IMLebanon

غياب الإنجازات يؤجّل زيارة ماكرون إلى الخريف

كتب آلان سركيس في “نداء الوطن”: 

 

منذ انتخابه رئيساً للجمهورية الفرنسية في أيار من العام 2017، يدور حديث عن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى لبنان، لكن من دون أن تبصر هذه الزيارة الموعودة النور بعد.

ولا شك أن لبنان يعيش أجواء ضبابية من حيث علاقاته الدولية، فهذا البلد الذي كان صلة الوصل بين الشرق والغرب، وصاحب العلاقات الدبلوماسية الواسعة، أضحى مجرّداً من معظم علاقاته، حيث يعيد البعض السبب إلى السياسة الخارجية المتبعة منذ العام 2011 ، وانخراط “حزب الله” باللعبة الإقليمية والدولية ووقوف الخارجية اللبنانية إلى جانب المحور السوري – الإيراني الذي يواجه العزلة العربية والدولية. وما زاد السوء في علاقات لبنان هي المواقف التي تخرج بين الحين والآخر من وزارة الخارجية و”حزب الله” التي لا تقيم اعتباراً لدول وقفت الى جانب لبنان وساعدته في محنه المتلاحقة.

وما رفع من منسوب الحديث عن زيارة ماكرون الى لبنان، هو زيارة وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، وتركيزها على التعاون القائم بين لبنان وفرنسا في مجالات عدة لا سيما منها التعاون العسكري بين الجيشين اللبناني والفرنسي.

وفي السياق، فقد تمّ الإعلان عن زيارة ماكرون مرّات عدة سابقاً لكنها تأجّلت، وفي كل مرّة كانت تعطى أسباب مختلفة. وعلمت “نداء الوطن” من مراجع رئاسية أن لا زيارة لماكرون الى لبنان قبل أيلول أو تشرين الأول، هذا في حال تقررت.

وفي نيسان من العام 2018 عُقد مؤتمر “سيدر”، وجرت الإنتخابات النيابية بعده، من ثَمّ أتى التعطيل الحكومي واستغرقت عملية التشكيل أشهراً، وهذا الأمر دفع بفرنسا الى الاستياء، وبالتالي عدم وصول الأموال المقررة من مؤتمر سيدر1، وجرى الحديث مرات عدّة عن تحوّل وجهة الأموال الى دول أخرى.

وتؤكد المعلومات أن ماكرون لن يزور لبنان قبل تحقيق إنجاز ما، وسيأتي الى لبنان للحديث عن الإنجاز المتمثل بانطلاق العمل بالأموال وبداية صرفها وتحقيق الأمور المطلوبة، فهو لن يزور بيروت والبلاد مفلسة أو في خانة الانهيار.

والمطالب الفرنسية التي تردّدها فرنسا في كل مرّة يزور مبعوثها لبنان أو عبر السفير الفرنسي في بيروت هي الآتية:

أولاً: إقرار موازنة تلحظ كل البنود التي تحدّث عنها “سيدر”، وهذه الموازنة من المفترض إقرارها بعد أسابيع في مجلس النواب.

ثانياً: إقرار بعض البنود الإصلاحية التي تلحظ محاربة الفساد، فهناك مشاريع قوانين كانت مطروحة قبل “سيدر” وعالقة في أدراج مجلس النواب.

ثالثاً: إتخاذ خطوات إصلاحية في مجال الطاقة وعلى رأسها الكهرباء، فالهدر الكهربائي يوازي مليارين ونصف المليار دولار سنوياً وهذا أكبر مسبّب لارتفاع العجز والدين العام.

رابعاً: تحقيق إصلاحات في كل المؤسسات العامة، إذ أن باريس ودولاً كبرى ومنظمات عالمية تعلم جيداً مدى تغلغل الفساد في المؤسسات.

وأمام كل هذه المطالب الفرنسية والتي هي أصلاً مطالب الشعب اللبناني، فإنه من المستبعد حالياً قيام ماكرون بزيارته اللبنانية، لأن أكثر المتفائلين لا يرى أن لبنان سيسلك درب الإصلاح سريعاً.

ومن جهة اخرى، فإن ماكرون سيكون مطالباً في بيروت بإيجاد حلّ لملفّ النازحين السوريين، ذاك الملفّ الذي تحوّل الى قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة وتطال شظاياها كل المنطقة. ولا تملك فرنسا وفق دبلوماسييها، إجابات عن الهواجس اللبنانية في ما خصّ هذا الملفّ، لأن عودة النازحين مرتبطة بالحلّ السياسي في سوريا، وباريس لم تعد لاعباً دولياً كبيراً، بل إن اللعبة في الأساس هي بين يدي أميركا وروسيا.

وتتخوّف فرنسا من أن تطال الأزمة بلادها، خصوصاً أنها تعاني من أزمة النازحين الأفارقة، لذلك تقوم بكل ما بوسعها لإبقاء الاستقرار في لبنان، وإن أظهرت استياءها على تصرفات الطبقة الحاكمة إلا أنها لن تصل الى مستوى المقاطعة لأن اهتزاز أمن لبنان واستقراره سيسبّب اهتزاز المنطقة ككل.