لفت وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان إلى أن “لبنان وضع القضاء على التمييز وتحقيق المساواة بين الجنسين في أولى أولوياته وهو يسعى إلى تحقيق هذا الهدف في إطار مقاربة تنموية شاملة انسجاماً مع أجندة التنمية المستدامة 2030″، مضيفا: “إذا كان العمل الاجتماعي رسالة تختصر بمقوّماتها وأبعادها ونتائجها صورة وطن، فهذا الوطن نتمنّاه على امتداد العالم العربي نموذجا حافظا لسقف العدالة الاجتماعية ومبدأ تكافؤ الفرص”.
وأشار، في ورشة العمل الإقليمية حول تعزيز المساواة بين الجنسين في السراي الحكومي، إلى أن “جهودا كبيرة بذلت في السنوات الأخيرة على مستوى الإصلاحات التشريعية والتدابير الإجرائية المواكبة، أبرزها صدور القانون رقم 293/2014 المتعلق بحماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري، إلى جانب العديد من التعديلات على القوانين المعمول بها ومشاريع القوانين المطروحة والاستراتيجيات وخطط العمل الوطنية بما يعزز مجالات الحماية والمساواة بين الجنسين ويدفع باتجاه مشاركة المرأة على مختلف المستويات بما فيها المراكز القيادية ومواقع صنع القرار”، مؤكدا “السعي إلى تطبيق هذه القوانين عبر إقرار الآليات التنفيذية المناسبة، رغم التحدّيات الموجودة والمتمثّلة في نقص الموارد المتاحة لاسيما في ظل أعباء النزوح السوري وتداعياته على الواقع اللبناني”.
وشدد على أن “وزارة الشؤون الاجتماعية تسعى إلى تحقيق أهدافها بالارتكاز إلى عدد من نقاط القوّة في عملها، شارحا هذه النقاط: “أولا: قدرتها على التدخل على مستوى المجتمعات المحلية من خلال مراكز الخدمات الإنمائية التابعة لها والمنتشرة في مختلف المناطق اللبنانية (221 مركزا)، ثانيا: علاقتها التعاقدية مع أكثر من 400 مؤسسة رعائية وجمعية أهلية تقدّم باقة من الخدمات الصحية والاجتماعية والرعائية المتخصصة ما يبشّر بإمكانات هائلة في ظلّ التكامل بين القطاعين العام والخاص، ثالثا: استنادها إلى فريق إداري وفني من المساعدات والعمال الاجتماعيين القادرين على التدخل ميدانيا وإدارة الحالات”.
وقال: “باشرنا في سياق السعي لإنفاذ تطبيق قانون حماية النساء من العنف الأسري بإجراءات صياغة النظام التأسيسي للصندوق الخاص بمساعدة الناجيات من العنف المنصوص عنه في المادة 21 من القانون المذكور، كما بادرت إلى تدريب المساعدات الاجتماعيات في الوزارة على آليات التدخل وحضور التحقيقات، وأنجزت بالشراكة مع منظمة أبعاد الإجراءات التشغيلية الوطنية الموحدة الخاصة بالعنف القائم على النوع الاجتماعي والتي تشكّل الإطار الناظم لوضع معايير الجودة وأدوات العمل وآلياته للتعامل بمهنية مع الناجين والناجيات من العنف”.
وأوضح أن “الوزارة تسعى إلى مأسسة العمل في هذا الملف لجهة توفير الأرضية القانونية والتقنية واللوجستية اللازمة تمهيدا لبناء نظام الإحالة الوطني بالتعاون مع الجهات المرجعية المختصة كافة من قطاع رسمي وأهلي وخاص وبالتنسيق مع الوكالات الدولية المعنية، بهدف الحدّ من تأثير ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي في لبنان وانتشارها”.
وأضاف: “يأتي هذا العمل بالتزامن مع تنفيذ وزارة الشؤون الاجتماعية منذ العام 2014 “الخطة الوطنية لحماية الأطفال والنساء في لبنان” بالشراكة مع منظمة اليونيسيف، والتي تمّ في إطارها إنشاء العديد من المساحات الآمنة في عدد من مراكز الخدمات الإنمائية، تقدّم باقة خدمات متخصصة للمعرضات والناجيات من العنف، من دعم نفسي اجتماعي، خدمات رعاية صحية أوّلية، دورات تمكين اقتصادي اجتماعي، إدارة حالات، توعية على الحقوق وغيرها. وتتكامل هذه الخدمات مع ما توفّره المؤسسات الرعائية المتعاقدة مع الوزارة من خدمات متخصصة للنساء المعنّفات والمدمنات والمشرّدات والسجينات”.
