كتب يوسف دياب في صحيفة الشرق الأوسط:
اتخذ الخلاف الناشئ عن الحادث الأمني الذي شهده جبل لبنان يوم الأحد الماضي، بين مناصرين للحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة النائب السابق وليد جنبلاط، ومناصري الحزب الديمقراطي اللبناني برئاسة النائب طلال أرسلان، وأسفر عن مقتل اثنين من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب وسقوط جرحى، بعداً قضائياً يضاف إلى البعدين السياسي والأمني، وتجلّى ذلك في الصراع على تحديد المرجعية القضائية التي تتولى محاكمة الأشخاص الذين يثبت تورطهم بعمليات إطلاق النار، إذ يصرّ أرسلان على إحالة القضية إلى المجلس العدلي، مدعوماً من «حزب الله» والتيار الوطني الحرّ وحلفاء النظام السوري في لبنان، فيما يرفض جنبلاط ذلك، ويسانده رئيس الحكومة سعد الحريري و«القوات اللبنانية»، باعتبار أن الحادث وليد ساعته ولم يكن مخططاً له، ولا تنطبق عليه أوصاف الجريمة التي تهدد أمن الدولة وتعرّض السلم الأهلي للخطر.
أما أبرز الجرائم الواقعة ضمن اختصاص المجلس العدلي فهي الخيانة، وحمل السلاح في صفوف العدو لمباشرة العدوان على لبنان أو شل الدفاع الوطني، أو اقتطاع جزء من الأرض اللبنانية لضمه إلى دولة أجنبية أو مساعدة الجواسيس أو جنود العدو، وخرق التدابير المتخذة للحفاظ على الحياد في الحرب والنيل من هيبة الدولة، وتغيير الدستور بطرق غير مشروعة، واغتصاب السلطة وإثارة الفتنة أو الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي، وإنشاء عصابات مسلحة أو ارتكاب جرائم الإرهاب، والاغتيالات التي تطال مرجعيات سياسية ودينية وبعثات دبلوماسية، وتفجيرات تؤدي إلى قتل جماعي.
وأوضح النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي أن إحالة الجرائم إلى المجلس العدلي لا تخضع لشروط محددة، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه «لا معيار قانونياً لإحالة هذه القضية أو غيرها إلى المجلس العدلي».
وقال: «الأمر يخضع لاستنسابية مجلس الوزراء، فإذا رأى أن الجريمة تمسّ أمن الدولة الداخلي يصدر مرسوماً بإحالتها إلى المجلس العدلي، وليس مضطراً لإعطاء مبررات لذلك»، معتبراً أنه «قرار سياسي في شأن قضائي». وشدد ماضي على أن «كلّ الجدل القائم حالياً هو سياسي ولا علاقة له بالقانون».
وثمّة أسباب سياسية «غير بريئة» للمطالبة بوضع الملف بعهدة المجلس العدلي، على حدّ تعبير قيادي بارز في قوى «14 آذار»، حيث أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الرغبة بإحالة الحادثة إلى المجلس العدلي، يراد منها القول إن هناك مخططاً وضعه نائب سابق (وليد جنبلاط)، لاغتيال وزير حالي (صالح الغربي)، وإلباس الحادثة لبوس القضية الوطنية»، مشيراً إلى أن الحريري «يصرّ على وضعها في سياق الإشكال الفردي والتشديد على طي صفحة الحادث».
من جهته، أمل مرجع قانوني في «عدم الاستعجال بإحالة الملف إلى المجلس العدلي، وانتظار نتائج التحقيقات التي تجري بإشراف النائب العام التمييزي».
ورأى أنه «إذا توصلت التحقيقات إلى أدلة تثبت أن هناك كميناً مسلحاً ومخططاً لاغتيال وزير أو شخصية سياسية بهدف إثارة الفتنة، عندها يجتمع مجلس الوزراء ويصدر مرسوماً بإحالة القضية إلى المجلس العدلي»، معتبراً أن «الإيحاء بأن هناك محاولة اغتيال فشلت، هو استباق للتحقيق ومحاولة ضغط على القضاء».