كتب أحمد الأيوبي في صحيفة “الأخبار”:
نشرت جهات إعلامیة خبراً مقتضباً احتوى تبني تنظیم داعش الإرهابي للعملیة التي قام بها عبدالرحمن المبسوط عشیة عید الفطر الماضي في بیانٍ مقتضبٍ وملتبس من حیث الشكل والتوقیت على حد سواء، في موقفٍ جاء متلازماً مع توقیت دخول الوزیر جبران باسیل إلى طرابلس في خطوة تلاقي أعلى درجات الاعتراض رداً على مواقف باسیل الاستفزازیة من قضایا المدینة ومجمل سلوكه السیاسي.
ثغرات البیان الداعشي من حیث الشكل:
لیس من طبیعة تنظیم داعش أن یتأخر في تبني العملیات التي یقوم بها، وقد مضى على عملیة المبسوط وقت یبدو أنه كان كافیاً لیتأكد التنظیم من أن أحداً غیره لن یتبنى العملیة فبادر إلى نسبتها لنفسه، بعد تآكل وجوده وتراجع دوره بشكل كبیر، وهذا یطرح علامات استفهام حول أبعاد هذا الإعلان وحقیقته، بالتزامن مع إفشال زیارة المستشار الثقافي الإیراني إلى طرابلس، وما ظهر من رفضٍ واسع النطاق لدخول باسیل إلى المدینة بعد اشتباكه المعلن مع الزعامة الجنبلاطیة في جبل لبنان.
أما من حیث المضمون، فإن نسبة العملیة إلى داعش تشوبه ثغراتٌ كثیرة، أهمها:
– أن عبد الرحمن المبسوط لم یكن محترفاً، بعكس عناصر داعش المدربین تدریباً عالیاً، كما أنه لم تكن لدیه خطة إخلاء ولا دعم لوجستي كافٍ لینفذ ما خرج من أجله.
– لم یجد المبسوط المال الكافي لتأمین السلاح والذخیرة، فاضطر إلى بیع أثاث منزله لیشتري ما یرتكب به جریمته، بینما یتولى تنظیم داعش تأمین كل هذه المتطلبات لتنفیذ عملیاته، وهذا یعني أن هناك مشغلین محلیین استطاعوا توجیه المبسوط بالشكل الذي یخدم مصالحهم الداخلیة والخارجیة، مستغلین ظروفه الشخصیة والنفسیة والاجتماعیة.
– لم یجد المبسوط أيّ بیئة حاضنة ولم یحصّل أي تعاطف حتى من أسرته ومحیطه، وهذا یُسقط نظریات باسیل وتیاره عن وجود امتدادٍ لهذا العمل الإرهابي.
– تعرضت طرابلس لحملة تشهیر شرسة من وزراء ونواب التیار العوني والأجهزة الأمنیة المرتبطة به، فكانت تصریحات وزیر الدفاع الیاس بوصعب المستفزة في مواجهة تصریحات اللواء عماد عثمان، والتوقیفات المستغربة التي قام بها جهاز أمن الدولة، وتحدیداً توقیفه الشیخ أیمن خرما بدون وجه حق واضطراره لإطلاق سراحه كونه بعیداً كل البعد عن الأعمال العنفیة، بینما المطلوب من كل الأجهزة الأمنیة اعتماد الحزم والشفافیة والتزام القانون ومنع تحویل هذا الجهاز أو ذاك إلى وسیلةٍ للانتقام السیاسي من طرابلس أو أي منطقة أخرى.
لماذا دعشنة طرابلس
لأن طرابلس هي المعقل السني الأبرز الصامد في وجه موجات الهیمنة الإیرانیة والسوریة، ولم تستطع مجازر التبانة في العام 1986 ولا موجات القتال الظالم الذي فرض على المدینة بین التبانة وبعل محسن، ولا تفجیرات مسجدي السلام والتقوى، أن تغیّر من خیارات الفیحاء السیاسیة والوطنیة.
ومن مستلزمات الدعشنة أن یواصل تنظیم داعش حضوره (الوهمي) في المدینة، ومن هنا جاء إعلان تبنیه لعملیة المبسوط.
لا زیارة بالإكراه
یشنّ جبران باسیل مستقویاً بحلفه مع «حزب الله» حرب إلغاءٍ على زعامة جنبلاط في الجبل وعلى دور أهل السنة مركزاً على طرابلس.
والیوم، أعلنت طرابلس بمجمل رأیها العام رفضها لقیام جبران باسیل باقتحامها ولیس زیارتها، فلا زیارة بالإكراه أو في ظل الرفض وعدم الترحیب.
وفي هذا التوقیت بالذات، یخرج بیان داعش لیعلن تبنیه لعملیة المبسوط، في موقفٍ من شأنه إعطاء مادة ومبرّر مجاني لإثارة الاتهام من جدید للمدینة، سواء على لسان باسیل مباشرة، أو من خلال أدواته السیاسیة والإعلامیة.
«احتلال» معرض طرابلس
یعتدي تنظیم داعش على سمعة طرابلس، ویقوم جبران باسیل بـ«إحتلال» معرض الشهید رشید كرامي الدولي، بدون الرجوع للرأي الفعلي لمجلس إدارته، بل من خلال ضغوط وزیر الوصایة (وزیر الإقتصاد) منصور بطیش لتأمین إستخدام قاعات المعرض لاستقبال باسیل في لقاءٍ سیاسي حزبي.. مع التذكیر بأن إدارة المعرض سبق أن منعت الرئیس نجیب میقاتي من استخدام قاعاته في الحملة الإنتخابیة الماضیة بدعوى منع النشاط السیاسي فیه.
طرابلس عصیة على العدوان
ستبقى محاولات الاستهداف من النظامین الإیراني والسوري لطرابلس قائمة، وما تفجیرا مسجدي السلام والتقوى عنا ببعیدین..
وطرابلس رفضت تنظیم داعش ولفظته وهو في ذروة قوته، ولن یستطیع إحیاء وجوده فیها وهو في طور التلاشي والانتهاء..
یقتحم جبران باسیل معرض رشید كرامي الدولي ویلجأ لتنظیم نشاطه فیه لأنه لم یجد من یستقبله بسبب استفزازه وسعیه للاستیلاء على حقوقها..
من انتصر على داعش لن یخاف جبران باسیل، ولن یجدي توظیف البیانات الداعشیة في حملات الدعایة السوداء لمن یحسب نفسه، واهما، الحاكم بأمره في البلد.