كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:
بعد تأخير دام عشرات السنين استفاقت الحكومة على وجود مؤسسات عامة ينبغي اغلاقها لأنّها موجودة على الورق، وتكلّف الخزينة الملايين من دون ان تكون لديها أي وظيفة تقوم بها. وأول الغيث جاء من خلال قرار إلغاء المؤسسة العامة لضمان الاستثمارات.
قام مجلس الوزراء في جلسته يوم الخميس الماضي بما كان يجب ان يشرُع فيه ضمن موازنة 2018، حيث اتخذ قراراً بإلغاء المؤسسة العامة لضمان الاستثمارات، وكلّف وزير المال اتخاذ الاجراءات العملية لذلك.
هذا البند كان احد البنود الاصلاحية التي أوردتها الحكومة في موازنة 2018، والتي نصّت مادة من قانون الموازنة على الزام الحكومة بالعمل على ترشيق القطاع العام وإقفال وتسوية أوضاع المؤسسات العامة التي لم يعد لها دور، والتي أحصاها وزير المالية علي حسن خليل آنذاك بـ 84 مؤسسة عامة «قد آن الأوان لإعادة النظر فيها»، قائلاً، انّ «بعض هذه المؤسسات نستطيع الاستغناء عنها، وهناك مؤسسات نستطيع دمجها بمؤسسات أخرى أو إدارات عامة أخرى، مع الحفاظ دائماً على مصالح وحقوق الموظفين».
وبعد ان وصل وضع مالية الدولة الى وضع حرج، استفاقت الحكومة على احدى تلك المؤسسات العامة العديدة القائمة منذ 1972 والتي تُخصّص لها موازنات سنويّة.
لكنّ الحكومة لجأت الى أسهل الخيارات، حيث انّ المؤسسة العامة لضمان الاستثمارات هي مؤسسة مجمّد عملها ولا موظفين يعملون لصالحها.
«الدولية للمعلومات»
في هذا الاطار، اوضح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، انّ المؤسسة العامة لضمان الاستثمار أُنشئت في العام 1977 وهي تابعة لوزارة المالية وهدفها ضمان الاستثمارات. وقد تمّ تجميد عملها منذ العام 2008 بعد ان تقاعد كل موظفيها ولم يتمّ تعيين موظفين جدد او مدير عام جديد.
وأشار لـ»الجمهورية»، الى انّه عند تأسيسها في العام 1977 كان اسمها المؤسسة الوطنية للتوظيفات، ومن ثم تمّ تعديل اسمها الى المؤسسة الوطنية لضمان التوظيفات، الى ان اصبح اخيراً المؤسسة الوطنية لضمان الاستثمار. وكان الملاك المحدّد لها يتألف من 26 موظفاً.
وسأل شمس الدين: «لماذا تمّ إنفاق كل هذه الاموال وتخصيص موازنات لتلك المؤسسة طوال سنوات ليثبت بعد حوالى 40 عاماً عدم جدواها؟».
ولفت الى وجود عشرات المؤسسات العامة غير الفعّالة، على غرار المؤسسة الوطنية لضمان الاستثمار، تُخصّص لها موازنات سنوية وتدفع كلفة ايجارات مكاتبها ورواتب موظفيها وتعويضاتهم، في المقابل لا تقوم تلك المؤسسة بأي مهام.
ليست المؤسسة العامة لضمان الاستثمارات، المؤسسة او الهيئة العامة الوحيدة التي يجب اغلاقها، بل هناك امثلة عدّة عن تلك المؤسسات، منها المؤسسة العامة لترتيب الضاحية الجنوبية الغربية لبيروت «إليسار» والتي توقف عملها في العام 1997، إلا أنّ المؤسسة احتفظت بموازنتها السنوية البالغة 3.4 مليارات ليرة ونحو 40 موظفاً.
كذلك تخصّص الحكومة لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك اللبنانية التي لا يملك موظفوها مهاماً تُذكر، ميزانية سنوية قدرها 13 مليار ليرة لبنانية، في حين يعمل في إدارة البريد 60 موظفاً ولها ميزانية سنوية قدرها 6.8 مليارات ليرة رغم أنها أوقفت كل أنشطتها في عام 1998 عندما جرت خصخصة خدمات البريد، لكنها لا تزال تصمم الطوابع البريدية.
ومن المؤسسات غير الفعّالة أيضا: المؤسسة العامة للاسواق الاستهلاكية، المجلس اللبناني للاعتماد، مكتب الانتاج الحيواني، مؤسسات المياه، مؤسسة المحفوظات الوطنية، مصلحة معرض رشيد كرامي الدولي وغيرها…