وأعلن أن “عدد النساء المستفيدات من الخدمات الرعائية المتخصصة على نفقة الوزارة عن العام 2018: 222 سيدة معنّفة- سجينات 145- منحرفات/معرّضات للانحراف 97 سيدة”.
وكشف أن “الوزارة تعمل حاليا على وضع خطة عمل وطنية للحدّ من التزويج المبكر إلى جانب العمل على تطوير استراتيجية للحماية الاجتماعية، وتسعى للعب دور محوري كمؤسسة راعية للأنشطة التنموية من خلال تنفيذ برامج تسهم في مكافحة البطالة وحماية الفئات المعرّضة لمخاطر الفقر والعزلة الاجتماعية وتطوير آليات لزيادة مستويات التمكين في صفوف هذه الفئات”.
وفي إطار البرنامج الوطني للتنمية الاجتماعية والاقتصادية (مكوّن السجون)، فأشار إلى أن “الوزارة تسعى إلى تحسين الظروف المعيشية للنساء في السجون وأطفالهن حديثي الولادة من خلال تقديم خدمات صحية ودعم نفسي اجتماعي وجلسات توعية إضافة لتأمين الحاجات الأساسية لهنّ ولأطفالهنّ ومتابعة وضع الأطفال بعد ابتعادهم عن أمهاتهم”.
وتحدث قيومجيان عن “البرنامج الوطني لاستهداف الأسر الأكثر فقرا” المنفّذ من الحكومة اللبنانية وتعتبر وزارة الشؤون جهازه التنفيذي وهو يهدف الى القضاء على الفقر بمختلف أبعاده كما ان أحد ركائز شبكات الأمان الاجتماعي”، متابعا: “بلغ عدد الأسر المستفيدة من تقديمات البرنامج في العام 2015: 105849 عائلة لبنانية مسجّلة ومصنّفة تحت خط الفقر. أمّا العدد الإجمالي للأفراد المستفيدين فحدّد تقديريا في العام 2016 بـ 463788 فردا”.
ولفت إلى أن “الدراسات أظهرت أن تأثير النزوح أدى إلى ازدياد الفقر بحدود 170.000 حالة ما بين العام 2013 و2014″، مركزا على أنه “وبسبب ذلك عملت الجهات المعنية بالمشروع على استحداث خدمة جديدة هي “البطاقة الغذائية الإلكترونية” والتي منحت لـ10000 أسرة مصنّفة من الأسر الأشد فقرا تساعدهم على تأمين الغذاء بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي”.
وتطرق إلى “برنامج التخرّج التجريبي” الذي تمّ تطويره وهو يوفر فرص العمل للأفراد الذكور والإناث من الأسر المستهدفة.
ورأى أن “هذا البرنامج يكتسب أهمية لما يمثله من تطوّر في طريقة الاستهداف للأسر وإدارة التقديمات الاجتماعية التي تعتمد على بنك معلومات للأسر اللبنانية الفقيرة، كذلك يشكّل مصدرا تلجأ إليه بعض الوزارات والمنظمات الدولية غير الحكومية لتقديم المساعدات إلى الأسر اللبنانية الأكثر حاجة”، معتبرا أنه “يؤمّن عدالة أكثر في توزيع المساعدات لمواجهة الظروف المعيشية المتعثّرة”.
وشدد على “الجهود المبذولة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة جدية، وثمّة نقاط قوة على المستوى القانوني والإداري والموارد والخبرات المتاحة التي يمكن البناء عليها رغم ان التدابير والإصلاحات المتخّذة لا ترقى إلى حجم تطلّعات المناضلين في هذا المجال”.
وأمل، في الختام، أن “نفيق يوما على عالم تسوده ثقافة القيم واحترام الحقوق”، متوجها إلى النساء بالقول: “إلى كل سيدة في لبنان، تحية ووعد والتزام بأن نعمل كي يشرق ربيعها ربيعا دائما وقد أزهرت معه المساواة والعدالة الاجتماعية في وطننا”.