Site icon IMLebanon

العونيون: لا تختبرونا في أيّ حرب جديدة!

كتبت كلير شكر في صحيفة “نداء الوطن”:

لا حاجة للتدقيق في خطابات العماد ميشال عون إبان حرب تموز، لتقدير موقفه في الوقت الراهن، في حال وقعت الحرب من جديد. صحيح أنّ المقاربة باتت مختلفة كون “التيار الوطني الحر” صار “نصف الدولة” وأكثر، بعد جلوس عون على كرسي بعبدا، لكن الجوهر لا يزال نفسه، واستطراداً النتيجة.

ثمة قناعة راسخة لدى معظم من يعرفون عون جيداً أنّ ما أقدم عليه قبل 13 عاماً، نابع من معتقداته العقائدية والسياسية. البعض اعتبره “ضرب جنون” وآخر رهاناً خاسراً لا بل انتحارياً. وحده كان يعرف أنه يتصرف بناء لقناعاته، إلى أن أثبتت تجارب العلاقة مع “حزب الله” أنّ موقفه “التاريخي” لم يلوث يومها بالحسابات الضيقة… ولو أنّه أوصله إلى قصر بعبدا بفعل “ردّ الجميل”.

أيقن “الجنرال” أن إسرائيل لن تربح في حربها على لبنان، قال لمن تحلقوا حوله في منتصف تموز 2006: “بعد الآن، لن يكون هنالك غلبة لإسرائيل على العرب”. لا بل قال بعد نحو أسبوعين من الحرب: ما قبل تموز لن يكون كما بعده.

مقابل صمود عون وجرأته، كان ثمة من يقدّر مواقفه عالياً ومن ينظر اليه بأنه حامي ظهر “المقاومة”، رغم تلقيه رسائل تهديد وترغيب لتغيير موقفه على حدّ ما كشفه بنفسه في وقت لاحق حين قال إنه “على الأقل كانت الغاية من الرسائل لفض الصوت الذي كان على ما يبدو يزعجهم كثيراً”.

يشير النائب حسن فضل الله في كتابه “حزب الله والدولة” إلى أنّه “وفق ما أبلغني إياه العماد عون، فإنَّ السفير الأميركي جيفري فيلتمان ناقش معه بإسهاب موقفه من “حزب اللَّه” على ضوء اندلاع الحرب، وما الذي سيُقدم عليه، ولماذا لا يحاسب الحزب على ما قام به. ردَّ الجنرال أنَّ حادث حدود لا يؤدّي عادةً إلى حرب، ولا يؤدّي إلى رد فعل بهذا الشكل إذا لم تكن هناك استعدادات مسبقة، وإلَّا يكون ما تعلَّمناه في الدورة العسكريَّة في الولايات المتحدَّة خطأ، أو أنَّهم كانوا يكذبون علينا في تلك الدورة. وحين ألحَّ فيلتمان بضرورة اتِّخاذ موقف وما الذي سيقوله لـ”حزب اللَّه”، ردَّ العماد عون: “الآن وقت الحرب وسنحارب معه”.

من يعرفون عقل عون جيداً يجزمون أنّ موقفه كان نتيجة تحليل سريع للوضعين الداخلي والخارجي، وأنّ “التضامن كان ردة فعل طبيعية تقضي بأن يتضامن أي لبناني مع وطنه وأرضه وشعبه وأصدقائه عندما يتعرضون لاعتداء، فكيف إذا كان الأمر اعتداءً إسرائيلياً يستهدف ثلث الشعب اللبناني؟”.

أكثر من ذلك، يؤكد هؤلاء أنّ الجنرال كان واثقاً من قدرة “المقاومة” على الصمود مقابل عجز الآلة الاسرائيلية رغم حداثتها، على احتلال الأرض، وبالتالي كل ما يريده العدو هو زرع الفتنة، ولذا قرر “التيار” التصدي لها متيقناً أنّ النصر سيكون حليفه، ولو وقعت الخسارة العسكرية.

ولهذا لم يتردد عون في الذهاب “إلى الآخر” في موقفه ولو أنّ وقع مسارعته دعم “حزب الله”، كان مدوياً لدى قيادة “الحزب” وبيئته التي تفاجأت بصلابة موقف الرابية، مقابل أصوات اعتراض راحت تلوم الضاحية الجنوبية على خطوتها في خطف الجنود الاسرائيليين، والتي تسببت بالحرب المدمرة.

يقول العونيون إنّ السؤال عن موقف “الوطني الحر” اليوم في حال تجدد مشهد التدمير الاسرائيلي، لا طائل منه، وغير قابل للنقاش أو المناورة.

في ذاكرة “التيار”، ما يكفي من مواقف موثّقة في “الكتاب البرتقالي”، تفاهم مار مخايل، البيان الوزاري للحكومة، وغيرهما من الأوراق المكتوبة التي تؤكد حق لبنان في الدفاع عن أرضه.

بالنسبة لهم، إنّ وجود عون على رأس المؤسسات الدستورية لا يعني أبداً تراجعاً عن هذه القناعة. لا بل العكس تماماً. كل “التيار” معني بهذه القاعدة، ولا يشذّ رئيس “الوطني الحر” باسيل عنها، وفق تأكيد العونيين.

التشكيك بأداء باسيل
لا تغيّر علامات الاستفهام حول موقف باسيل من العداء الايديولوجي لإسرائيل، شيئاً. يعتبر العونيون أنّه لا غبار على مواقف رئيس “التيار” ازاء “المقاومة”. أعلنها أكثر من مرة على “راس السطح”. قالها في نيسان الماضي بوضوح: “لبنان اليوم حكومة وشعباً لا يرغب في شن حرب على تل أبيب، ولكنه يريد حماية أرضه وموارده من الاعتداءات الاسرائيلية. وإذا فرضت الحرب على لبنان، فإنه سيرد عليها ويحمي نفسه”. كما رددها مثلاً أمام قمة اسطنبول في أيار العام الماضي “المقاومة سبيل التحرير والكرامة”.

ولهذا، يجزم العونيون انّ موقف “التيار” محسوم من هذه القضية، ولا لبس حوله، على عكس ما يعتقد البعض وتحديداً أولئك الذين يغمزون من قناة باسيل الساعي إلى إمساك العصا من وسطها لتقديم نفسه كمرشح غير مقولب في قالب واحد وإنما قادر على المواءمة بين الاصطفافات السياسية. وفق عارفيه، فإنّ رئيس “التيار” يحاول اسقاط تجربة عون في بلوغ الرئاسة، على تجربته: التصاق تام بـ”حزب الله” مقابل الانفتاح على بقية القوى. ولهذا، علاقته بالضاحية الجنوبية خطّ أحمر لا يقبل المس بها ولن يكون يوماً في موقع المساومة على تفاهمه مع “حزب الله” أو حتى التفريط به. ولا داعي برأيهم لتعريضه للاختبار.

ولكنه يسعى إلى توظيف هذا التفاهم. إذ قال في شباط الماضي: “على الحزب أن يقر أنّه لولا التيار لما كان صمد لا في وجه اسرائيل ولا الإرهاب، ولما كان استطاع الخروج من محاولة العزل”.