IMLebanon

باسيل يريد الحريري…”سامي الصلح 1957″!

كتب محمد نمر في صحيفة “نداء الوطن”: 

 

نجح “حزب الله” في صرف أنظار السنّة في لبنان، عن سلاحه وتجاوزاته للدستور واتفاق الطائف والانقلاب على الهوية العربية، مستخدماً “وزير العهد” جبران باسيل كوجبة دسمة بالسموم تجاه السنّة. وما دفنه “اتفاق الطائف” تمّت إعادة نبشه خلال الأعوام العشر الماضية. وورث باسيل ما كان يقوم به عون قبل توليه الرئاسة، والأخير صاحب الجملة الشهيرة: “قطعنا للحريري وان واي تيكيت”.

في العام نفسه2011، تم الانقلاب على حكومة الحريري خلال زيارته واشنطن، وحينها أطل باسيل بمؤتمر صحافي، متحدثاً باسم “المعارضة”، ناعياً مبادرة الـ”سين – سين”، لترتفع بعدها حدة المعركة، إلى حد رفع لافتات عونية، في ساحة الشهداء تصف “تيار المستقبل” بـ”الداعشي”. كان الـ”الستاتيكو” على حاله “14 و8 آذار”، ولم يكن السنّة يرون سوى رئيس “القوات” سمير جعجع رئيساً للجمهورية لانسجامه التام والعميق مع البيئة السنية، واستكملت المعركة بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان.

مهما كانت المبررات، لم يهضم السنّة دعم ترشيح عون إلى الرئاسة، ولم يتم تحضير الشارع لتسوية كسرت منطق “14 و8 آذار”، إلا بأنها كانت “لعدم خراب البلد”. فشُكل التباين في “تيار المستقبل” إزاء هذه التسوية، وعدد لا بأس به لم يصوّت لعون رئيساً، كما انقسم الشارع السني، بين من يكمل الطريق مع الحريري “على الحلوة والمرة”، وبين من فضّلوا الابتعاد عن الساحة السياسية بأكملها أو معارضة العهد علانية. وهكذا تحوّل السنة إلى “أم الصبي” بتبني مرشح “حزب الله” إلى رئاسة الجمهورية “غير رافعي الرأس”.

لم يفهم جميع السنة ما هي بنود الاتفاق، ويستنتج الدكتور رضوان السيد، وهو على علاقة “ليست بخير” مع الحريري، أولاً: إن التسوية بين الطرفين لم تقم على بنود، بل فقط على أن يكون عون رئيساً للجمهورية والحريري رئيساً للحكومة وما تبقى من ذلك اعتمد تحصيله على “التناقر والتصافق”، لكن هذا لا يعني أن “الوطني الحر” كان سيلتزم ببنود اتفاقية ما، لأنه أخلّ بها مع “القوات اللبنانية”، ثانياً: الاحساس العميق لدى رئيس الحكومة، بأن الفضل بوصوله إلى رئاسة الحكومة ليس للسنّة. كل هذه العوامل تدفع السيد إلى اعتبار حالة الحريري خلال الفترة الأخيرة أشبه بحالة الرئيس سامي الصلح، خلال توليه رئاسة الحكومة (1957 – 1958)، (كان رئيساً أوصله رئيس الجمهورية كميل شمعون إلى رئاسة الحكومة)، يقول السيد.

إنطلق العهد، وأوحت سياسة باسيل منذ البداية أنه يريد إعادة لبنان إلى ما قبل اتفاق الطائف، ظناً منه أن هذا الأخير أضعف المسيحيين في لبنان. وفُرض قانون الانتخاب على الحريري، وكانت نتائجه لمصلحة “الوطني الحر”، محققاً له أكثرية نيابية، واستكملت بـ”الدعس على أقدام رئاسة الحكومة” في عملية التشكيل واستحقاقات اخرى. انتزعت بعبدا حصة لرئاسة الجمهورية، تجتمع مع بقية الوزراء ضمن لقاءات “الوطني الحر”، وأصبح لدى باسيل 11 وزيراً، قادراً عبرهم على تعطيل حكومة الحريري، ما دفع بالأخير إلى ابقاء التفاهم قائماً وأكثر قوة من أجل أن تواصل المؤسسات الدستورية عملها.

وبسلاح رئاسة الجمهورية، لم يترك باسيل استحقاقاً إلا وتدخّل به، من تأليف الحكومة إلى التعيينات من الفئة الخامسة. في المقابل، دفع الحريري الأثمان من شعبيته وحصصه الوزارية من أجل عدم تعطيل لبنان. وبدأت رحلة التمادي لدى باسيل. مواقف عونية تدافع عن نظام سوري يراه السنّة مشاركاً في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وفي قتل السوريين (السنّة) في سوريا. وأخرى عنصرية تجاه اللاجئين السوريين والفلسطينيين (السنّة). ودفاع مستميت عن “حزب الله” وسلاحه في المحافل الدولية، ومواقف رسمية باسم الخارجية اللبنانية ترضي إيران على حساب هوية لبنان العربية، تسببت أيضاً في ضرب العلاقة مع السعودية التي تعتبر الظهر الأقوى للسنّة في لبنان.

ومنذ تشكيل الحكومة، ورغم علاقته الوطيدة مع الحريري، تبنى باسيل حاجة “حزب الله” إلى سني من حلفائه، فأتى بحسن مراد وزيراً، وبدأ الأخير يفتح له الأبواب في البقاع، حيث خزان النائب عبدالرحيم مراد. ولم يسلم السنّة هناك من باسيل، فإضافة إلى التباين في قيادات حزب “الاتحاد”، بين كوادر الأب ومستشاري الابن، حول المهرجانات المتتالية التي يقدّمها الوزير الشاب لباسيل و”الوطني الحر” في البقاع، أطل “وزير العهد” بموقف كان بمثابة “القشة التي قصمت ظهر البعير”، بحديثه العنصري عن السنّة والمارونية السياسية. ولأن باسيل لم ينفِ سريعاً ما نقل عنه، اتخذ القرار في “المستقبل” بالإعلان عن بداية مرحلة جديدة عنوانها “كسر الصمت”، وتمثلت بردود من الأمين العام للتيار، لكنها أخذت طابعها السني مع مواقف “حادة” من الوزير السابق نهاد المشنوق من دار الفتوى وبعدها مواقف رؤساء الحكومات السابقين و”دار الفتوى” وتم تتويجها بخطاب عالي النبرة من الحريري أرضى السنّة، لكنه لم يقنعهم بتغطيتهم لعهد يريد من الحريري أن يكون “سامي الصلح 1957”.