IMLebanon

سرحان: أرجو أن تغفروا لنا لأن جيلنا لم يبنِ وطنا

أشار وزير العدل ألبير سرحان إلى أن “وسط الصعوبات التي ترخي بثقلها على هذا الوطن الصغير، وعلى المنطقة بأكملها، يحتفل لبنان بجامعاته تخرج دفعة تلو دفعة من طلابها. وكيف لا نقف بدهشة واحترام أمام هذا اللبنان الصغير إنهم يستهدفونه كل يوم ولكنه ينبعث ويحيا كل يوم. وفي الوقت الذي يقبض العنف على الأرض والبشر ويتنقل من مكان إلى آخر، تنبت الجامعات في لبنان ليتعلم الشباب ويتثقف. إنه لبنان، إنها رسالته: صناعة العلم والمعرفة، والإبحار بهما إلى جميع بقاع الأرض، هكذا كان في عمق التاريخ وهكذا سيبقى”.

كلام سرحان جاء خلال إطلاق رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك الأب الدكتور طلال هاشم “فوج إلى العمل” دفعة ثانية من المتخرجين خلال حفل تخريج 1025 طالبا وطالبة.

وتوجه إلى المتخرجين بالقول: “على مشارف فجر جديد وغد رافل بالطموحات والأماني تتوجهون إلى مسارح الحياة مزودين بالوافر من المعارف وبالعالي من المناقب، بسلاح القلم والفكر والبصيرة والحكمة وشغف البحث والتوق إلى العطاء، ولا غرابة لأنكم نهلتم هذه الفضائل من لدن صرح جامعي روحي وطني إنساني ثقافي كبير، وفر لكم علما غزيرا وقيما راسخة”.

وأضاف: “تتصارع على هذه الأرض اليوم، ثقافتان: ثقافة المعرفة، وأنتم من نتاجها وثقافة التطرف الديني والإيديولوجي. فبينما يكبل التطرف بكل أوجه الإنسان بحدود مصطنعة بينه وبين أخيه الإنسان تأتي المعرفة، وتمحو كل هذه الحدود. التطرف يفرق أما المعرفة فتجمع. التطرف ينحدر بكم إلى الأسفل أما المعرفة فترتفع بكم إلى الأعلى. فما من قوة تحرركم من قشوركم كالمعرفة، إذ كلما غصتم عميقا في المعرفة، اقتربتم من الله واقتربتم بعضكم من بعض وقام لبنان الذي نريده”.

وتابع: “لقد تعلمت أن النجاح في العمل ليس ممكنا إن لم تحب عملك، فالحب هو القوة التي تحرر العمل من التعب والضجر وتملأه فرحا وجمالا. لم تكن طريقي معبدة بل كانت فيها حفر كبيرة وكثيرة، وهكذا ستكون الطريق أمامكم، غير أنني تعلمت أن الشجاعة ضرورية للوصول إلى نهاية الطريق. فإذا وقعتم يوما في حفرة وتملككم الخوف وعدتم إلى الوراء فلن تصلوا يوما إلى أهدافكم”.

وأردف: “تعلمت أيضا أن النجاح يحتاج إلى وقت طويل، فالطريق إلى الأعلى تحتاج إلى جهد كبير وصبر طويل. وتعلمت أن الفشل هو مرحلة يجب أن نمر بها للعبور إلى النجاح. وتعلمت أن المال والنفوذ والشهرة تشكل دون أي شك قوة كبيرة، أما القوة الأكبر فهي أن تمتلك نفسك وتحترمها. كثيرون تمكنوا من تسلق القمة إلا أنهم سرعان ما تدحرجوا إلى الهاوية. لقد جئت لأدعوكم إلى أن تحلموا أحلاما كبيرة وأحلاما أكبر من الوصول إلى المال والشهرة والسلطة أحلاما أكبر منكم، إذ أنكم تجهلون ما أنتم قادرون على صنعه غدا”.

وقال: “تعلمت أن السعادة هي عكس ما كنت أعتقد عندما كنت مثلكم، يومها كنت أعتقد أن السعادة هي النجاح ولكني عرفت الكثيرين من الذين تمكنوا من الوصول إلى القمة في عملهم ولم يتمكنوا من الوصول إلى السعادة. هذا بعض ما تعلمته أيها المتخرجون، أضعه بين أيديكم، عله يكون ذا فائدة لكم. ولا أخفيكم أنني خائف على مستقبل الإنسانية فيكم، التي بدأت تتراجع أمام التقدم السريع والمخيف في علم التكنولوجيا. إذ قد يأتي يوم يعتبر فيه كل ما ليس بالإمكان إدخاله في الكمبيوتر غير موجود بالفعل والحقيقة أن الأشياء الكبيرة في الإنسان غير موجودة في الكمبيوتر، فالحب والمحبة والحنان والرفق والسماح والنخوة والشهامة والكرامة والنبل كلها أشياء من طبيعة الإنسان ولكنها تبقى خارج عالم الكمبيوتر”.

وقال: “أرجو أن تغفروا لنا لأن جيلنا لم يبن وطنا يليق بكم وبطموحاتكم، ونأمل أن يتمكن جيلكم من بناء لبنان جديد بحجم عظمة تاريخه وعظمة حضوره في العالم. أيها المتخرجون، اذهبوا إعملوا وازرعوا في الأرض وطاردوا أحلامكم ولكن إياكم أن تنسوا يوما من أنتم ومن أين أتيتم ومن هم أهلكم وأي أرض في الأرض هي أرضكم”.

وختم: “غدا تبدأ مرحلة جديدة من حياتكم وستنشغلون في أعمالكم ولكن خصصوا، كل يوم، دقائق معدودة وارفعوا الصلاة إلى الله وأشكروه على كل ما أعطاكم ومن أجل لبنان اطلبوا منه أن يتطلع من السماء وينظر ويتعهد هذه الكرمة التي يداه غرستها ويصلحها”.