تراكمــــت الصعاب على كواهل لبنان في مرحلة اقليمية مزدحمة بالاستحقاقات الكبرى، فمن حادثة قبرشمون المعلقة في عنق مجلس الوزراء العاطل عن الاجتماع الى القرار الاميركي بوضع نائبين لحزب الله ومسؤول ارتباط الحزب في خانة الارهاب، وهو ما احرج الحكومة اللبنانية ومجلس النواب معا.
والمسألة كما طرحتها الادارة الاميركية ليست في عدم التمييز بين جناحي حزب الله، السياسي والعسكري، بل في التحذير من التمادي في العلاقة بين الدولة اللبنانية وحزب الله، الامر الذي رمى المشكلة برمتها في ملعب السلطات اللبنانية.
وهنا ثمة ما يشبه الاجماع على رد القرار الاميركي، توقيتا ومضمونا، الى الخيبة التي منيت بها زيارة الموفد الاميركي ديڤيد ساترفيلد الاخيرة الى بيروت ووصوله الى طريق مقفل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اصر على شروط لبنان حيال ترسيم الحدود الجنوبية برا وبحرا، في آن معا، وان تجري المفاوضات ضمن ستة اشهر، وبرعاية الامم المتحدة لا بضيافتها فحسب كما يشترط الاسرائيليون.
وتقول المصادر المتابعة لـ «الأنباء» ان ساترفيلد الذي كان يسرّع الامور لحل عقدة الترسيم واستتباعاتها النفطية بين لبنان واسرائيل على يديه قبل انتقاله الى مهمته الجديدة كسفير لبلاده في تركيا، غادر بيروت، وهو يقول ما معناه «أعذر من انذر».
وتعتقد المصادر ان الولايات المتحدة بعقوباتها المستجدة والمرشحة للتوسع انما تخاطب الجارة كي تسمعها الكنّة، بمعنى انها تضغط على السلطة اللبنانية من خلال اعضاء في البرلمان اللبناني ينتمون الى حزب الله كي توجع ايران اكثر، وهي هنا كمن ينفخ في الرماد.
وفي هذه الاثناء، تواصلت الانشغالات السياسية بتداعيات حادث قبرشمون في الجبل مع تواصل زيارات وفود الحزب الاشتراكي من جهة والحزب الديموقراطي من جهة ثانية الى الفعاليات السياسية لتوضيح الموقف وطلب المؤازرة في مجلس الوزراء، مع احالة القضية إلى المجلس العدلي او ضدها، فتوجه وفد اشتراكي برئاسة غازي العريضي الى بنشعي للقاء رئيس المردة سليمان فرنجية، وزار وفد من الديموقراطي برئاسة الوزير صالح الغريب دار الفتوى والتقى المفتي الشيخ عبداللطيف دريان الذي دعا القيادات الى تغليب الحكمة من خلال مساندة القضاء الذي هو مكمن ثقتنا والى دعم تحرك اللواء عباس ابراهيم، في حين بدا الغريب متمسكا بإحالة القضية الى المجلس العدلي.
ويبدو ان الحراك الذي قام به المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بدأ يؤتي ثماره، وفي معلومات «الأنباء» ان مختلف الاطراف باتت مقتنعة باستحالة احالة هذا الملف الى المجلس العدلي عبر الطريق المباشر، الذي هو مجلس الوزراء، دون ان يهز وحدة الحكومة، انما سيترك الباب مفتوحا امام فريق النائب طلال ارسلان الموصول بهذه القضية الى المجلس العدلي عن طريق القضاء، اي من خلال التحقيقات الروتينية، بحيث اذا تبين لقاضي التحقيق ان في الامر اعتداء على امن الدولة يستطيع ان يرفع يده عن الملف، والقول ان الامر اعتداء على امن الدولة فتحال حينئذ القضية الى المجلس العدلي، بحسب الصلاحيات.
وفي موازاة ذلك، قال رئيس لجنة المال والموازنة في مجلس النواب اللبناني إبراهيم كنعان ان اللجنة استطاعت أن تحقق المزيد من الخفض في العجز بمشروع موازنة عام 2019 عما كانت قد قدمته الحكومة، مشيرا إلى أن خفض النفقات الذي أجرته اللجنة وصل بنسبة العجز إلى الناتج المحلي إلى 6.59% بدلا من النسبة التي كانت قد ضمنتها الحكومة 7.59% في الموازنة المقدمة إلى المجلس النيابي.
وأشار النائب كنعان، في مؤتمر صحافي عقدته لجنة المال والموازنة امس بمجلس النواب، إلى أن اللجنة حققت خفضا كبيرا في النفقات بمشروع الموازنة المقدم من الحكومة، بأكثر من 550 مليار ليرة لبنانية (نحو 367 مليون دولار) على نحو انعكس إيجابا على نسبة العجز نزولا، كما أنها التزمت بعدم شطب أي إيراد للخزانة العامة للدولة من دون تقديم إيراد بديل.
وأكد أن العبرة في شأن نسبة العجز بالموازنة، تكون بتنفيذ الحكومة لبنود الإنفاق الواردة المحددة بالموازنة، كونها هي التي قدرت الإيرادات التي اقترحتها وهي المسؤولة عن التحقق والتحصيل.
ولفت إلى أن لجنة المال والموازنة انتهت تماما من دراسة مشروع الموازنة، وأن تقريرها سيتم تسليمه إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ليتم إدراجه في جدول أعمال الجلسة العامة المقبلة التي ستتم خلالها مناقشة الموازنة.
ونفى رئيس لجنة المال والموازنة وجود أي تقصير أو تأخير من جانب اللجنة في دراسة مشروع الموازنة، مشيرا إلى أن الموازنة وردت من الحكومة متأخرة لمدة 7 أشهر عن المهل الدستورية المحددة.