Site icon IMLebanon

تحركات لاحتواء أزمة العمالة الفلسطينية في لبنان

كتبت بولا أسطيح وكفاح زبون في “الشرق الاوسط”:

دخلت القيادة الفلسطينية على خط الأزمة الفلسطينية – اللبنانية، التي أثارتها إجراءات وزارة العمل اللبنانية بحق أصحاب بعض المهن المختلفة والعمال الفلسطينيين، ضمن خطة «مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية».
وتستهدف الإجراءات أساساً اللاجئين السوريين، ويطالب الفلسطينيون وقوى لبنانية باستثناء اللاجئين الفلسطينيين منها، استناداً إلى تعديل قانوني العمل والضمان الاجتماعي عام 2010، اللذين يلزمان الجهات المعنية بمعاملة اللاجئ الفلسطيني كفئة خاصة من العمال الأجانب.
واتصل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المشرف العام على الساحة الفلسطينية في لبنان، عزام الأحمد، بعدد من المسؤولين اللبنانيين، وأبلغ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني في الحكومة اللبنانية الوزير السابق حسن منيمنة، رفض إجراءات وزارة العمل اللبنانية التي أوقفت لاجئين فلسطينيين عن العمل لحين حصولهم على إذن عمل رسمي «ما ألحق الأضرار الكبيرة بالحقوق الإنسانية والمدنية للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان وأغلق أبواب المعيشة أمامهم».
وأكد الأحمد أن هذه الإجراءات «تتناقض تماماً مع الجهود التي تقوم بها لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني ومقترحاتها بشأن تنظيم إقامة وعمل وحقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بل وتتناقض مع القوانين والشرائع الدولية التي تنظم إقامة المهجرين واللاجئين في الدول كافة، فكيف بأبناء الأمة الواحدة؟».
وأضاف أن «هذه الإجراءات لن تخدم الأهداف المشتركة في مجابهة سياسة التوطين والتهجير التي تسعى لها دولة الاحتلال الإسرائيلي بدعم من الإدارة الأميركية».
وأجرى الأحمد اتصالات مماثلة مع رئيس جهاز الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، ورئيسة الكتلة البرلمانية لـ«تيار المستقبل» بهية الحريري، والوزير السابق غازي العريضي، والقيادي في «الحزب التقدمي الاشتراكي» بهاء أبو كروم، ومسؤول العلاقات الخارجية في «حزب القوات اللبنانية» إيلين الهندي.
وجاءت اتصالات الأحمد بعد تصاعد الغضب الفلسطيني من الإجراءات اللبنانية. وهاجم مسؤولون وفصائل، القرار، واحتج فلسطينيون في لبنان عليه. وقطع اللاجئون الفلسطينيون طريق مدخل مخيم الرشيدية بالإطارات المشتعلة احتجاجاً.
ولم تحل التحركات الفلسطينية الرسمية والميدانية وخروج مسيرات مساء الأحد في مدينة صيدا جنوب لبنان، دون تأكيد وزارة العمل على مضيها بتطبيق خطتها التي أدت إلى إقفال العديد من المحال والمؤسسات التي يمتلكها فلسطينيون أو يعملون فيها وختمها بالشمع الأحمر، ووقف عمل أعداد كبيرة منهم.
وشددت الوزارة، في بيان، أمس، على أن الإجراءات «تهدف إلى تطبيق القانون، وليست موجهة ضد أحد، ولا تستثني أي جنسية»، مذكرة بأن «القانون يُطبّق على أصحاب العمل اللبنانيين، فكيف لنا استثناء أصحاب العمل الأجانب من فلسطينيين وغيرهم».
وحسب الوزارة، ثمة استثناءات تميز إيجاباً اللاجئ الفلسطيني العامل في لبنان عن غيره من العمال الأجانب، أبرزها الإعفاء من رسم إجازة العمل، إضافة إلى استفادته من تعويض نهاية الخدمة، شرط أن يكون مقيماً في لبنان ومسجلاً في مديرية الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات.
ويمنع قانون العمل اللبناني، اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، من العمل في نحو 73 مهنة، ويسمح لهم بشكل أساسي بالعمل في القطاع الزراعي الموسمي والبناء ومهن يدوية أخرى. واستدعت إجراءات وزارة العمل تحرك لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني التي التقى رئيسها منيمنة أمس الوزير كميل أبو سليمان، لإبلاغه احتجاج اللجنة على تجاهل ما نص عليه التعديلان من الحفاظ على خصوصية العامل الفلسطيني وعدم معاملته بالمثل.
وقال منيمنة لـ«الشرق الأوسط»، بعد اللقاء الذي انضم إليه السفير الفلسطيني ووفد من القوى الفلسطينية، إن الوزير أبو سليمان «أبدى نوايا جيدة لإيجاد حلول ووعد بتسهيل حصول اللاجئ الفلسطيني على إجازة عمل من دون تعقيدات إدارية، إضافة إلى العمل على فك الربط الحالي بين الحصول على الإجازة وتسجيل العامل بالضمان، ما يجعل في كثير من الحالات هذا الأمر مستحيلاً».
وأوضح أنه اقترح على الوزير «أن تتخذ الحلول شكل آليات تصدر بمراسيم كي لا تخضع التدابير لمزاجية الوزراء الذين سيتعاقبون أو الإداريين أو حتى أصحاب العمل… كما كان هناك وعد بحل لإشكالية المؤسسات الفردية التي يمتلكها فلسطينيون، والتي تستوجب وضع مبالغ ضخمة في حال تقرر استقدام عمال للمساعدة». ولفت إلى أن الوزير تمنى على القوى الفلسطينية «وقف التحركات في الشارع خلال مرحلة صياغة الحلول».
وعقدت الفصائل واللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان ورجال أعمال وممثلون عن الأحزاب الفلسطينية اجتماعاً طارئاً، أمس، في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت، رفضاً للقرار. وتمنى السفير الفلسطيني، أشرف دبور، على الحكومة اللبنانية وقف القرار إلى حين الوصول إلى تفاهم.
واستغربت قيادة فصائل منظّمة التحرير الفلسطينية في لبنان «الإجراءات التي تقوم بها وزارة العمل اللبنانية بملاحقة العمّال الفلسطينيين في أماكن عملهم والقيام بتحرير محاضر ضبط قانونيّة وماليّة بحقّ مشغّليهم، تحت شعار مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية».
وأكّدت أن «هذا التصرف لا ينسجم مع الموقف اللبناني الرسمي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني والرافض لما يسمّى بـ(صفقة القرن)، الذي صدر عن الرؤساء الثلاثة في لبنان، ولا ينسجم أيضاً مع وحدة الموقف الرسمي والشعبي الفلسطيني واللبناني الرافض لمؤامرة التوطين، التي لا يكون التصدّي لها بالتضييق على اللاجئين الفلسطينيين، وبإغلاق أبواب الحياة أمامهم وتجويعهم، بل بتعزيز صمودهم وقدرتهم على مقاومة المشروعات والمؤامرات كافة التي تستهدف حقّ عودتهم، بما فيها مشروع التوطين».
كما عقبت حركة «حماس»، في بيان، على القرار، مطالبة وزارة العمل بالتوقف الفوري عن هذه الإجراءات وإعادة فتح المؤسسات التي أغلقت. وأكدت أنها «لن تقبل بتهديد حياة ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان»، واصفة إجراءات الوزارة بـ«سياسة القتل البطيء». وحملت «الجهة التي تلاحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومصادر رزقهم مسؤولية ما سينتج عن هذه القرارات من تبعات سياسية واجتماعية وإنسانية».