Site icon IMLebanon

جبل الازمات يرتفع وعملُ المؤسسات يتعطّل!

في وقت يحتاج لبنان الى أقصى درجات العمل المؤسساتي لمعالجة أزماته التي لا تعد ولا تحصى، من الوضع الاقتصادي الى معضلة النفايات وصولا الى عبء النزوح واللجوء، تعطّلت عجلة مجلس الوزراء متأثّرة بالتطورات الميدانية التي شهدها الجبل الاحد، وما خلّفته من شرخ عمودي بين اهل البيت الحكومي الواحد، فيما الاخطر في هذه الصورة، أن لا أفق واضحا بعد للمدى الذي سيتّخذه الخلاف الناشئ، وتاليا لا يمكن الحديث حتى الساعة، عن اي موعد جديد لانعقاد مجلس الوزراء. رئيس مجلس النواب نبيه بري قال منذ ساعات رداً على سؤال حول الحكومة وامكانية اجتماعها “كنا نحاول أن نصالح من هم خارج الحكومة، والآن نصالح الحكومة بعضها مع بعض، بالتأكيد انّ اجتماع مجلس الوزراء في اجواء اتفاق وحلول يبقى افضل بكثير من انعقاده في اجواء توتر سياسي”… النقطة التي تحتاج الى معالجة قبل التئام الحكومة باتت معروفة، وهي الاتفاق حول مسألة إحالة أحداث قبرشمون الى المجلس العدلي (وهو ما يطالب به الحزب الديموقراطي والتيار الوطني الحر) أو عدمه. فاذا لم يتأمّن توافق حول هذه القضية، ودعا الرئيس سعد الحريري الى جلسة، من غير المستبعد وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، أن يلجأ الفريق الاول الى لعب ورقة الثلث المعطّل لتعطيل نصابها. هذا ما حصل الثلثاء الماضي، وقد احتواه الرئيس الحريري آنذاك. لكن إن تكرّر مجددا، فمن غير المضمون ان “تسلم الجرّة هذه المرّة”، وهذا سيعني وضع الحكومة والتسوية السياسية برمّتها بين الازرق والبرتقالي، على المحكّ.

من هنا، ووسط حرص من قبل القوى السياسية كلّها على عدم الذهاب نحو المحظور في السياسة، فيما البلاد تغلي أمنيا واقتصاديا، يعمل الممسكون بمقاليد الحكم من بعبدا الى عين التينة فالسراي، على ايجاد صيغة توفيقية لمسألة المجلس العدلي تمنع انفجار مجلس الوزراء من الداخل، قد تكون قائمة على تسليم جميع الضالعين في حوادث قبرشمون الى القضاء ومحاكمتهم لتأخذ العدالة مجراها. واذا كانت الاتصالات بين المقار الثلاثة والمعنيين بأحداث الجبل كلّهم، ستُستكمل كثيفةً في قابل الايام لانضاج “تسوية” ما مرضية للجميع، تسمح بمعاودة الحكومة والبرلمان نشاطهما بعيدا من التوتر، فإن المصادر تأمل الا تطول هذه العملية. فالملفات والاستحقاقات تتراكم على طاولتيهما، ومن الضروري ان ينظرا فيها سريعا، كونها تؤثر على عمل ركائز اساسية في الهيكل اللبناني وعلى الحياة اليومية للبنانيين، وأبرزها تعيين نواب حاكم مصرف لبنان وهيئة ناظمة لقطاع الكهرباء، مرورا بايجاد حل لبلوغ مكبات النفايات قدراتها الاستيعابية القصوى، وصولا الى اقرار موازنة 2019 التي تنتظرها دول “سيدر” على نار، لتحدد في ضوئها، مصير الدعم الذي أفردته للبنان.

في الاثناء، وبالتوازي مع مساعي التبريد، من المتوقّع، حتى اللحظة، ان يزور وزير الخارجية جبران باسيل طرابلس نهاية الاسبوع، في حين تحرّكت المياه مجددا في الساعات الماضية، في مستنقع الخلاف “القضائي” بين المستقبل والتيار الوطني الحر مع إحالة وزير ​العدل​ ألبيرت سرحان معاون مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني حلمي الحجار، وقاضي التحقيق العسكري الاء الخطيب الى ​التفتيش القضائي​ لاتخاذ الإجراءات اللازمة بحقهما، الامر الذي ردت عليه اوساط “زرقاء” بالقول إن “القاضيين الحجار والخطيب فوق الشبهات ولا يحتاجان لشهادة من أحد، والاستهداف الذي يتعرضان له منذ عدة أشهر يقف وراءه أحد القضاة الذين أوصت هيئة التفتيش القضائي بكفّ يده عن العمل، دون أن تلقى هذه التوصية تجاوباً من وزير العدل بخلاف التوصيات السابقة”.

فهل ستساعد هذه المستجدات جهود تنفيس الاحتقان واحياء عمل المؤسسات أم أنها سترمي عصا اضافية في طريقها؟