فرّقت أحداث الجبل بين مكونات الحكومة، ولم تنجح الاتصالات في رأب الصدع وهي مستمرة عبثاً حتى اليوم لتأمين جلسة لمجلس الوزراء، ولو ببند وحيد يحل معضلة قطع الحساب.
وتؤكد المعلومات أن “لا جلسة للحكومة هذا الأسبوع”، كما تستبعد مصادر وزارية سيادية انعقاد جلسة الأسبوع المقبل، فيما تنتظر “شعبة المعلومات” أن يسلّم النائب طلال أرسلان المطلوبين لديه. وأنجزت الشعبة تقريرها الذي بنته على معطياتها التقنية وتحقيقاتها مع الموقوفين من “الاشتراكي” وجاهزة لتسليمه إلى القضاء لكنها ستنتظر ساعات إضافية لجهود اللواء عباس ابراهيم.
في المقابل، لا تراجع في صفوف “الاشتراكي”، ورئيسه وليد جنبلاط صامد في موقفه بأن يسلم أرسلان الموقوفين ويوضع الملف في عهدة قضاء عادي الذي وحده من يقرر إذا كانت القضية تحتاج مجلساً عدلياً. وزار جنبلاط عين التينة وجدد انفتاحه على اي حل “بالتشاور مع رئيسي مجلس النواب والحكومة يتوّجُه الرئيس ميشال عون”. وقال: “هناك تحقيق يجب القيام به لكن ليس مع جهة واحدة”. وأكد انه منفتح لاحقاً على لقاء واسع عند عون من أجل تنظيم الخلاف. وزار وفد “الاشتراكي” دار الفتوى والرئيس سعد الحريري، وكشف النائب هادي أبو الحسن عن تفاهم مع الحريري الذي “يملك موقفاً واضحاً من الحادثة”. في المقابل اكد ارسلان ان “على الدولة تحمّل مسؤولياتها كاملة في الأمن والقضاء وإلا الآتي سيكون أعظم”. أما الوزير جبران باسيل فأكد أن “الحريري يريد حلاً سياسياً للمشكلة ومصرّ على عدم الدخول في جلسة للحكومة قبل إيجاد الحل”، وفي سياق المعالجات.
وأمام هذا المشهد التعطيلي للحكومة، بقعة ايجابية ستتمثل اليوم في جلسات مناقشة الموازنة التي ستلمّ الشمل الحكومي، وتستمر حتى مساء الخميس.
ولن تقتصر الانظارعلى قاعة الهيئة العامة بل ستتعدّاها الى الشارع لا سيما ان المشهد لن يخلو من تحركات معترضة، كحراك للعسكريين المتقاعدين وللاساتذة المتعاقدين.
وعشية جلسات الموازنة، كثّفت الكتل النيابية اجتماعاتها لتنسيق مواقفها، في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء لاحالة قطع الحساب الى مجلس النواب. وذكرت قناة المنار ان “من بين طُروح الحل إقرار الموازنة في مجلس النواب من دون قطوع الحسابات، فلا يُوَقِّعُ رئيس الجمهورية على نشرها في الجريدة الرسمية الا بعد انعقاد الحكومة وإحالتها مشروع قانون قطع الحساب الى المجلس النيابي.
ودعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الحكومة الى القيام بما يتوجب عليها بعد اقرار الموازنة وان تجتمع وترسل قطع حساب الـ2017 الجاهز في اسرع وقت، وحمّل مسؤولية التعطيل كما الخروج من الازمة لكل الفئات، محذراً من “الخراب اذا لم نتوحد فالبلد لا يحكم بالريموت كونترول”. وعبّرت كتلة “التنمية والتحرير” عن تأييدها للموازنة كما أقرتها لجنة المال بما يتناسب والضرورات المالية للدولة وحفظ الاستقرار النقدي.
كما أكد تكتل “لبنان القوي”، “الموافقة على الموازنة وسنصوت معها ولن نتخذ كغيرنا موقفا شعبوياً”.
وقال رئيس لجنة المال النائب ابراهيم كنعان: “موقفنا نفسه منذ العام 2010 برفض التسوية على الحسابات المالية وطلب الحكومة مهلة اضافية للتدقيق بالحسابات يبقي الملف مفتوحاً”، واعتبر ان “الموازنة ليست مثالية، لكن من الظلم القول ان لا اصلاح فيها وان كان غير كاف، اذ كان يمكن ادخال اصلاحات اضافية لو احالت الحكومة الموازنة ضمن المهلة الدستورية”، وأكد انه “يحق للهيئة العامة ان تعدّل بمواد الموازنة لكنني لا اتمنى لها ان تتحمل مسؤولية الغاء تعديلات لجنة المال الاصلاحية”. وعلمت “نداء الوطن” ان القسم الأكبر من نواب “القوات اللبنانية” سيتحدث ويتناول كل نائب ملفاً من الملفات المالية والاقتصادية المطروحة، مع التركيز على الملاحظات البنيوية التي دفعت “القوات” الى التحفظ على الموازنة في الحكومة ومعارضتها في مجلس النواب. وسياسياً، ستثير “القوات” مسألة عدم انعقاد مجلس الوزراء في لحظة وطنية واقتصادية وسياسية حرجة وضرورة الالتزام بسياسة النأي بالنفس.
من جهته، سيؤكد “حزب الله” ضرورة إقرار الموازنة من خلال عدم الموافقة على أي بند ضرائبي يمس بذوي الدخل المحدود أو المتوسط ومعالجة الهدر في الانفاق ومكافحة الفساد.
وعلمت”نداء الوطن” ان عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب نواف الموسوي الذي قاطع كل جلسات مناقشة الموازنة باستثناء مناقشة موازنتي الخارجية والعدل في لجنة المال، لن يشارك في الجلسات انطلاقا من عدم موافقته في الاساس على طريقة بحث الموازنة كونها لم تأت على ذكر تقليص خدمة الدين البالغة 36 في المئة من الموازنة و50 في المئة من العائدات الضريبية، اضافة الى ان “ظروف الموسوي الخاصة تتطلب منه البقاء الى جانب عائلته، بعد حادثة صهره وابنته”. من جهتها، اكدت كتلة “المستقبل” بعد اجتماعها برئاسة الرئيس الحريري وجوب عدم تجاوز نسبة العجز التي توصلت إليها الحكومة لأي سبب من الأسباب، والتثبت من صحة التخفيض الإضافي الذي توصلت إليه لجنة المال وقدرة الجهات المختصة على الالتزام به.