المحدودة!
وهذه التصريحات المتمادية بحق المسلمين، وخاصة الطائفة السنّية، والممارسات المذهبية، انّما تعكس نيّة الوزير باسيل في الاخلال بتوازن الصلاحيات، خصوصاً على مستوى رئاسة الحكومة، واعاده الوضع الى ما قبل «الطائف» بالممارسة ومن خلال تكريس الأعراف وخلق تسويات يومية وظرفية تحت شعار «الميثاقية» و»المناصفة».. مما قد يدفع البعض للمطالبة بإعادة النظر بالتحالف السياسي و»التسوية الرئاسية» وبقواعدها وأسسها!
ومن جهة ثانية، يبدو ان معاليه اختار درب المواجهة ليس فقط مع السنّة بل مع كلّ طرف ليس متماهياً مع السياسة «الباسيليّة»، ولأي طائفة انتمى، بما في ذلك الطائفة المارونية، خصوصاً أن معاليه يريد الحصّة الكُبرى من التعيينات باعتبار ان حقوق المسيحيين وما لهم يجب ان تكون بيده حصراً!
ولا تقتصر هذه المعادلة «الباسيلية» على المواقع المسيحيّة فقط، بل تشملالمواقع غير المسيحيّة حتى ولو حاول التعمية على ذلك عبر «إهداء» بعض تلك التعيينات الى شخصيات ليست منضوية تحت رايته الحزبية، ولكنها تحمل مظلته او تركن تحت عباءته
بالمختصر المُفيد: إن عدد «الباسيليين» لا يتعدّى عُشْر اللبنانيين في أفضل الأحوال! وإنّ محاولته لحصر الدور المسيحي بيده وحده، وتعاطيه العنصريّمع المسلمين، يجب ان يجابه بصفٍّ موحّد من العقلاء اللبنانيين، وخصوصاً المسيحيين منهم. وأسلوب معاليه المستفزّ الصارخسيبعده عن حلمه الرئاسي شيئاً فشيئاً لأنّاحداً لن يتجاوب معوصوله الكارثي إلى «قصر الشّعب»!