أراد رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع من خلال مؤتمره الصحافي المطول وضع النقاط على الحروف في الموضوعين المالي والاقتصادي، كما استغله ليطلق سهامه في أكثر من اتجاه ونحو أكثر من شخصية، وخصوصاً الوزير جبران باسيل والنائب سامي الجميل، كما مرّ بشكل عابر على العقوبات الجديدة المفروضة على “حزب الله”.
لم يسلم كثر من سهام جعجع، حتى الرئيس سعد الحريري نال نصيبه من “اللطشات” لأنه “لا يدرك على أي أرضيّة يقف وبالتالي كيف يجب أن يعمل” كما قال رئيس “القوات”.
أفكار كثيرة وطروحات عديدة لدى جعجع وحزبه لانتشال لبنان من الوضع الذي يمر به، وتستحق في قسم كبير منها التنويه والإشادة، مع العلم أنها تشكل تقاطعات مهمة مع ما طرحه باسيل في ورقته الاقتصادية التي قدمها إلى الحكومة خلال مناقشات الموازنة، ما يجعل من غير المفهوم عدم الاتفاق بين جعجع وباسيل لتحقيق النقاط المشتركة بينهما ماليا واقتصادياً وإصلاحياً!
الشرح المفصل لتصوّر “القوات” الاقتصادي، والذي شكل مقترحات متفرقة وليس رؤية ومشروعاً شاملين، لم يسقط واقع أن عين جعجع في مؤتمره بقيت على جولات باسيل المناطقية. “علينا جميعاً أن نزور جميع المناطق اللبنانيّة رغم ان لا من سبب لقيام الوزير باسيل منذ نحو شهرين بهذه الزيارات”، هو تأييد شكلي من جعجع لزيارات باسيل تمهيداً لانتقاد خطاباته المتنقلة ووصفها بخطابات التشنج التي ستدمّر البلد، مشيرا الى ان العودة إلى “إخراج الموتى من القبور” بشكل مغلوط جداً ويعادي كل حقيقة من أجل إثارة الضجة حولنا مثير للإستغراب والشفقة.
يغفل جعجع واقع أن باسيل هو أيضاً رئيس أكبر تيار مسيحي، وبالتالي تأتي جولاته المناطقية في إطار طبيعي، لا بل مطلوب شعبياً في ظل انتقاد اللبنانيين للمسؤولين الذين لا يزورونهم سوى قبيل الانتخابات النيابية، والسؤال لم لا يحذو جعجع حذو باسيل؟
يحتاج “الحكيم” إلى قراءة الواقع اللبناني بشكل دقيق، لأن مشكلة اقتصادنا ووضعنا المالي لا يتعلق بنقص في الطروحات، ولا في الحاجة حصراً إلى شفافية ونظافة كف، وهما مطلوبان حكماً من كل رجال الدولة. لكن المشكلة باتت في قلب نظامنا الكين يمكن أن يطلق عليه لقب “نظام التعطيل المتبادل” لأن لا أحد يملك صلاحية اتخاذ القرارات التي باتت “توافقية” ما يجعل إمكان اتخاذها معطلاً لاستحالة إرضاء الجميع، ويقيناً لو كان جعجع رئيساً للجمهورية لما كان قادراً على تغيير تفصيل واحد مما نعيشه اليوم وليس لغياب النية، إنما لأن أي تغيير يحتاج إلى توافق الجميع في حين لكل طرف حساباته الداخلية والخارجية ومصالحه الخاصة، وكل طرف يعني كل طرف من دون استثناء، في حين أن “القوات” تكتفي بمهاجمة “التيار الوطني الحر” ومصالحه وتغض النظر عن جميع الآخرين!
في المناسبة، لماذا يبقى جعجع مقيماً في معراب عوض التواصل على الأرض مع الناس، طالما أنه يضمن استقبالات أكثر حفاوة من استقبالات باسيل؟ لربما يسمع “الحكيم” من الناس، بدءاً بناسه، الكثير الكثير غير ما ينقل إليه المحيطون به، أقله لربما كان سمع مثلاً أن تنظيم مهرجانات الأرز ليست كما صوّر لنفسه ولمتابعي مؤتمره الصحافي، ولربما كان سمع شكوى الناس من سوء التنظيم الذي دفع من قصد الأرز إلى حرق ساعات من وقتهم للدخول والخروج وليس بـ5 دقائق على الإطلاق. بالمناسبة لو كان “الحكيم” يستعمل مواقع التواصل الاجتماعي، وموقع انستغرام تحديداً لربما كان تابع مباشرة كل الـStories المنتقدة بشدة لسوء التنظيم!