تتضارب المعلومات المتوافرة حول مآل مساعي “وسيط الجمهورية”، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم للملمة ذيول حوادث قبرشمون، بين من يقول انها حققت خرقا، ومن يرى انها لا تزال تراوح في ظل تمسّك الحزب الديموقراطي اللبناني بإحالة الملف الى المجلس العدلي، من جهة، وإصرار الحزب التقدمي الاشتراكي على رفض هذا المطلب، من جهة ثانية.
وفي انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من تطورات على هذا الصعيد، على أمل ان تكون “قمحة” لا “شعيرة”، تعتبر مصادر سياسية سيادية عبر “المركزية” ان ثمة خطوتين ضروريتين لا بد من اتخاذهما للخروج من المأزق الذي لم يصب فقط العمل المؤسساتي في الصميم، بل وضع التسوية السياسة الرئاسية كلّها على المحكّ.
الخطوة الاولى، بالمختصر المفيد، عنوانها “ارفعوا أيديكم عن القضاء”!
فبدلا من استباق التحقيقات وحسم بعض الاطراف سلفا القرار في ما جرى في ذلك الاحد “المشؤوم”، معتبرين انه كمين مسلح ومحاولة لاغتيال وزير في الحكومة وتاليا لا بد من إحالة الملف الى المجلس العدلي، قد يكون القرار السليم والافضل تسليم المطلوبين الى القضاء وترك التحقيقات في الاجهزة المعنية تأخذ مجراها، فتحدد هي، في نهاية المطاف، ما اذا كان من الضروري تحويل القضية الى المجلس العدلي ام لا. وبذلك، تكون الطبقة السياسية تعطي القضاء الاعتبارَ الذي يستحق بدل ان تتجاوزه وتهمّشه، كما انها تُبعد “عبوة ناسفة” خطيرة، عن طاولة مجلس الوزراء، فتسمح بانعقاده مجددا بعيدا من التوترات والخلافات.
والخوف هنا، تتابع المصادر، هو ان تكون بعض الجهات الداخلية تريد “استخدام” القضاء، لتحقيق مآرب سياسية، مقحمة اياه في زواريب ضيقة ستشوّه حكما، صورته وسمعته، خدمةً لمصالحها. بشكل اوضح، تقول المصادر ان قوى محلية تريد تكرار سيناريو “سيدة النجاة” الذي مهّد لـ”اعدام” القوات اللبنانية سياسيا عام 1994، عبر المجلس العدلي، مع الحزب التقدمي الاشتراكي اليوم، وهو ما المح اليه وزير الصناعة وائل ابو فاعور.
واذ تحذّر من هذا السلوك، وتطالب المعنيين بترك “القضاء” منزّها وعدم إقحامه في “الحروب” السياسية، تشير المصادر الى ان الخطوة الثانية المطلوبة الآن، هي العودة الى اتفاق الطائف واحترامه، خاصة في ما يتعلّق بصلاحيات رئيس الحكومة في تحديد جدول اعمال مجلس الوزراء. ففي وقت رفع الرئيس سعد الحريري مدعوما من رؤساء الحكومات السابقين الصوت، مدافعا عن “حقّه” هذا، تشدد المصادر على ان محاولات “حشر” الحريري ومطالبته بوضع بند “المجلس العدلي” على جدول جلسة مجلس الوزراء للمشاركة فيها، او تمت مقاطعتها، ستعني مزيدا من التعطيل والشلل، كما انها ستفاقم الاحتقان السياسي – المذهبي في البلاد.
وفي رأي المصادر، الرئيس الحريري يدرك جيدا دقة الوضع، وهو الاكثر حرصا على عدم نسف حكومته من الداخل وجر البلاد الى ما لا تحمد عقباه سياسيا وماليا واقتصاديا وأمنيا. وبالتالي، المطلوب إعطاء الاتصالات التي يجريها، المجال والوقت الكافيين، لتأمين الظروف الافضل لانعقاد جلسة من دون تشنّجات، على ان يلبي الجميع الدعوة حين يوجهها رئيس الحكومة.
أما إن لم يصر الى اتخاذ هذين التدبيرين، فإن الازمة السياسية ستستمر، وستسرّع هرولة لبنان نحو الهاوية.