على عادته عند انسداد أفق الحلول السياسية، دخل رجل المهمات الصعبة، المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم على خط حل الاشكالات السياسية ومعالجة الأزمة التي فجرتها حادثة قبرشمون بين الحزب التقدمي الاشتراكي، والحزب الديموقراطي برئاسة النائب طلال إرسلان.
على أن مساعي ابراهيم الهادفة إلى تهدئة النفوس المشحونة منذ عصر الأحد الفائت، تكتسب بعدا مهما انطلاقا من تزامنها مع جهود يبذلها “مبتكر مخارج اللحظات الأخيرة”، رئيس المجلس النيابي نبيه بري لإعادة المياه إلى مجاريها بين الحليفين التقليديين، الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحكومة سعد الحريري، علما أن الأخير يسعى، بدوره، على ما أشارت معلومات صحافية، إلى ترطيب الجو بين المختارة والتيار الوطني الحر.
ولا يخفى على أحد أن مساعي الحريري هذه قد لا تبلغ النهايات السعيدة المرجوة في أقرب الآجال. ذلك أن هذه المبادرة أتت بعدما بدت حادثة قبرشمون الشعرة التي قصمت ظهر البعير بين المختارة وميرنا الشالوحي، وهما على علاقة متوترة أصلا منذ ما قبل الانتخابات النيابية، حيث خاضا مواجهة نجح التيار في نهايتها في الاستحواذ على 3 مقاعد، إضافة إلى ذاك الذي يشغله إرسلان نفسه.
على أن ما يمكن تسميته “المطب” الأهم الذي يواجهه هذا المسعى يكمن بالتأكيد في أن طريق الحوار تبدو مقطوعة بين جنبلاط وباسيل، خصوصا بعد حادثة قبرشمون، على ما يؤكده مقربون من المختارة لـ “المركزية”.
في المقابل، يبدو التيار حريصا على عدم صب المزيد من زيت التصعيد على نار التصاريح السياسية المتبادلة، لكنّ ذلك لا يعني أي تراجع عن الموقف الذي أعلنه العونيون منذ اليوم الأول على الحادثة: “لن نستسلم لمنطق الكانتونات الطائفية، وهو ما تشدد عليه مصادر مقربة من التيار الوطني عبر “المركزية”، مذكرة بأن شهرين مرا على قداس المصالحة (23 آذار الفائت)، وقد استجبنا لكل طلباته في التعيينات”.
أما في ما يتعلق بالمطالبة بإحالة القضية الى المجلس العدلي، فأكدت المصادر “أننا نسير بهذا الموقف إنطلاقا من إصرار إرسلان عليه”، من دون أن تحسم احتمالات التراجع عن هذا الخيار، في ما لو اختار زعيم خلدة تموضعا مختلفا.
أما على ضفة المختارة، فثابتتان تحكمان مسار الأمور: لا مجال لإحالة القضية إلى المجلس العدلي، على ما تشدد عليه أوساط المختارة عبر “المركزية”، مشيرة إلى أن “الثابتة الثانية تكمن في رفض تسليم من يمكن اعتبارهم أبرياء.
وفي سياق المواجهة المفتوحة مع الخصم الارسلاني، لا يتردد الاشتراكيون في رمي الكرة في ملعب خلدة، مذكرين بأن كما أعلن رئيس الحزب الاشتراكي أنه تحت سقف القانون، فإن المختارة تنتظر من الحزب الديموقراطي أن يبادر إلى تسليم الشاب أمين السوقي، المتهم بتنفيذ جريمة الشويفات، التي ذهب ضحيتها، علاء أبو فرج، وهو أحد مناصري الحزب الاشتراكي، غداة الانتخابات النيابية الأخيرة.