Site icon IMLebanon

قروض كفالات تنخفض 81%… الدينوصور ينتفخ

كتبت إيفون صعيبي في صحيفة “نداء الوطن”:

في وقت يستمر فيه الدين العام بالتراكم وسط غياب الإصلاحات الحقيقية، تنحسر قروض قطاع الانتاج؛ وتشير الأرقام الصادرة عن مؤسسة كفالات إلى أن القروض التي تقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والتي تضمنها المؤسسة قد انخفضت الى 4.3 ملايين دولار في الاشهر الخمسة الاولى من العام الجاري أي بنسبة 81٪ مقارنة بـ 22.5 مليون دولار في الفترة عينها من العام المنصرم. وفي التفاصيل، قدمت كفالات 35 ضمانة لقروض في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري في وقت وصل فيه هذا العدد الى 174 ضمانة في النصف الاول من العام 2018. هذا وبلغ متوسط حجم القرض 122.066 دولاراً خلال الأشهر الأولى من العام الجاري في حين لامس 129.213 دولاراً مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وهذا ما يتلاقى مع التحول في الوضع المالي العام الذي يدل على تراجع وتيرة نمو الإقراض للقطاع الخاص، بينما بلغ حجم القطاع العام 35% من الناتج المحلي.

استحوذت محافظة جبل لبنان على 51.4% من إجمالي عدد الضمانات في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2019، تليها منطقة البقاع بنسبة 23% وبيروت بنسبة 11.4%، والشمال والجنوب بنسبة 5.7% لكل منهما، والنبطية بنسبة 3% كما استحوذ القطاع الصناعي على37% من إجمالي عدد الضمانات في الفترة المشمولة، تلاه قطاع السياحة بنسبة 28.6% والقطاع الزراعي بنسبة 25.7% والتقنيات المتخصصة بنسبة 5.7% وقطاع الحرف اليدوية بنسبة 3%.
أطلقت الشركة عملها في العام 2000 برأسمال 20 مليار ليرة، وكان هدفها الأساس مساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم عن طريق منح قروض مصرفية بناءً على دراسات جدوى وخطط مؤسسية مقدمة من طالبي القروض.
تضمن “كفالات” التي ترعاها الدولة والتي تقدم من خلالها قروضاً مدعومة لإعداد وتوسيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم في القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة والسياحة والتكنولوجيا والحرف والطاقة. وركزت كفالات تسليفاتها على المناطق المنتشرة جغرافياً خارج بيروت على عكس قروض المصارف التي أفادت في المراحل السابقة القطاعات ذات الربح السريع مثل التجارة والخدمات على حساب القطاعات التي تحتاج إلى تمويل طويل الأمد.

لكن الارقام الاخيرة تؤكد ميل الحكومة الى كبح القدرة الابداعية والانتاجية للاقتصاد الحيّ، وما تخفيض حصة كفالات الى81% وفي الوقت عينه زيادة تمويل القطاع العام وما يرتّبه ذلك من زيادة في الدين العام الذي سجل ارتفاعاً امس7%، الا دليل على جشع الطبقة الحاكمة.
ففي وضع اقتصاديّ هشّ كالذي يهيمن منذ فترة قريبة – بعيدة، لا شك أن “التنمية الاقتصادية” هي الضحية الاولى لتراكم العجز والدين العام وتداعياته على المستويين المالي والنقدي. فـ “كفالات” كانت تمد الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم بالتمويل وهي بالتالي “الموظف الاول” (First Employer) في لبنان والتي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الحي. أما ما يحكى عن حوافز جذب أو استبقاء شركات كبيرة محلّية كانت أم عالمية ليست سوى محاولة اصطياد أسماك السلمون في بحيرة مسدودة. هكذا يتضح ان السياسة التي تتّبعها الحكومة ذاهبة، وعلى نحو مطرد، في اتجاه “لجم” القدرة الابداعية والانتاجية و”ردع” المبادرات الفرديّة في شقّيها المتوسط والصغير بدلا من “تطميحها”؛ فالحكومات المتتابعة جهدت لامتصاص القدرة التمويلية ولم تترك سوى…الفتات للاقتصاد الحرّ وذلك بلا أدنى شك لصالح “دينوصورات المال”.