لا نتائج حاسمة للمساعي السياسية القائمة لسحب ذيول حادثة الجبل، ولا تراجع عند “الديمقراطي اللبناني” عن مطلب إحالة حادثة الجبل الى المجلس العدلي، والتراشق بين “التقدمي الاشتراكي” و”التيار الوطني الحر” مستمر، ولا موعد لجلسة مجلس الوزراء هذا الاسبوع، إذ أكد رئيس الحكومة سعد الحريري أنه لن يدعو لعقد جلسة لمجلس الوزراء قبل أن يهدأ الجميع، وقال: “خليهم يروقوا على الناس وعلى البلد”.
وابدى تفاؤله رغم الجو السائد اليوم، مؤكداً أنها “غيمة وستمر”، داعياً الى “إبعاد السياسة عن مصلحة المواطن”.
وما لم يقله الحريري أورده تلفزيون “المستقبل” في مقدمة نشرة الأخبار: الحريري “يتحصّنُ بالصبر والتفاؤل والامل ويتّخذ من التهدئة أسلوباً وهدفاً لن يتخلى عنه، لكنّه الآن في ذروة الاستياء والتذمّر من المسار الذي بلغته السجالات والنكايات السياسية، ومن خطاب التحدّي الذي يَتنقّـل بين الاحزاب والتيارات والمناطق”، واضافت: “الرئيس الحريري ، إذا شاؤوا قادر على التزام مكتبه في السراي الحكومي، من الآن والى أن تقومَ الساعة، أو الى أن تحين لحظة الوعي لدقّة الظروف التي تواجه لبنان، فيُدرك الجميعُ عندها، انّ مجلسَ الوزراء ليس ساحة لتصفية الخلافات السياسية أو للانتقام”.
واستبعد نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني عقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع. وقال لـ”نداء الوطن” إن “الوضع الإقتصادي دقيق وصعب، ويجب الا يطول غياب مجلس الوزراء بل يجب ان يستنفر الجميع لإيجاد حلول لأزماتنا”. واعتبر أن “السجالات والتشنجات لا تخدم أحداً، وهي مضرة بالبلد بينما الاولوية هي للإنقاذ، لذلك يجب على كل فريق ان يتحمّل مسؤوليته في هذه اللحظة الحرجة”.
هذه خلاصة نتائج الاتصالات السياسية المستمرة ومحاولات تدوير الزوايا، إذ استنفرت حادثة قبرشمون المسؤولين، في محاولة منهم لايجاد مخرج للمأزق القائم، بعدما وصلوا الى قناعة مفادها أن استمرار الجو الراهن سيدفع البلد الى أزمة حكومية واضحة المعالم وبالتالي إلى ازمة وطنية، إذ ليس في قدرة أحد على تحمّل استقالة وزراء “الاشتراكي”، إذا احيلت الحادثة إلى المجلس العدلي، كذلك إن نصاب الاحالة غير متوافر، حيث ستصب نتيجة التصويت لمصلحة عدم الاحالة بسبب رفض فريق بري – الحريري – القوات – الاشتراكي، وفي حال تأييد “المردة” مطلب “حزب الله”، خلافاً لموقفه الحقيقي لرفضه تمرير الكرة لباسيل تأتي النتيجة تعادلاً سلبياً، ولا مصلحة لرئيس الجمهورية بأن يظهر بمظهر الخاسر امام رئيس “الاشتراكي” جنبلاط.
لذلك، بين عدم خسارة رئيس الجمهورية بالتصويت حرصاً على موقعه وبين عدم خروج “الاشتراكي” من الحكومة، بات المأزق على الجميع. ويتوقع أن يتراجع عن رفع لواء المجلس العدلي في ظل عدم تأييد أي طرف مطلب رئيس “الديمقراطي” طلال إرسلان، حتى رئيس الجمهورية عندما ارسل بطلبه أبلغه بوجود مساع في هذا الاتجاه، ويبدو أن إرسلان لن يكسب أي شيء باستثناء عناوين عون الثلاثة: في القضاء تتواصل التحقيقات حتى نهايتها، في الأمن استتباب الوضع، وفي السياسة العودة إلى التسوية القائمة، خصوصاً أن العهد لا يتحمل فرط الحكومة والانتظام العام والاستقرار، الأمر الذي ينعكس سلباً عليه.
وفي انتظار تصاعد الدخان الابيض، تكثّف الحراك على خط قصر بعبدا ـ عين التينة ـ السراي الحكومي ـ خلدة ـ كليمنصو. وزار مستشار رئيس الحكومة غطاس خوري الرئيس عون ناقلاً إليه رسالة من الحريري تناولت التطورات الاخيرة والتحرك الذي يحصل من اجل معالجة تداعيات حادثة قبرشمون.
وشدد الوزير علي حسن خليل على وجوب ان تعالج القضية على 3 محاور أمنية – قضائية – سياسية وليس من خلال محور واحد، مشيراً الى ان التحرك اليوم يتم على المحاور الثلاثة. وأبدى اطمئنانه بأن “الاتجاه الآن لإيجاد مخارج تحفظ المسار القضائي وتعزز الاستقرار الأمني والانفراج على مستوى الحكومة”.
وواصلَ المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم جولته، فزار عون والحريري وارسلان وجنبلاط بغية تأمين تسليم كامل المطلوبين الى التحقيق في الاحداث الاخيرة وما يساهم ذلك في تنفيس الاجواء وعودة الاطمئنان الى الجبل. غير ان أي إيجابية على هذا المستوى لم تسجل، باستثناء ما لفت إليه ابراهيم إلى أن ارسلان أكد له “استعداده لتسليم كل المطلوبين من قبله والمساعي مستمرة وبحاجة لبعض الوقت لتتبلور”.
وأشار جنبلاط إلى أن الحزب “ليس من رواد الفضاء كالبعض الذي يريد تعويم نفسه بأي ثمن، لذلك يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار وهو منفتح على جميع المسارات ومطمئن ومرتاح لكنه يطالب بالحد الادنى من احترام العقول والكف عن المزايدات الهزيلة”.
في المقابل، اعتبر تكتل “لبنان القوي” أن “مسألة المجلس العدلي تعود الى مجلس الوزراء المعني بمرسوم الإحالة توصيفاً للحدث الأمني الدامي والخطير بتعريض حياة وزير للخطر”.