كتب معن بشور في صحيفة “الجمهورية”:
أنْ تجتمع هيئات عربية ست، متعددة المنابت الفكرية والسياسية، متنوعة المشارب والاتجاهات في ملتقى شعبي عربي في بيروت يوم 7/7/ 2019، وتحت شعار «متحدون ضد صفقة القرن» له اكثر من معنى ودلالات.
أولاً: إن هذا اللقاء الجامع الذي دعت اليه المؤتمرات الثلاث القومي العربي، القومي الاسلامي، الاحزاب العربية، مؤسسة القدس الدولية، اللقاء اليساري العربي ـ الجبهة العربية التقدمية، تعبير عن إجماع تيارات الأمة والوان طيفها السياسي والحزبي والعقائدي على رفض صفقة القرن وكل مخرجاتها وتفريعاتها، بما فيها الاجتماع الفاشل في المنامة والذي أطلق عليه اسم «ورشة السلام من اجل الازدهار».
ثانياً: إن هذا اللقاء يكشف اتساع الهوة بين جماهير الأمة وقواها الحية وبين حكام ارتضوا ان يكون دورهم تنفيذ املاءات واشنطن ومن خلفها تل أبيب ولو على حساب الحقوق والمقدسات العربية، وهي هوة أنكشفت بوضوح يوم أمتلأت شوارع عربية بمسيرات الغضب، فيما أمتلأت سجون أخرى بمناضلين كل ذنبهم انهم ارادوا التعبير عن موقفهم إزاء صفقة العار…
ثالثاً: إن قوى الأمة الحيّة، على ما بينها من تباينات وصراعات، باتت تدرك أن أحداً منها، ومهما بلغت قوته، غير قادر بمفرده على مجابهة التحديات الكبرى التي تواجهها الأمة، قطراً قطراً، وجماعة جماعة، وهي تحديات تبدأ بمواجهة الاستعمار الاستيطاني في فلسطين وجوارها، ولا تنتهي بالمعارك ضد الفساد والاحتكار والاستبداد وغيرها من الافات التي تزدهر في ظل النفوذ الاستعماري بل وتعمل بالمقابل على تقويته.
رابعاً: إن هذا التلاقي لم يكن ليتم في هذا الملتقى، ولا في لقاء « الثاني من حزيران/ يونيو2019» الذي سبقه، ولا في الحراك الشعبي الواسع الذي شهدته الأمة من المحيط الى الخليج، لولا الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لصفقة القرن، والذي لم يكن سبباً رئيسياً في افشال «ورشة المنامة» فحسب، بل كان رافعة كبرى للنهوض الشعبي العربي والعالمي من اجل فلسطين وعلى طريق فلسطين…
خامساً: على الرغم من ان عنوان اللقاء هو «متحدون ضد صفقة القرن»، وان الحكمة تقتضي ان تبقى نقاشاته تحت سقف هذا العنوان، لكن هذا لا يمنع أن يكون الملتقى، وما يجري على هامشه فرصة أولية للتفاعل بين هذه القوى كافة على طريق تذليل الخلافات وانهاء الصراعات التي دمرت أقطاراً رئيسية في الامة وهي في طريقها لتدمير أقطار أخرى اذا لم نتنبه لها جيداً.
سادساً: إنّ تزامن انعقاد هذه الورشة مع انعقاد الدورة الثلاثين للمؤتمر القومي العربي هو تأكيد على تلازم العروبة مع مقاومة الصهيونية وداعميها الدوليين والمحليين، وان للعروبة بوصلة واحدة توجه باتجاه فلسطين ولها عدو واحد هو العدو الصهيو – استعماري..
سابعاً: إنّ انعقاد هذا الملتقى على ارض لبنان المقاوم الذي قدّم نموذجاً حياً لقدرة المقاومة على تحرير الارض وتحقيق الانتصارات معتمداَ على معادلة ذهبية هي «الشعب والجيش والمقاومة»… ومتكاملاً مع صمود شقيقته التوأم سورية في واحد من أروع ملاحم الصمود في هذا العصر، ومدركاً أن ما نراه اليوم من مشاريع خطيرة ما كان له ان يطل برأسه على وطننا لولا احتلال العراق عام 2003، ولولا الانقسام في فلسطين عام 2007، ولولا هذه الحرب المستمرة على سوريا وليبيا واليمن ومصر منذ عام 2011، ولولا القمع المشين لانتفاضة شعب البحرين تمهيداً لاستخدام أرضه الطاهرة منصة لعقد ورشة خيانية كورشة المنامة.
ثامناً: المطلوب في ملتقى حاشد جامع، كملتقى 7/7/2019، ان لا يكون مهرجاناً شعبياً وحفلا خطابياً بل ينبغي ان يكون ورشة عمل حقيقية تتضمن افكاراً واقتراحات ومواقف تسهم في استنهاض الحركة الشعبية العربية بكل الوان طيفها المناهض للمشاريع الاستعمارية والصهيونية.
وتاسعاً: إنّ الحضور الكثيف المتوقع في هذا الملتقى مع تحمل المشاركين كل أعباء المشاركة المادية والمعنوية، هو تعبير عن عزيمة ما زالت حيّة في نفوس أحرار الأمة، وارادة ما زالت قوية في قلوب المناضلين، وتصميم على المواجهة مهما اشتدت العقبات والعراقيل.