كتب محمد نمر في صحيفة “نداء الوطن”:
“تفجير الحكومة ممنوع”، هو سقف فرضه الرئيس سعد الحريري على كل القوى السياسية، وبنى حركته “الطارئة” تجاه أحداث الجبل وفق ثلاثة خطوط. الخط الأول: تجنب الحريري الوقوع في فخ الحلول الأمنية، وشدد على وجوب مقاربة الأحداث من منطلق سياسي، وهو ما شدد عليه في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى، حيث حذّر من زجّ الجيش والقوى الأمنية في مواجهة مع الأهالي في الجبل.
الخط الثاني: تركّز على التهدئة وفتح قنوات الاتصال مع الجهات المعنية كافة وتحديداً مع “الحزب التقدمي الإشتراكي” والحزب “الديمقراطي اللبناني” و”التيار الوطني الحر”.
الخط الثالث: هو خط حماية الوضع الحكومي من ارتدادات المشكلة وتجنيب طاولة مجلس الوزراء اشتباك الطرفين الدرزيين فوق الطاولة وتفجير الحكومة من الداخل. وبناء على الخطوط الثلاثة جاء قراره بتعليق جلسة مجلس الوزراء، وفي الوقت نفسه كانت جهوده تتركّز على مخارج قضائية ساهمت في تسليم عدد من المطلوبين.
خريطة المعالجة التي وضعها الحريري اصطدمت بعاملين اثنين، الأول: التصعيد الكلامي الذي شارك فيه مختلف الأطراف، وبلغ ذروته مع إصرار وزير الخارجية جبران باسيل على خطاب تصاعدي أصاب بشظاياه “القوات اللبنانية”. الثاني: إصرار طلال ارسلان على رفض تسليم أي مشارك باطلاق الرصاص في قبرشمون ورفع منسوب الاحتقان من خلال الإصرار على تحويل القضية الى المجلس العدلي. الأكيد، أن الحريري لا يرى موجباً لإحالة القضية إلى المجلس العدلي قبل أن تسلك التحقيقات الأولية مجراها الطبيعي وتتحدد من خلالها الطبيعة القانونية والسياسية للحادث، لذلك تريّث منذ اليوم الأول في هذا الشأن، وبقي على تواصل مع الجميع لتقريب وجهات النظر من دون جدوى.
أما العارف بسياسة الحريري، فيؤكد أنه سيتجه إلى حسم الأمر من موضوع انعقاد مجلس الوزراء، وسيكون على تواصل مع الرئيسين ميشال عون ونبيه بري لايجاد منفذ لهذه المشكلة، لكنه لن يسمح بتفجير الحكومة من الداخل، كما لن يسمح بتعطيل مجلس الوزراء الى ما لا نهاية، فهو يرى أمامه استحقاقات لا يمكن تجنبها وجدول أعمال اقتصادياً ومالياً، ولا يستطيع البلد تحمل نتائج تعطيله، وعن كل هذا المسار من الواضح أن للرئيس الحريري ما يقوله في هذا الشأن… قريباً.